تتميز برمجة مجلس الجالية المغربية بالخارج في الدورة 30 للمعرض الدولي للكتاب والنشر بالرباط، بتسليط الضوء على إبداعات مغاربة العالم وفتح المجال أمامهم للتبادل والنقاش مع جمهور المعرض الواسع، وحتى مع زملائهم من دول أخرى.
وقد تم إدراج هذا البعد في فقرة خاصة بعنوان “روائيون مغاربة من الخارج يستضيفون زملاءهم من مختلف أنحاء العالم”، والتي تتضمن جلسات حوارية يستضيف فيها أحد الكتاب المنحدرين من الهجرة المغربية كاتبا آخر من دولة أخرى، تدور حول قضايا المنفى، والهجرة، وحركيات التنقل، والأخر…
ضمن هذه السلسة استقبل الكاتب والمحلل السياسي الفرنسي المغربي، رشيد بنزين في الرواق المشترك لمجلس الجالية المغربية بالخارج ووزارة الشباب والثقافة والاتصال، الكاتب الفرنسي المزداد بالجزائر والمقيم بجزيرة طايتي باتريس غيراو، للنقاش والتبادل حول روايته “ثلاث نوى مشمش” (منشورات Au vent des Iles-2025)، وهي أول رواية للكاتب الفرنسي الذي اشتهر بكتابة كلمات أغاني مجموعة من الموسيقيين العالميين.
تحكي الرواية قصة طفل في الثامنة من عمره عاش مأساة رهيبة، بوفاة مديرة مدرسته أمامه، وهي المأساة التي أيقظت بداخله ذكريات حياته التي كانت سعيدة في قرية في الجزائر قبل أن يلوح شبح الحرب في الأفق، حاملاً معه ما يحمله من أهوال وسخافات.
“يتشبث الطفل سوفور ببراءته، مستمداً كل ما يستطيع من سعادة من هذه الذكريات. لكن دون جدوى. هل هو الشاهد أم الممثل في هذه المأساة؟ هل هكذا يكبر أطفال الحرب والموت يلاحقهم باستمرار” نقرأ في تقديم دار النشر.
تطرح الرواية بحسب كاتبها موضوع الحرب بعيون طفل بريء، وما تسببه الحروب من مأسي وآلام للأطفال دون مراعاة لأعمارهم، هم الذين لا يدركون أسباب هذه الحروب؛ ويتساءل باتريس غيراو قائلا، كيف يمكن ان نطلب من طفل أن يحب ويحترم الآخر وهو نشأ في ظروف حروب لا تحترم الطفولة؟ مضيفا أن الأطفال يواجهون باستمرار أحداثا صعبة بردود فعل باردة أو منعدمة وذلك لا يعني أنهم لا يحسون ولا يفهمون بل فقط لا يملكون وسائل التعبير مثل الراشدين.
في هذا الحوار أراد الكاتب رشيد بنزين طرح إشكاليات التعامل مع الذاكرة، ورواية التاريخ والحديث عن العنف والحداد والصدمات، وأيضا مسألة الحيادية في إيصال الذاكرة أو كتابتها، ويرى باتريس غيراو، أنه لا يمكن أبدا تمرير الذاكرة بطريقة ايجابية او بطريقة محايدة خصوصا في حالات الصدمات والحروب، لأنها ترتبط بأحاسيس من يوصلونها، لكن توثيق الذاكرة يبقى أفضل من الصمت.
وحول الكتابة من منظور طفل صغير وسرد الأحداث بعيونه، يعتبر باتريس غيراو، أن هناك العديد من الكتاب الذين تبنوا هذه المنهجية في الكتابة ووضعوا نفسهم في الحكي مكان الأطفال، وهو تمرين يتطلب في نفس الوقت لغة سلسلة وسهلة لكنها لا تخلوا من القليل من العمق لأن الأطفال يمكنهم في عمر مبكرة فهم مجموعة من الأشياء حولهم والتعبير عنها.