احتضن رواق مجلس الجالية المغربية بالخارج يوم الأحد 18 فبراير 2018 في المعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء ندوة علمية حو لموضوع دور الإمامة في مجتمع متعدد الثقافات”.
الاجتهاد وإعمال العقل والتخلص من السلطوية الماضوية
ودعا كرابش الفقهاء إلى بناء فقه يناسب أجيال هذا العصر ومتطلبات واحتياجات المجتمعات المعاصرة، يكون مبنيا على مفهوم المواطنة ويتعامل مع الإنسان لإنسانيته وليس بناء على ديانته أو اثنيته، والاطلاع على سياقات دول الإقامة لتسهيل اندماج المسلمين في هاته المجتمعات.
صالح فاي وتجربة الإمامة في الغرب
أما الإمام صالح فاي فقد قدم خلال هذه المائدة المستديرة شهادة ميدانية عن حياة الإمام في مجتمع متعدد الديانات، وقارن دور الإمام في هاته المجتمعات بالطبيب في فحص وتشخيص وقائع وبيئة المجتمع الذي يعيش فيه، مؤكدا على ضرورة تركيز الإمام على المقاصد الكبرى والرسائل الإنسانية “لأن دور المسلمين بنص القرآن هو استباق الخيرات” يضيف في مستشهدا بنصوص قرأنية ومحطات من السيرة النبوة خصوصا وثيقة المدينة وصلح الحديبية ووفد نجران.
وبما أن دور الإمام في المجتمع المتعدد لا يتوقف على خطب في المنبر ولكن الانخراط في المجتمع من خلال مشاريع تعود بالفائدة على كل الناس، فقد قدم نفس المتدخل نموذجين من مشاريع أنجزها كإمام في مدينة سترابورغ التي يعيش فيها، أولهما مشروع التربية على المواطنة والتعايش الذي انطلق منذ 14 سنة والذي يعالج قيمة من قيم المواطنة المتعارف عليها بين جل الديانات؛ بالإضافة إلى تأسيس حديقة الديانات في ستراسبورغ تقوم بأنشطة ثقافية وتعريفية بجميع الديانات.
الإمام وتحديات السياق الأوروبي
وانتقد شوقي استغلال الوضع العالمي لما بعد أحداث 11 شتنبر من طرف بعض التيارات التي سارعت إلى استغلال جهل المجتمعات الأوروبية بدور الإمام وربطه برجل الدين المسيحي في المجتمع المحلي مما جعل الإمام يقوم بأدوار مجتمعية أخرى لم يكن على استعداد لها.
وأبرز رئيس المركز الثقافي الإسلامي في روما مجموعة من التحديات التي تواجه الإمام مثل تحدي فهم لغة المجتمع والتمكن من التيارات المتعددة داخل نفس المجتمع، والتواصل مع الشباب بما يتيح تعزيز مبادئ التسامح واحترام الآخر النابعة من العقيدة الدينية ليكون محفزا محفزا على الاندماج الايجابي في مجتمعات الإقامة.
بوصوف وضرورة اطلاع الغمام على العلوم الإنسانية والاجتماعية
أما الدكتور عبد الله بوصوف فقد استهل مداخلته بتسليط الضوء على مؤلف الإسلام في أوروبا الصادر عن مجموعة مجلس الجالية المغربية بالخارج، والذي اهتم في جزء من أجزائه الثلاثة بالأطر الدينية في الغرب، وخلص إلى أن الإمام بتكوينه الكلاسيكي لا يمكنه
أن يكون مؤهلا للاشتغال في مجتمع متعدد، مما يفرض عليه تكوينات أخرى في العلوم الإنسانية والعلوم الاجتماعية.
وشدد بوصوف على أن معرفة الواقع والسياق الغربي لا يمكن تحقيقها انطلاقا من الشق الشرعي فقط بل تتطلب التوفر على الحد الأدنى من العلوم الإنسانية والاجتماعية، مؤكدا على وجوب التأهيل العلمي المتنوع للإمام والتمكن من لغة المجتمع لكي يستطيع التفاعل مع قضاياه وأفكاره، والانفتاح على محيطه، ومشيرا إلى تجربة تكوين الأئمة في ألمانيا في لغة وثقافة هذا البلد التي تمت بشراكة مع معهد غوته والمجلس الأوروبي للعلماء المغاربة.
ودعا بوصوف في هذا اللقاء الفاعل الديني إلى المتابعة الإعلامية عن قرب لفهم الظواهر، والتوفر على معرفة بالخلفية التاريخية للمجتمعات الغربية، وأيضا إلى الاطلاع على معارف الأديان الأخرى في هاته المجتمعات وتقديم مشروع إنساني بطرق سلمية وحضارية تحترم الأخرين من دون إصدار الأحكام الجاهزة.
هياة التحرير