على هامش مشاركة مجلس الجالية المغربية بالخارج في الدورة الثلاثين للمعرض الدولي للكتاب والنشر بالرباط والتي تحتفي بمغاربة العالم، تم بقاعة سينما النهضة يوم السبت 19 أبريل 2025، عرض الشريط الوثائقي “طنجة:حلم الحراكة” للمخرجة ليلى الكيناني.
الشريط الذي تم إنتاجه سنة 2002 يقدم في 53 دقيقة نظرة إنسانية عن مسألة الحدود في طنجة المدينة التي يقصدها الأشخاص الراغبين في الهجرة من المغرب ومن باقي الدول الإفريقية إلى الضفة الأخرى من المضيق، مهما كلفهم الأمر.
فالشهادات التي تضمنها الشريط الوثائقي، حتى وإن اختلفت لهجاتها وشخوصها لكن ما يجمع بينها هو هدف وحيد بسيط لكنه ينطوي على جميع الأخطار. فخوض غمار الهجرة بشكل غير قانوني بالنسبة لأولئك الشباب الأفارقة هو قضية مصيرية لا يمكنهم فيها الرجوع إلى الوراء، إي إلى بلدان إفريقيا جنوب الصحراء التي قدموا منها، حتى وإن ذهبت حياتهم ثمنا لذلك.
وإلى جانب رصد الرغبة في الرحيل يقدم الشريط مغامرات شباب أخر استطاع سلك إحدى وسائل التسلل إلى الباخرة المتوجهة شمالا، وتمكن من الوصول إلى أحد الموانئ الإسبانية، لكن حلمه تكسر فوق صخرة حرس الحدود ليجد نفسه مرة أخرى بعد الترحيل في نقطة البداية مع “الحراكة” في طنجة بحثا عن محاولة أخرى.
أعقب عرض هذا الشريط الوثائقي جلسة نقاش شاركت فيها المخرجة والصحفية ليلى الكيناني، ابنة طنجة التي شاهدت التحول الذي عرفته المدينة بسبب ما تسميه “أسطورة الحريك”، كما رصدت التناول الإعلامي للظاهرة من وجهة نظر أوروبية، الأمر الذي لم تكن راضية عنه. ومن هنا جاء قرار إنتاج هذا الشريط الوثائقي لتقدم عبر السينما الصورة الغائبة عن التناول الإعلامي، عن طريق إعطاء الكلمة لهؤلاء الشباب لشخصنة الحدود، وتجسيد “هذا الخيال الأسطوري”.
كما شارك في الجلسة الحوارية التي أدارتها الصحفية غيتة الزين، الكاتب الفرنسي المغربي سليم جاي، صاحب مؤلف “لن تعبر المضيق” (منشورات ألف ليلة وليلة-فرنسا- 2001) الذي عالج في نفس السياق التاريخي الذي أنتج فيه الشريط الوثائقي موضوع الهجرة بطريقة غير قانوني انطلاقا من المغرب، وبالتالي فإن الاشتراك في تناول موضوع “الحريك” انطلاقا من نفس الرؤية الإنسانية جعل سليم جاي يرى في شريط ليلى كيناني تجسيدا سينمائيا للرواية التي كتبها.
وعبر سليم جاي عن إعجابه بالشريط الذي صور كل ما يجب تصويره حول هاته المأساة، ومنح الاحترام اللازم لجميع المتدخلين، وأعطى الصوت لمن لا صوت لهم.
من جانبه توقف السوسيولوجي بجامعة مرسيليا، مصطفى الميري، في كلمته ضمن هذه الندوة على راهنية موضوع الهجرة السرية الذي تناوله الشريط الوثائقي ورواية “لن تعبر المحيط” قبل عشرين سنة، معتبرا أن الرغبة في حرية الحركة التي عبر عنها الشباب الإفريقي تبرز أحلامهم المعولمة والتي تبقى ممنوعة من التعبير مقارنة مع شباب مناطق أخرى.
وخلص مصطفى الميري إلى أن مشكلة الأوروبيين مع الهجرة اليوم ليست مرتبطة بعدد المهاجرين كما يمكن الاعتقاد، ولكنها مرتبطة بالنظرة الاستعلائية التي ما زالت تحملها بعض الفئات عن المهاجرين الأفارقة، والتي تريد اختزال الشباب المهاجر في قالب “العامل القديم”، ولا تتحمل أن يكونوا في نفس درجة المساواة معهم.