ضمن برمجة مجلس الجالية المغربية بالخارج في المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط الذي يحتفل هذه الدورة بمغاربة العالم، نظم يوم الجمعة 25 أبريل 2025، مائدة مستديرة تكريما لأول صحفية مغربية تشتغل في الإذاعة والتلفزة البلجيكية، لالة خيتي أمينة بنهاشم العلوي.

وشارك في هذه الندوة التكريمية التي أدارها المستشار في مجال التواصل مروان الطوالي، كل من الأكاديمي والبرلماني السابق في بلجيكا حسن بوستة، وسارة المسعودي، صحفية من بلجيكا، وكريم إيبوركي، رئيس مجلس الأعلى للسمعي البصري في بلجيكا، وكلير فراشون، صحفية من فرنسا؛ بالإضافة إلى أبناء لالة خيتي، دنيا وصفاء الدين تاغيان، بحضور افرادا من عائلتها.

وفي مداخلتها خلال هذه الندوة تحدث الصحفية الفرنسية كلير فراشون، عن الصداقة والإنجازات التي ربطتها بخيتي بنهاشم، واستحضرت ذكريات تنظيم مؤتمر في أوائل التسعينيات لجمع الصحفيين والمنتجين الأوروبيين عندما التقت “الثنائي الأسطوري الذي شكلته لالا خيتي وزوجها”.

في كتابها الصادر بعنوان “التلفزات في أوروبا والهجرة”، قامت الصحفية الفرنسية بمقارنة تغطية التنوع والهجرة في وسائل الإعلام الأوروبية “لتبين أنه في ذلك الوقت في فرنسا لم تكن هناك برامج حول هذه المواضيع“، مبرزة أهمية برنامج “سندباد” التي كانت تقدمه لالة خيتي بنهاشم، خصوصا وأنه أظهر مبادرات ومسارات في الهجرة، تزامنا مع أحداث الشغب التي شهدتها بلجيكا عام 1991.

وفي نفس الاتجاه جاءت مداخلة حسن بوستة التي اعتبر أن لالة خيتي وزوجها المنتج التلفزي مغداد تاغيان، شكلا شخصيات محورية في تاريخ الهجرة المغربية إلى بلجيكا، ونماذج لتمثيل المهاجرين في الوظيفة العمومية، وللشباب في المجال الإعلامي.

كما أضاف بوستة أن لالة خيتي صنعت لنفسها اسما في بلجيكا في السبعينيات، حيث كان لا يزال يُنظر إلى الهجرة على أنها ظاهرة مؤقتة، قبل أن تدخل الهجرة العمالية مرحلة أخرى مع توقيع اتفاقية اليد العاملة بين المغرب وبلجيكا سنة 1964، التي ستفتح المجال أمام التجمع العائلي، وهي الفترة التي كان فيها التلفزيون العمومي في أوج ازدهاره؛ وبالتالي، فإن حضور لالة خيتي ومغداد هو جزء لا يتجزأ من تاريخ وسائل الإعلام، وفي تاريخ الهجرة، وفي تاريخ بلجيكا والمغرب.

مداخلة الصحفية الشابة سارة المسعودي صاحبة بودكاست “موروثنا” تدخل في هذا المسار الملهم للأجيال الذي بدأته لالة خيتي بنهاشم العلوي، في توثيق وأرشفة واقع وتاريخ المجتمعات سواء البلجيكية أو المغربية أو المهاجرة بصفة عامة.

ومن هنا تفسر سارة المسعودي أن الغاية من إطلاق مبادرة بودكاست “موروثنا” هو تعريف الأجيال الشابة في الهجرة بمسارات وقصص آبائهم وأجدادهم، وكذا المساعدة في تعويض نقص التنوع في وسائل الإعلام البلجيكية التي “لا تسمح لنا بسرد قصصنا بشكل صحيح“، مؤكدة أن الهدف من هذه المدونات الصوتية هو نقل القصص التي توثقها عبر الأجيال والمجتمعات، وعبر لقاءات تبرز عمل ومكانة النساء والأقليات في الفضاء العام.

 من جهته اعتبر، كريم إيبوركي، أن تقارير لالة خيتي التلفزية كانت أول من أظهر للبلجيكيين الناطقين بالفرنسية وللمغاربة أنهم سيكونون جزءًا من نفس المجتمع، مضيفا أن ”التاريخ ليس مسيرة إلى الأمام، بل هو عبارة عن صدامات وجروح، ولكن على الأقل كان هناك خلق للرابط”.

وتوقف رئيس المجلس الأعلى للسمعي البصري في بلجيكا على إشكالية تمثيلية المساواة والتنوع في الإعلام، ففي بلجيكا الناطقة بالفرنسية على سبيل المثال لا تزال بعض الصور النمطية تُنقل ولا تزال وسائل الإعلام غير قادرة على نقل صورة المجتمع، مضيفا أن البرامج التي قدمتها لالة خيتي بنهاشم وزوجها كان يجتمع عليها جميع مكونات المجتمع البلجيكي.

كما عرف اللقاء كلمات لأفراد من عائلة لالة خيتي بنهاشم في المغرب من بينها شهادة تلتها أختها الكبرى سعيدة، تحدثت عن دور المثقف في المحتمع وعن مسار لالة خيتي وعملها من أجل التقريب بين العقول والثقافات والسفر نحو الأخر مع الاحتفاظ بعمق الانتماء إلى أرض الأصل.

وتميزت هذه الندوة التكريمية، بحضور أبناء المحتفى بها، دنيا وصفاء الدين تاغيان، اللذان عبرا عن فخرهما بمسيرة والدتهما المهنية وقيم الانفتاح واحترام الآخر والاختلاف التي غرستها فيهما، والتراث المغربي الذي نقلته إليهما.

دنيا تاغيان قامت بتلاوة كلمة بعثتها للالة خيتي بنهاشم بمناسبة هذا التكريم، تحدث عن مسؤولية كونها أول صحفية في الإذاعة والتلفزة في بلجيكا، وعن البرامج التي أنتجتها في بداية مسارها باللغة العربية للجيل الأول من المغاربة الذين قدموا إلى بلجيكا بموجب اتفاقية سنة 1964، “والذين كانوا رجالا ونساء معزولين وبحاجة إلى الاطلاع على المعلومات وإلى الدعم والاعتراف”.

هذه البرامج تكيفت مع الوقت لتواكب التغيرات التي طرأت على المجتمع، وقد وجهت برامجها باللغة الفرنسية إلى الشباب المولودين في بلجيكا الذين يعيشون بين ثقافات متعددة، وحاربت الصور الجاهزة والخوف من الآخر، لتخلص لالة خيتي بنهاشم العلوي إلى أن عملها هو “جسر بين الثقافات، بين المغرب وبلجيكا، بين الأجيال، بين ما نحن عليه وما نحن بصدده”.

Exit mobile version