ينظم مختبر البحث في العلاقات الثقافية المغربية المتوسطية، بالكلية متعددة التخصصات- تازة، وبشراكة مع رئاسة جامعة سيدي محمد بن عبد الله- فاس، وبدعم من مجلس الجالية المغربية بالخارج ندوة دولية في موضوع: “العمالة المغاربية بالخارج والعمل الوطني والسياسي خلال الحربين العالميتين”، وذلك يومي 09 و 10 دجنبر2014.
وقد جاء في الورقة التقديمية للندوة أن الهجرة المغاربية إلى أوروبا تعتبر من القضايا التاريخية المعاصرة التي تستحق أبحاثا خاصة ونقاشا مستفيضا يسعى إلى بلورة أوضاع العمال المغاربيين خلال المرحلة الاستعمارية، بدول أوروبا الغربية، إذ هناك ما ارتبط منها بالشق الإرادي وبالتطوع وهناك ما تعلق منها بالشق الإجباري خصوصا خلال مراحل الحربين الكونيتين التي تحولت بموجبهما دول الضفة الجنوبية لحوض البحر المتوسط إلى خزان لا ينفذ من الرجال والموارد الضرورية والكفيلة بسد حاجيات الصناعة الحربية التي كانت فرنسا وحلفاؤها في حاجة ماسة إليها خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية.
وتضيف الورقة أنه من هذا المنطلق أصبحت هجرة العمالة المغاربية وواقعها يرتبطان أساسا باعتبارات سياسية وعسكرية واقتصادية كانت تقتضيها السياسة الاستعمارية الفرنسية والنظام الاقتصادي العالمي.
فكان الهدف المنشود للسلطات الاستعمارية هو توفير اليد العاملة للمصانع وللقطاع الفلاحي من جهة، ومن جهة أخرى السعي وراء تكسير شوكة المقاومة المسلحة خصوصا بالجنوب والريف.
وللتحكم في وضع العمالة المغاربية، تقول الورقة التقديمية، فإن فرنسا أخرجت إلى الوجود “مصلحة الشغيلة لعمال المستعمرات” التي أسستها وزارة الحربية الفرنسية بقصد الإشراف على مهمة استخدام الأفواج من العمالة الشمال إفريقية في الاقتصاد الفرنسي. وقبل أن تنتظم حركة الهجرة من دول المغارب إلى فرنسا تشير بعض الدراسات إلى المؤلف جون راي الذي أكد أنه منذ 1909 كان هناك وجود لعدد من عمال منطقة سوس بجنوب غرب المغرب في مصنع صهر المعادن بمدينة نانت الفرنسية وبمدينة بوردو إبان سنة 1915.
وبمجرد انتهاء الحرب عادت معظم الشغيلة المغاربية إلى أوطانها. لأنها كانت مستخدمة بموجب عقود، باستثناء الذين حصلوا منها على تصريح بالبقاء والذين لم يشملهم التشريع الخاص بالهجرة، الذي كان إذ ذاك جزئيا ومحدودا بالرغم من إحداث بطاقة إقامة للأجانب المقيمين بفرنسا والمتجاوزين سن الخامسة عشر.
لقد كان لهذه العودة، تضيف الورقة، الأثر الكبير على الشبيبة المغربية المثقفة وعلى العمال المغاربيين المشتغلين بالأوراش التي فتحتها المؤسسات الاستثمارية الأجنبية بالمغرب داخل المناطق المنجمية وفي مجموعة من الأوراش الكبرى، حيث بدأت الأفكار النقابية العمالية تتسرب إلى أوساط العمالة المغاربية بعدما تشبعت بالفكر الاشتراكي وبتأثيرات اليسار الفرنسي بالدرجة الأولى، مما منح العمالة المغاربية التي عايشت الواقع العمالي الفرنسي إسهاما في تطوير الفعل الوطني سيحسب لها في نقل المطالب الحقوقية العمالية إلى المغرب في فترة مبكرة من تاريخ الحماية، وهوما دفع بالعمالة المغاربية في انخراط بالعمل النقابي إلى جانب الشغيلة الأجنبية بدول المغارب، مما أدى إلى تطوير صيغ الاحتجاج التي ستؤدي بعد الحرب العالمية الثانية إلى ظهور نقابات وتنظيمات منخرطة في العمل السياسي والفدائي من أجل الدفاع عن استقلال البلاد وجلاء الاستعمار.
وستناقش أشغال هذه الندوة جل القضايا المتعلقة بالموضوع وفق محاور متعددة تم تحديدها فيما يلي: الوضعية القانونية للعمال المغاربيين بالخارج خلال فترة الحربين، والتطورات السياسية للطبقة العمالية المغاربية وإسهامها في العمل الوطني، وظروف الهجرة والتهجير للعمالة المغاربية إلى أوروبا، والعمالة المغاربية بالخارج وانخراطها في العمل النقابي إبان الفترة الاستعمارية، وخصوصية دور العمالة المغاربية في إعمار أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، والتنظيمات العمالية المغاربية والدفاع عن حقوقها بفرنسا وإيطاليا وإسبانيا.