مقدمة:
الحمد لله الذي جعل من اختلاف ألسنتنا وألواننا آيات للعالمين، والصلاة والسلام على المصطفى الأمين، وعلى آله وصحبه المكرمين.
فمن أعظم ما ابتلي به بعض المسلمين في تدينهم في هذا العصر، خلطهم بين كثير من الأمور المتشابهة ظاهراً والمتباينة حقيقة، كخلطهم بين الأمور التعبدية والأمور العادية، وعدم تمييزهم بين الامتثال للتعاليم الدينية بقصد التعبد والتوسل بالتدين لأغراض مناقضة للقصد الشرعي، وجمعهم بين الإيمان بأمور الغيب السمعية والاعتقاد في الأوهام والخرافات والأساطير، وتسويتهم بين قراءة القرآن تعبداً ورُقية، وبين قراءته على طريقة الشعوذة والسحر.
وقد انتشرت وشاعت هذه الوجوه من الخلط واللبس، وأصبحت السمة الغالبة على بعض طوائف المسلمين، بل وأنشئت على أساسها فرق ومجموعات دينية عاثت فساداً في عقائد المسلمين وسلوكهم الديني. ومن بين أنواع اللّبس الخطير الواقع في التدين الإسلامي اليوم، وله أثر بارز في تصرفات الناس، وتأثير سلبي مباشر على دين الإسلام وأهله، ذلك الخلط الجاري بين الأمور الدينية التكليفية وبين الأمور الثقافية العادية، حيث تم حمل الثانية على الأولى على أساس أنها منها ومن جنسها، وتم التشبث بها والتضييق بواسطتها على الناس، حتى أصبحت تلك المظاهر الثقافية العرفية جزءاً من الدين، يتصارع المتدينون مع أهل الثقافات الأخرى على أساسها، ويستعملون الحجة الدينية في ذلك الصراع بصورة مسيئة للدين ولأهله.
للإطلاع على الكتاب، المرجو النقر على الأيقونة أسفله