رأى مسؤولون مسلمون خلال ندوة جرت هذا الأسبوع في ستراسبورغ أن في وسع الإسلام في أوروبا المطالبة بالحقوق نفسها التي تتمتع بها الأديان الأخرى، لكن يتعين عليه تحسين تأهيل كوادره والتأقلم مع البلدان التي تستضيفه.
ودعا معظم المشاركين في هذه الندوة التي ضمت الاثنين والثلاثاء في ستراسبورغ حوالى 150 اختصاصيا أتوا من سبعة بلدان أوروبية، ومن المغرب ولبنان، إلى تخصيص مكانة للإسلام في المدارس.
إلا أن بعض البلدان تخصص حصصا للدين الإسلامي في برامج التعليم الرسمي، ومنها تحديدا اسبانيا وبعض المقاطعات الألمانية وبلجيكا التي أدخلت هذه المادة في المناهج المدرسية منذ 1974.
وفي فرنسا التي يحظر فيها مبدأ العلمانية تعليم الدين في المدارس، باستثناء الالزاس وموزيل، يفضل المسؤولون المسلمون المراهنة على تطوير تدريس “الواقع الديني” الذي يشمل جميع الأديان.
وشدد المشاركون في الندوة من جهة أخرى، على ضرورة تأهيل “الكوادر الدينية”، كالأئمة وبصورة عامة جميع المشرفين على تعليم الدين للشباب، تأهيلا جيدا.
وغالبا ما تمحور النقاش حول هذه المسألة على المؤهلات اللغوية للأئمة، مع افتراض عدم إتقان بعضهم لغة البلدان التي يقيمون فيها بشكل كاف. لكن عبد الله بوصوف الأمين العام لمجلس الجالية المغربية في الخارج والمسؤول السابق عن مشروع المسجد الكبير في ستراسبورغ، قال إن “المشكلة الحقيقية هي التأهيل الفقهي وليس اللغوي”.
وأضاف “ينبغي إصلاح تعليم الفقه وتضمينه تعليم حقوق الإنسان والمساواة بين الرجل والمرأة والتنوع والتعددية فيه”.
وقال محمد موسوي رئيس المجلس الفرنسي للدين الإسلامي “ثمة تقصير حاليا في تأهيل الكوادر الدينية، لكن الأمور تتحسن”. وأضاف أن “الأئمة الذين يأتون من الخارج يحتاجون إلى تأهيل إضافي غير ديني حول العلمانية والقانون والمؤسسات الفرنسية، وفي المقابل، يحتاج الشبان المولودون في فرنسا إلى تعليم ديني أولي حقيقي”.
وعلى صعيد التأهيل، اعتبر موسوي انه يتعين على الجالية الإسلامية نفسها أن تجد بين صفوفها “الموارد البشرية” التي تسمح لها لتحقيق تعليم وإعداد دينيين مميزين.
وأضاف “انه أمر مشروع تماما فتح معهد للفقه الإسلامي حيث يكون ذلك ممكنا”، وبدعم مالي جزئي عند الإمكان من السلطات العامة لتأمينه المواد غير الدينية. وقال إن “ذلك لا يتناقض إطلاقا مع العلمانية”.
وطالب المشاركون في الندوة أيضا بالمساواة بين جميع الأديان في أوروبا.
وقال إدريس اليزمي رئيس مجلس الجالية المغربية في الخارج “على المجتمعات الأوروبية أن تضمن معاملة جميع الأديان بالتساوي، وما زال هناك تفاوت في هذا المجال”.
وأضاف “على الصعيد القانوني، حقوقنا مضمونة، أقله نظريا، لكن الأمر اشد تعقيدا على الصعيد العملي”، كالحصول على سبيل المثال على أماكن عبادة محترمة.
لكن يجب ألا يقتصر موضوع التأقلم على أوروبا وحدها. وأوضح اليزمي “نقول للجاليات الإسلامية أنه من الضروري آن تندمجوا اندماجا عميقا في تراث المجتمعات التي تعيشون فيها، ويجب أن تتعلموا التحاور مع الديانات الأخرى أو التيارات الفكرية الأخرى، بمن فيهم الملحدون والماسونيون”.
ارنو بوفييه، أ ف ب
05.04.2010