خالد أنيب .. رئيس تنفيذي مغربي لشركة أبوظبي الوطنية للفنادق

الإثنين, 19 مارس 2018

بإيقاع حياة من خبر العزف على آلة القيثار، مخرجا بأنامله من أوتارها تعابير وجدانية تتمايل بين القهقهة والأنين، يسير خالد أنيب في تجربته التي تعلن نفسها مثالا واضحا للتطور المستمر.

أنيب، الرئيس التنفيذي لشركة أبوظبي الوطنية للفنادق، الفاعل الضخم في "مجالات الضيافة" بدولة الإمارات العربية المتحدة، لا يتردد في إعلان تجربته نتيجة لـ"الأقدار"، ثم يستحضر تفاصيلها ليربطها بالجد وحسن الاختيار.

بلاد البهجة

فُتحت عينا خالد أنيب على الدنيا في "عاصمة المرابطين"، لتُوسَم شخصيته بما يميز المراكشيين من بساطة وخفة دم وإقبال على التعابير الثقافية والفنية، وهو ما يبقى محتفظا به بالرغم من الاغتراب أعواما خارج حدود المغرب.

"ذكريات الطفولة والشباب في مدينة مراكش لا يمكن إلا أن تكون جميلة؛ ما يرتبط بهذه الفترة من الأعمار له مكانة خاصة عند المعنيين به، وسحر مراكش وناسها يزيد البهاء حتى الحد الأقصى"، يقول خالد.

كثرة تنقل أسرة منيب في "بلاد البهجة" ربطت مساره الدراسي بعدد كبير من مؤسسات التربية والتكوين، يكشف المراكشي نفسه؛ من بينها تلك الحاملة أسماء "الحسن الثاني" و"ابن عباد" و"للا مريم".

"صباي جعلني أهوى الموسيقي، ولذلك انتميت إلى أوركسترا بادرت إلى التعاطي مع الغناء الغربي في مدينة النخيل. حرصنا على العزف كلما فرغنا من الحصص المدرسية، وشكلنا جمهورا يستمتع بما نقدمه"، يزيد أنيب.

استقرار في فنلندا

ينفي المغربي عينه أن يكون قد ابتغى الهجرة بعيدا عن المملكة، معللا ذلك بـ"الانتماء إلى رعيل لم يهتم بالتخطيط إلى المستقبل بقدر ما حمل هاجس عيش اللحظة"، بتعبيره.

ويقول خالد أنيب، في هذا السياق أيضا، إن "الجو المراكشي المؤثث بالأصدقاء الطيبين، والاهتمام بالدراسة مع ممارسة الموسيقى، لم يكن يتيح لي التفكير، بتاتا، في العيش خارج البلاد".

الظفر بعمل كعازف قيثار في فنادق بمراكش ومصادقة فنانين عازفين من إيطاليا، مع ما لقيته هذه التجربة الإبداعية من نجاح، من العوامل التي جعلت خالد يواكب مواعيد موسيقية، بمعية المجموعة نفسها، في الديار الأوروبية.

بحلول سنة 1989 اختار ابن مدينة مراكش الاستقرار في فنلندا، الدولة التي وصل إليها عبر جولة موسيقية، وشرع في الاشتغال بين الموسيقى والتجارة، ثم قرر الانخراط في الدراسة الجامعية بتخصص في الفندقة.

عن هذا الطور يورد خالد أنيب: "خيار الانطلاق في التكوين الأكاديمي كان متاحا أمامي؛ لأن فنلندا، حينئذ، كانت تقدم دعما ماليا لمن يريدون التعلم، ولذلك تخطيت سنوات التعليم العالي بإمكانات متوفرة".

العودة إلى المنطلق

بانتصاف العشرية الأخيرة من القرن الماضي، عاد خالد إلى منطلقه المراكشي، إذ حزم حقائبه وغادر شمال أوروبا بعدما قبل عرض اشتغال في منشأة فندقية، وكان ذلك بصفة "مدير ترفيهي".

فتحت أبواب تكوين إضافي أمام أنيب بعدما اقتنت "آكور أوطيل"، المجموعة الفرنسية المتخصصة في الفنادق، المؤسسة التي عمل بها عقب إنهاء تكوينه في فنلندا، مقررة الانفتاح على المستخدمين المعبرين عن رغبات لتطوير مستوياتهم.

بحلول السنة الثانية من الألفية الحالية، التحق الإطار عينه بأكاديمية هذا الفاعل الاقتصادي مدة سنة، ومقرها "عاصمة الأنوار" باريس، للخضوع إلى تكوين مركّز يجعل المستفيد منه ملمّا بالمهام الإدارية الكبرى في هذا المضمار.

إلى الخليج

"طلب مني إطلاق فندق لـAccorHotels في المملكة العربية السعودية، سنة 2004، فخضت تجربة ناجحة بناء على تقييمي لذلك، وبعدها عينت مديرا عاما في فندق للمجموعة بمملكة البحرين، ثم غدوت مديرا عاما لـSofitel في دبي"، يكشف خالد أنيب.

المسار المهني للإطار التدبيري المغربي قاده إلى "Banyan tree" ليعمل مديرا عاما لحسابها، ثم مسؤولا إداريا أولا مع مجموعة عبد المحسن الحكير للسياحة والتنمية في السعودية، معرفا باسمه ومبرزا كفاءته حتى أضحى معروفا في عالم المال والأعمال بالخليج.

توالي النجاحات جلب إلى أنيب عرض الرئاسة التنفيذية في "أبوظبي الوطنية للفنادق"، ليلاقيه بقبول فتح أمامه أول اشتغال من هذا النوع في مشواره المهني، بالغا الحين عامين في هذه الشركة شبه الحكومية التي تملك منشآت فندقية في الإمارات ومصر.

أبوظبي الوطنية للفنادق لها شركة محلية لإدارة "منشآت الضيافة" في أبوظبي والفجيرة، كما تمسك باستثمارات في النقل تشمل سيارات الأجرة في أبوظبي وحافلات ومركبات فارهة، زيادة على خدمة كراء سيارات، وترتبط المؤسسة أيضا بعمليات في تجارة التجزئة وصفقات التموين.

لجم الخيال

يرى خالد أنيب أن الصعوبات المواجهة في بداية كل تجربة هجرة تبقى عادية، لذلك تتوجب مواجهتها بقوة التأقلم مع المتغيرات، بينما يبقى تحديد الأهداف عاملا معينا على الاندماج في الفضاء الجديد للعيش.

ويقول المراكشي المستقر في أبوظبي: "نؤمن بالقدر من منطلقاتنا الهوياتية والعقدية؛ لكننا نصدّق، أيضا، بأهمية العمل في تحديد مستوى عيشنا، لذلك ينبغي أن يرسم الناس أهدافا تلائم قدراتهم الأدائية والنأي عن إطلاق العنان الخيال".

انطلاقا من العيش في دول الخليج مدة تزيد على 14 سنة حتى الآن، يردف: "تحسن مستمر يطال السمعة المتصلة بالجنسية المغربية هنا، ويعود الفضل في ذلك إلى نوعية من صاروا يشدون الرحال نحو هذه المنطقة".

كما يؤكد أنيب أن "المغاربة مطلوبون في الشركات الإماراتية بسبب الكفاءة والعمل الجاد، وهذا يكسر ما اعتادت عليه بعض الجنسيات العربية من احتكار لمواقع وظيفية بارزة"، ويختم: "الناجحون يجنون ثمار فرض الوجود بذكاء، انطلاقا من فهم الأوضاع واستثمار سابق الخبرات، فالفضاء الإماراتي يتقن لغة المردودية".

عن موقع هسبريس

الصحافة والهجرة

Google+ Google+