انطلقت سلسلة ندوات الرواق المشترك بين مجلس الجالية المغربية بالخارج ووزارة الشباب والثقافة والتواصل، ضمن الدورة 30 للمعرض الدولي للكتاب والنشر بالرباط يوم الجمعة 18 أبريل 2025 بمائدة مستديرة حول كتاب “الموسيقى والغناء في قلب التاريخ، اليهود والمسلمون في البلدان المغاربية” للمؤرخ كريستوفر سيلفر.

في مداخلته التقديمية وضع مترجم الكتاب إلى العربية، الأكاديمي خالد بنصغير، المؤلف في سياقه العام، سياق العيش المشترك في المغرب بين مختلف الأعراق خاصة بين اليهود والمسلمين وتقاسمهم للحياة اليومية.

وأشار الباحث إلى أن الكتاب لم يكتفي بالاعتماد على ما هو مكتوب بل بالاستماع الى المصادر الصوتية (برامج، واغاني …) والتي جمعها كريستوفر سيلفر من مناطق مختلفة من العالم، وهي في نظره نقطة قوة الكتاب.

من جانبه تحدث الباحث في الموسيقى احمد عيدون في كلمته على أهمية الكتاب والمواضيع التي طرحها للنقاش، مبرزا أن علاقة اليهود بالمسلمين في المغرب تحيلنا أولا على التراث المشترك بحكم أن المغرب هو الحاضنة الأساسية للتراث الاندلسي، وقد مر هذا التراث عن طريق التناول والرواية الشفوية وكان لا بد له من التوثيق

وبعد أن استعرض مجموعة من مظاهر العمل الموسيقى المشترك بين الموسيقيين اليهود والمسلمين سواء في المغرب أو في المنطقة المغاربية، أضاف عيدون أن التمازج والعمل بين اليهود والمسلمين في المغرب لم ينقطع في جميع الأنماط، خصوصا في التراث الموسيقي المشترك مشددا على أن المحافظة على هذا الثراء والتبادل هو ما يعطي قوة للرصيد المشترك.

أما الباحث والصحفي عبد اللطيف المعروفي، فقدم قراءة أولية في الكتاب، معتبرا إياه كتابا فريدا ينطلق من الأغنية كوثيقة صوتية تاريخية من أجل فهم التاريخ. “الكتاب ينفرد بأنه يعتمد على الموسيقى والغناء في المغرب والدول المغاربية ويعتبرها وثيقة تاريخية يحاول من خلالها كتابة تاريخ العلاقة بين المشرق والمغرب”.

وبالنسبة إليه فإن الأغنية هي منبع لفهم التاريخ، واستعمال الوثيقة الصوتية أساسي لفهم التاريخ المغربي بحكم قوة حضور الثقافة الشفهية، وهذا الكتاب فتح طريق البحث أمام الباحثين لتطوير هذا العمل والترافع من أجل أرشيف وطني مسموع.

في نفس الاتجاه انصبت مداخلة الفاعل في المجال الثقافي إبراهيم المزند، الذي أبرز تسليط المؤلف الضوء على تطور الصناعة الموسيقية وتسجيلاتها في المنطقة المغاربية وفرنسا، مشيرا إلى أن كريستوفر سيلفر أوضح في هذا العمل كيف أصبحت الموسيقى وسيلة للتعبير عن الذاكرة والتعايش والمقاومة في سياقات الاستعمار.

“الكتاب يبرز شخصيات اثرت في هذه الصناعة الموسيقية من مختلف الدول المغاربية مما ساهم في الانتشار الواسع لها،” ودعا إلى التفكير في رقمنة هذا الريبيرطوار. كما تناول المزند مسألة مساهمة الموسيقى الشعبية خاصة تلك التي غنتها النساء في تحدي الأعراف الاجتماعية السائدة في تلك الفترة.

من جهة أخرى شهدت المائدة المستديرة حضور مؤلف الكتاب، المؤرخ كريستوفر سيلفر الباحث في قسم الدراسات اليهودية بجامعة “ماك جيل” الكندية، والذي نوه بتقديم هذا الكتاب في المغرب على اعتبار أنه موجه بالأساس إلى الجمهور المغربي ليعرفه بجزء من تاريخه؛ ومشددا على أنه لا يوجد تاريخ بدون موسيقى حتى وإن كان المؤرخون لا يعتبرون الموسيقى نصا تاريخيا.

وأضاف كريستوفر سيلفر أنه حاول في هذا الكتاب تقديم رواية تاريخية انطلاقا من المنطقة المغاربية لأن الموسيقى بالنسبة إليه لا تعترف بالحدود السياسية، ومن الصعب الاشتغال حول موسيقى الآلة على سبيل المثال داخل حدود دولة واحدة لأنها مشتركة بين مجموعة من الدول.

كما شهدت الندوة مداخلة ختامية لرئيس مجلس الجالية المغربية بالخارج، إدريس اليزمي، الذي توقف على صعوبة تناول هذه المادة التاريخية بطريقة علمية هادئة وموضوعية في ظل الجو السياسي العام.

كما أبرز اليزمي أن التاريخ الثقافي المغربي يتميز بمساهمة مهمة وآثار واضحة لمغاربة العالم في جميع الميادين سواء في الأغنية او في الرواية، وفي الفنون التشكيلية؛ داعيا إلى تعميق الاشتغال في كل الميادين والتفكير بشكل شامل حول مساهمات الجالية المغربية في الحداثة المغربية وعدم حصرها في الجانب الاقتصادي فقط.

Exit mobile version