الهجرة والرحلة خاصيتين طبعتا التاريخ المغربي منذ ألاف السنين، وتقليد قديم جعل من المجتمع المغربي مجتمع تنوع وملتقى للثقافات وفضاء حيويا منفتحا على العالم، حتى أصبح من الصعب تحليل العناصر الأساسية المكونة للمجتمع المغربي من دون التركيز على البعد التاريخي لهجرة الإنسان المغربي، والذي يجعل من المغرب بلدا غنيا متعدد الروافد، كما أشارت إلى ذلك ديباجة دستور 2011.
خلال مداخلة له أكد المؤرخ عصمان المنصوري على أن التعدد الثقافي جعل من المغرب أرضية للتبادل المتعدد الأوجه بداية بالتبادل الثقافي والإنساني، مبرزا أن المكون المغربي كان دائما قيمة مضافة للمجتمعات التي يعيش فيها.
لقد جاء مؤلف “المغاربة: مهاجرون ورحالة” في قسمين كبيرين، يعرض الأول الأصول التاريخية للهجرة المغربية كتقليد متجذر من آلاف السنين ربط الشرق بالغرب، ويقدم نبذة عن أكبر الرحالة المغاربة مثل جوبا الأول أحد إمبراطورات روما، والإدريسي الذي وضع اول خريطة للعالم سنة 1154، والرحالة والمكتشفون المغاربة المعروفين عالميا مثل ابن بطوطة وابن الوزان (ليون الإفريقي) اللذان كان من أوائل من كتبوا رحلاتهم إلى مناطق في أوروبا وإفريقيا والمتوسط؛ كما يعيد الفصل الأول رسم مسارات رحالة مغاربة ذهبوا في مهمات رسمية كدبلوماسيين وتجار ورجال دين نشروا الطرق المغربية في إفريقيا وأوروبا..
أما الفصل الثاني من هذا المؤلف الذي يتطرق لدينامية الهجرة في التاريخ الراهن، فيسلط الضوء بدوره على مجالات جديدة للهجرة المغربية، يقدم نماذج تعرض مختلف جوانب الهجرة المغربية الحديثة من اللجوء السياسي كشكل من أشكال الهجرة وإسهامات المغاربة في مجالات الموسيقى والثقافة والتشكيل والرياضة في دول الإقامة.