افتتحت بالرباط، الدورة التكوينية الأولى لفائدة معلمي اللغة العربية بإسبانيا، التي تنظمها اللجنة العليا الثقافية لمسامي كطالونيا، بتعاون مع معهد الدراسات والأبحاث للتعريب (جامعة محمد الخامس)، بين 30 مارس و6 أبريل الجاري، تحت عنوان “طرق ومناهج تدريس اللغة العربية لأبنائنا في المهجر”.
قال عبد الله بوصوف، الأمين العام لمجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج، إن “اللغة العربية هي الوسيلة والأداة المثلى لتحصين الأجيال المقبلة في المهجر، لضمان ارتباطهم بالثقافة العربية والإسلامية وبوطنهم الأم”، مشيرا إلى أن تحصين اللغة العربية سيكون عاملا في اندماج الأطفال المغاربة أبناء المهاجرين في الأوطان والمجتمعات التي يعيشون فيها، مع الحفاظ على هويتهم والاعتزاز بها.
وأبرز الأمين العام لمجلس الجالية المغربية، في افتتاح الدورة التكوينية، أن المغرب يولي أهمية كبيرة لتعليم اللغة العربية لأبناء المهجر، مشيرا إلى أن مختلف الاتفاقيات التي وقع عليها المغرب والمتعلقة باليد العاملة تتضمن بنودا تتعلق بتدريس اللغة العربية.
وفي تصريح لـ”المغربية”، أوضح بوصوف أن أهمية هذه الدورة التكوينية تكمن في تلقين الأساتذة المشتغلين الأدوات البيداغوجية، التي تمكنهم من التدريس الجيد لأبناء المغاربة المقيمين في إسبانيا، وخاصة كطالونيا، مشيرا إلى أن هناك إقبالا كبيرا على تعلم اللغة العربية التي ستربط الأطفال المغاربة والأجيال الصاعدة في المهجر بالوطن الأم، خاصة في عالم مُعولم، تلعب فيه الثقافة دورا أساسيا.
من جهته، قال عبد الكريم لطيفي، رئيس اللجنة العليا الثقافية لمسلمي كطالونيا، في تصريح لـ”المغربية” على هامش الدورة، إن “التكوين يستهدف أساتذة من جمعيات المغاربة المقيمين بالخارج”، مضيفا أن هناك “نسيجا جمعويا كبيرا في إسبانيا وكطالونيا، نحاول من خلال هذه المبادرة تقنين تدريس اللغة العربية بتعاون مع الجهات المعنية ببلادنا، كما نطمح لأن يكون هذا التكوين مستمرا، وأن يكون العمل في هذه المهنة لهؤلاء الأساتذة قارا”.
وطالب لطيفي الجهات المعنية بتوفير مقررات خاصة بتعليم اللغة العربية لأبناء المهجر، وفتح باب الحوار أمام اللجنة من أجل الإعداد للمرحلة الثانية، لوضع برنامج يتضمن سنتين للتكوين المستمر.
من جهته، أبرز محمد الفران، مدير معهد الدراسات والأبحاث للتعريب، جامعة محمد الخامس، في كلمة بالمناسبة، تنوع أنماط تعليم اللغة العربية، وعدم انسجامها أكاديميا وبيداغوجيا، سواء من حيث التأطير أو من حيث برامج التكوين ببلاد المهجر، فضلا عن تنوع الفاعلين الكلاسيكيين، بما فيهم الدوائر العمومية والأوساط الجمعوية والمساجد، مشددا على أن هذا الوضع أصبح يفرض عادة النظر بالبحث والتقويم في تعدد العرض.
وأضاف مدير المعهد أن هناك ضعفا في الإقبال على المنظومة البيداغوجية التي تقدم لأبناء الجالية في أوروبا، وعجزها عن تلبية حاجيات المتعلم والمعلم، مؤكدا أنه لا يمكن إنكار وجود أزمة ثقافية في أرض المهجر ناتجة عن أسباب عدة، أبرزها، حسب الفران، أن التعليم غير المنظم جعل الجمعيات والمساجد تتحمل عبء المسؤولية فيه، وتعمل على تأطير وتدريس اللغة العربية للأطفال، ما جعلها تتخبط في عشوائية التسيير وانعدام الكفاءات المطلوبة في هذا المجال.
وأفاد أن الأساتذة لا يخضعون للتكوين، وتنقصهم المؤهلات الأكاديمية، لأن عملهم يبقى تطوعيا، ما “يوسع الهوة بين ما يقدمونه من تعليم وبين طرق التدريس المتبعة في المدارس الأوروبية، وما ينفر أطفالنا المقيمين بالخارج من ثقافتهم ولغاتهم الأصلية، لاختلاف المنهج واختلاف أساليب التشويق وترسيخ المهارات، بالإضافة إلى الاعتماد الكلي على كتب ومقررات المنظومة التعليمية لتدريس اللغة العربية، سواء في المغرب أو من الشرق الأوسط، لا تراعي الخصوصية اللسانية واللغوية لمختلف الدول الأوروبية، كما لا تراعي الفرق بين هؤلاء وأولئك.
ويرى الفران أن هذا الارتجال أدى إلى خلق أجيال غير قادرة على تعلم اللغة العربية، وحتى التعبير بها بصورة سليمة، داعيا إلى ضرورة إصلاح تعليم اللغة العربية أيضا في الجمعيات والمساجد، بالاعتماد على مقاربة علمية جديدة.
عزيزة الغرفاوي، موقع “المغربية”