التيجانية أو الصوفية، إسمان ارتبطا بمؤسس الطريقة التيجانية التعبدية « أبو العباس أحمد التيجاني »، ولد أحمد التيجاني سنة 1737 بقرية بالجنوب الجزائري، وعاش حياته وهو ينتقل بين بلدان أفريقيا، ليستقر في به المقام بفاس في المغرب؛ ومهد حبه في تعلم أصول الدين ودخوله في ممارسة الطقوس الصوفية، لبناء شخصيته الزاهدة.
يحكي الكتاب الذي أصدره الجيلالي العدناني بعنوان « الشيخ أحمد التيجاني والبعد الصوفي »، والصادر ضمن منشورات مجلس الجالية المغربية في الخارج سنة 2016، عن مؤسس الطريقة التيجانية ورائد الموجة الإسلامية الثالثة التي شهدها القرن الثامن عشر-أحمد بن محمد التجاني-، الذي مازال الناس يحجون لزيارة ضريحه في مدينة فاس، المدينة الإدريسية ذات الأهمية العلمية والرمزية التاريخية الثقافية.
يذهب المؤرخ في سياق تحليله للمورث الصوفي والثقافي، عبر رجوعه إلى الدراسات الجنيالوجية الروحية والجينيالوجية الاجتماعية التي تختزل الحقب الزمنية والثقافية والتي مكنت الشيخ أحمد التيجاني من تأسيس الزاوية التيجانية.
يتضمن الكتاب 6 عناوين كبرى تشرح وتصف انتشار الموجة التيجانية الصوفية في أفريقيا إضافة الى الأدوار التي لعبها أحمد التيجاني وراء خلق موسم للزيارة الذي يقوم بها التيجانيون عبر العالم إلى قبره بفاس تزامنا مع موسم الحج إلى بيت الله الحرام.
يعالج العنوان الأول الذي أعطاه الكاتب اسم « المقام بمدينة فاس وتأسيس الزاوية »، الرحلة التي قام بها الشيخ أحمد التيجاني إلى مدينة فاس سنة 1798م، حيث سيستقر بها بشكل نهائي إلى حين وفاته سنة 1815م، في هذه المرحلة وبعد سنتين من وصوله لفاس سيقوم الشيخ بتأسيس أول زاوية له سنة 1800م تحت اسم الزاوية التيجانية، والتي جذبت بدورها مختلف النخب الفاسية والمغربية التي كانت تنتمي في السابق لطريقة الصوفية التقليدية وأخرى لما يعرف بالناصرية والدرقاوية.
اما العنوان الثاني الذي سمي ب «الانتماء الطرقي والتيجانية »، عالج فيه الكاتب الطريقة التيجانية التي ستجمع كل الطرق الصوفية الأخرى لتنتج بذلك طريقة واحدة تلتزم ببركة ومعتقدات شيخ واحد وهو الشيخ أحمد التيجاني.
يتضمن العنوان الثالث المسمى ب «زمن البدء ومسألة الختمية والرؤيا »، وصفا لبعض الصعوبات التي واجهت أحمد التيجاني مع مريديه الأوائل، التي ستجمع بين طموحاته الفردية وصعوبات إيجاده لتوازن حقيقي بين نموذج الصوفي التيجاني الذي قدمه مع باقي نماذج الصوفية الأخرى.
« التيجانية بين الاعتدال والعقلانية »، اسم العنوان الرابع الذي أعطاه الكاتب لهذه المرحلة التي ستحاول شرح السجال الفكري بين مؤيدي الطريقة التيجانية الذين يرونها أرقى قاعدة صوفية انبنت على أسس الاعتدال وخلق علاقة جديدة بين الشيخ والمريد، وآخرون الذين يصنفونها ضمن التصوف الشعبي التراكمي.
سيجعل أحمد التيجاني من شخصه في العنوان الخامس المسمى ب «دينامية نشر الطريقة »، المجسد المثالي والمطلق للإلهام الرباني والساهر على سلامة المريدين المتتبعين لنهجه، حيث سينجح التيجاني بتحويل جميع الصراعات التي واجهته مثل التنافس الداخلي على مركز المشيخة إلى دينامية ستحقق من خلالها الطريقة التيجانية نجاحا وانتشارا واسعين.
اما في المرحلة السادسة والأخيرة تحت عنوان « انتشار الطريقة التيجانية انطلاقا من فاس في اتجاه أفريقيا »، شرع الكاتب فيها إلى الدخول في تفاصيل الانتشار السريع التي تمكنت الطريقة التيجانية من تحقيقه في أفريقيا جنوب الصحراء من السنغال وموريتانيا إلى السودان ومصر، حيث ستتفرع الطريقة التيجانية لمراكز جديدة للتبرك والتي ستستقبل كل منها زوارا أكثر مما تستقبله الزاوية الأم بفاس.
ختاما يمكن القول على أن انتشار التيجانية انطلاقا من المغرب لا يمكن تفسيره سوى من خلال مجموعة من الوسائل والخصوصيات التي عرفتها الطريقة التيجانية على يد مؤسسها الشيخ أحمد التيجاني الذي جعل من التيجانية بابا ومدخلا جديدا في علم التصوف للمسلمين بصفة عامة، « فالتيجانية باختصار هو تجسيد روحي ومادي للهوية الأفريقية والصحراوية التي لازالت تشكل أعظم مكون للهوية المغربية » يشرح الجيلالي العدناني.
عمر هادي *
صحافي متدرب