صدر بمناسبة الدورة الثلاثين للمعرض الدولي للكتاب والنشر بالرباط، ضمن مجموعة إصدارات مجلس الجالية المغربية بالخارج، كتاب “صوت العروبية: الموسيقى والشعر والإحساس بالرجولة لدى مغاربة الهجرة الإيطالية في أومبريا” عن دار الثقافة للنشر والتوزيع.
والمؤلف هو عبارة عن ترجمة عربية أنجزها نور الدين الزويتني، لمؤلف الأنثروبولوجية الإيطالية أليساندرا تشوتشي، الصادر في نسخته الإنجليزية سنة 2022 عن منشورات جامعة شيكاغو الأمريكية.
“نقرأ في تقديم حسن رشيق: حين قراءتي لأعمال أنثروبولوجيين أجانب يتغير موقفي كقارئ تبعا لما إذا كان الموضوع يتعلق بثقافة غريبة عني تماما أو بجوانب من الثقافة المغربية التي خبرتها او استأنست بها” ليخلص إلى أنه يمكن اعتبار هذا الصنف من الأفكار المألوفة (يتحدث عن المعاني والدلالات السلبية في الكثير من الأحيان لما يقصد ب”العروبي” وبالعروبية بالنسبة لنشأته الاجتماعية في الدار البيضاء) موارد ثقافية لي كأنثروبولوجي في بلده (أهلي محلي)، بيد أني أراها شحيحة مقارنة بما تعلمته من دراسة أليساندرا تشوتشي حول جوانب من بيئتي الاجتماعية والثقافيةّ”؛ قبل أن يؤكد على أنه من موقعه كأنثروبولوجي في بلده، لم يكن مألوفا لديه تماما الكثير مما تعلمه من كتاب “صوت العروبية”.
وفي مداخلة لتقديم المؤلف بالرواق المشترك لمجلس الجالية المغربية بالخارج ووزارة الشباب والثقافة والتواصل يوم الأحد 20 أبريل 2025، تحدث الأنثروبولوجي حسن رشيق، عن مفهوم الصوت وأهميته في تاريخ “أنثروبولوجيا ما بعد الحداثة”، وهو المفهوم الذي أبرزته أليساندرا تشوتشي في كتابها، من خلال منح الصوت للمهمشين وعدم الاكتفاء بالاحتفاظ بشهاداتهم في الدفاتر البحثية فقط.
وبالنسبة للبروفيسور حسن رشيق فالمستوى الثاني المهم في الكتاب هو ميدان الاشتغال الباحثة والذي يجمع بين المغرب وإيطاليا مع نفس المهاجرين، علما أنها باحثة إيطالية تقيم في الولايات المتحدة.
ومن هذا المنظور أثار حسن رشيق ملاحظات انثروبولوجية منهجية من خلال مؤلف “صوت العروبية” من بينها تموضع الباحث، باعتباره عنصرا مهما في الإنثروبولوجيا وتكون له آثارا في وصف الثقافة التي يشتغل عليها الباحث، وأبرز أن ألساندرا تجاوزت الوصف الجامد وتبنت وصفا ديناميكيا لصيقا بالأشخاص وعدم اختزال ثقافة البلد في بعض القوالب الجاهزة.
من جانبه ركز الباحث في علم الاجتماعي بجامعة بادوفا الإيطالية خالد الغزالي، على أهمية تجنب حديث الكاتبة عن “تاعروبيت” وبالتالي اختزال المغربي في هذا المفهوم، واكتفائها بالحديث عن “العروبية” كفضاء جغرافي ومكان للذاكرة، مبرزا تناغم الباحثة مو موضوع البحث مع أخذ مسافة مع تخصصات أخرى خاصة التاريخ الراهن.
من جهة أخرى عرف اللقاء كلمة للكاتب حسن نجمي، استعرض فيها لقاءه بالأنثروبولوجية أليساندرا تشوتشي، واختيارها الاشتغال في المغرب سنة 2000 بعد اكتشاف الموسيقى الشعبية المغربية، وتحدث عن تجربة الاشتغال معها في بالاعتماد على الإثنوغرافية الموسيقية، على اعتبار أن الاشتغال على تعبير موسيقي لا بد أن يأخذ بعين الاعتبار هاته الموسيقى في علاقتها بالنظام الاجتماعي الذي أنتجها وله ترابط معها.
واعتبر حسن نجمي أن الجوهر في مؤلف “صوت العروبية” هو أن المؤلفة توجهت للمهاجرين المغاربة المنحدرين من العروبية، في منطقة أومبريا في وسط إيطاليا، و”عمق بحثها يكمن في معرفة كيف يستمع هؤلاء الشباب في سياق الهجرة إلى ثقاتهم المغربية التي يحملونها معهم، ويحافظون على ذاكرتهم الصوتية، وكيفية اختيار أمكنة الإنصات إلى هاته الموسيقى.