دعا الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، عبد الله بوصوف إلى إعادة مراجعة الاتفاقيات الثنائية المتعلقة بالهجرة بين المغرب وباقي دول الهجرة لكي تتضمن الإشكالات والتحولات الجديدة التي عرفتها الهجرة المغربية.
واعتبر بوصوف خلال كلمة في افتتاح ندوة دولية حول موضوع “الهجرة المغربية إلى فرنسا بين التاريخ والمستقبل” المنظمة بشراكة بين مجلس الجالية المغربية بالخارج وسفارة فرنسا بالرباط بمناسبة خمسينية اتفاقية اليد العاملة بين المغرب وفرنسا، أن الاتفاقيات التي تم إبرامها في السابق بخصوص الهجرة تجاوزها الواقع وأصبحت لا تجيب على التحولات التي عرفتها الهجرة سواء في بلد الأصل او بلدان الإقامة.
وعرض عبد الله بوصوف بعض الجوانب التي تفرض إعادة مناقشة الاتفاقيات المبرمة، على ضوء الوضع المتقدم للمغرب مع أوروبا، كقضية الجنسية التي لا تتطرق إليها الاتفاقيات، وكذا مسألة تعليم اللغة، التي تفرض ضرورة خلق مراكز ثقافية مغربية تقدم عرضا ثقافيا يستجيب لقيم التعدد والاحترام التي تمكن من العيش المشترك والمعرفة الجيدة بالآخر.
كما دعا فرنسا إلى ضرورة فتح نقاش جدي حول الهجرة يأخذ بعين الاعتبار إسهامات المهاجرين خاصة المغاربة منهم في تنمية البلاد في مختلف الأصعدة، بعيدا عن الخطاب السياسي المتداول حاليا والذي يجعل من الهجرة إشكالية في مجتمع الاستقبال.
أما بخصوص الاستراتيجية الجديدة للهجرة التي قرر المغرب اتباعها فقد طالب الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، بالموازاة مع عمليات تسوية الوضعية القانونية للمهاجرين المنحدرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء، ببلورة نموذج مغربي للاندماج بالنسبة لهذه الفئة من المهاجرين حتى لا يتم الوقوع في صعوبات الاندماج التي لازالت تعرفها بعض دول أوروبا بالرغم من كونها دول هجرة منذ أكثر من نصف قرن.
من جانبه ركز الوزير المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، أنيس بيرو، على دور الهجرة في العلاقات الثنائية بين المغرب وفرنسا، ابتداء من الجيل الأول من الجنود المغاربة الذين حاربوا في الجيش الفرنسي وصولا إلى الجيل الحالي الذي يميزه الانتماء المزدوج، باعتبارهم مواطنين فرنسيين ولكنهم يحافظون على روابط قوية مع المغرب باعتباره بلد الأصل.
وأكد بيرو في هذا الصدد أن “هذا الانتماء المزدوج يعتبر مصدر تنمية وإغناء سواء بالنسبة لفرنسا أو بالنسبة للمغرب، وقد مكن أيضا من تقوية العلاقات بين البلدين وشكلت موروثا مشتركا. وشدد على ضرورة العمل المشترك لتأطير الأجيال الجديدة من المهاجرين وفق مقاربة جديدة للكفاءات واضحة الأهداف وتقوم على التنسيق المشترك.
وذكر بيرو بالمسار الذي أخذته الاستراتيجية الجديدة للهجرة التي اعتمدها المغرب والتوجيهات الملكية في هذا السياق وتفعيلها من خلال انطلاقة عمليات تسوية استثنائية للمهاجرين المقيمين بالمغرب بصفة غير قانونية.
من جهته ثمن السفير الفرنسي بالمغرب شارل فريز، بالخدمات التي قدمها المهاجرون المغاربة لفرنسا سواء كجنود في الجيش الفرنسي خلال الحرب العالمية الأولى والثانية أو حتى في الجانب الاقتصادي “من خلال اتفاقية اليد العاملة الموقعة سنة 1963 والتي مكنت من استقدام مائة ألف عامل مغربي ساهموا في دينامية فرنسا من خلال مجهوداتهم منهم من عاد إلى المغرب ومنهم من اختار المكوث في فرنسا وتأسيس حياة جديدة”.
وبعد أن ثمن باسم فرنسا الاستراتيجية الجديدة التي أعلن عنها المغرب والتوجيهات الملكية في هذا المجال، اعتبر السفير الفرنسي أن الثقافة المشتركة والانتماء المشترك لدى المهاجرين المغاربة في فرنسا هو بمثابة “حظ” حقيقي يجمع البلدين، مبرزا في نفس الوقت الأبعاد السياسية التي أصبح يأخذها النقاش حول الهجرة في فرنسا في ظل الأزمة الاقتصادية، “لكن العودة إلى التاريخ تمكننا من التعرف على الحقائق من أجل مواجهة المستقبل” يضيف شارل فريز.
كما عرفت الجلسة الافتتاحية لهذه الندوة التي احتضنتها المكتبة الوطنية للمملكة المغربية بالرباط مداخلة كل من مدير المكتب الفرنسي للهجرة والاندماج، ريمي شوارتز، الذي أكد على أن اتفاقية اليد العاملة التي وقعت بين المغرب وفرنسا منذ خمسين جسدت الثقة المشتركة بين البلدين، و”الاحتفال بها أمر أساسي في ظل النقاش القائم حول الهجرة في فرنسا من أجل الاستنارة بالتاريخ في التعامل مع الحاضر”؛ في حين ركز مدير المكتبة الوطنية، إدريس خروز على القيم الإنسانية التي تكونت بفضل الهجرة موضحا أن إنجاح الاندماج في أي مجتمع لا يتم إلا من خلال الاحترام ومعرفة الآخر.
محمد الصيباري
لمجلس الجالية المغربية بالخارج