تتميز الهجرة المغربية بخاصية أساسية هي الحضور البارز للمرأة فيها إذ تشكل النساء حوالي نصف المهاجرين المغاربة عبر العالم، وأصبحن يشكلن مجموعة قائمة بذاتها ولم تعد هجرتهن تعتمد على الزوج فحسب في إطار التجمع العائلي.
وفي هذا الصدد جعل مجلس الجالية المغربية بالخارج من قضية المرأة والنوع إحدى أولويات اشتغاله منذ تأسيسه، حيث خصص لها مجموعة عمل تعنى بالإشكاليات المرتبطة بقضايا النوع؛ وليس من قَبيل الصُّدف أن يختار المجلس لتظاهرته الكبرى الأولى موضوع المرأة المغربية عبر العالم.
ومن أجل فهم أفضل لظاهرة التأنيث المتزايد للهجرة المغربية، قام المجلس بمجموعة من اللقاءات جمعت مغربيات الداخل ومغربيات الخارج، وهمّت موضوعات متعلقة بنساء المغرب والهجرة.
وهكذا انعقدت الدورة الأولى من “مغربيات من هنا وهناك” سنة 2008 حول موضوع: “تحولات وتحديات ومسارات”، التي أكدت بأن النساء المغربيات فاعل أساسي للتنمية وللتغيير في كل الفضاءات المؤسساتية والجمعوية والمقاولاتية، مع تأكيد الحاجة إلى خلق شراكات وتعميق المعرفة العلمية وإبراز مساهمات النساء في الهجرة.
وكانت الدورة الأولى لمغربيات من هنا وهناك أرضية صلبة لتنظيم الدورة الثانية، سنة بعد ذلك بحضور أزيد من 400 امرأة بهدف تطوير المكتسبات وتبادل التجارب والخبرات والتطرق لجملة من الإشكاليات والسياسات العمومية.
وأكدت الدورتان نضالات مغربيات الخارج والداخل من أجل المساواة والكرامة، وتم الاتفاق خلالهما على عقد لقاءات جهوية مع نساء أوروبا والأمريكيتين وإفريقيا والدول العربية، وهو ما قام بتنزيله مجلس الجالية الجالية المغربية بالخارج من خلال تنظيم لقاءات جهوية في بروكسيل لفائدة مغربيات أوروبا سنة 2010، وفي مونتريال بالنسبة لمغربيات الأمريكيتين سنة 2011، ثم في دكار لفائدة مغربيات إفريقيا وفي أبو ظبي لفائدة مغربيات العالم العربي على التوالي في شتنبر ونونبر من سنة 2013.
ولتتويج هذه الدينامية أصدر مجلس الجالية المغربية بالخارج مؤخرا مؤلفين يقدمان حصيلة النقاشات والتحديات التي تواجه الهجرة المغربية النسائية عبر العالم وكذا المقترحات التي تمت بلورتها خلال جميع لقاءات “مغربيات من هنا وهناك”.
ويقدم الكتاب الأول بعنوان “مغربيات من هنا وهناك: التحولات والتحديات”، مجموعة من المثالات تتناول بالتفصيل الإشكاليات التي تعيشها النساء المغربيات في العديد من دول أوروبية كفرنسا وهولندا وألمانيا وإيطاليا، وكذا في دول أمريكية مثل كندا والولايات المتحدة، بالإضافة إلى تسليط الضوع على التشريعات الوطنية والدولية والرهانات التي تطرحها وكذا المكتسبات التي حصلت عليها المرأة المغربية المهاجرة.
أما المؤلف الثاني، وهو عبارة عن تقرير تم إنجازه من خلال جلسات الاستماع والأنشطة التي نظمتها مجموعة العمل “مقاربة النوع والأجيال الجديدة” التابعة لمجلس الجالية المغربية بالخارج، فيعرض تداعيات تطبيق مدونة الاسرة على المغربيات المقيمات بالخارج، وكذا نتائج الكفالة في الهجرة المغربية، بالإضافة إلى مقاربة قضايا التي تخص بعض الفئات الهشة في الهجرة المغربية كالشيخوخة في الهجرة وإشكال العاملات الموسميات المغربيات خصوصا في إسبانيا، وكذا القاصرين المغاربة الغير مرافقين في أوروبا.
ويأتي إصدار هاذين المؤلفين في إطار سعي المجلس إلى توفير المعرفة العلمية في جميع القضايا والإشكاليات التي ترتبط بمغاربة العالم، ومساعدة الفاعلين السياسيين والباحثين الأكاديميين على الإلمام بعمق هذه الإشكاليات والإحاطة بالتحولات المستمرة التي تشهدها الهجرة المغربية.
هيأة التحرير