50 سنة من الهجرة المغربية إلى ألمانيا

السبت, 06 أبريل 2013

سلطت المائدة المستديرة التي احتضنها رواق مجلس الجالية المغربية بالخارج، في إطار مشاركته في الدورة التاسعة عشر من المعرض الدولي للكتاب بالدار البيضاء، اليوم السبت 6 أبريل 2013، حول موضوع: "50 سنة من الهجرة المغربية إلى ألمانيا"، الضوء على أوجه الغنى والتنوع والاختلاف الذي تعرفه الهجرة المغربية إلى ألمانيا.

 

وقد عرفت هذه المائدة المستديرة مشاركة كل من سرية مقيت، ورحيم حجي، وختيمة بوراس، وعبد اللطيف يوسفي، وأدار النقاش محمد مسعاد العضو المؤسس لشبكة الكفاءات المغربية بألمانيا.

 

ملامح الهجرة المغربية إلى ألمانيا.

في البداية، ذكرت سرية مقيت، رئيسة شبكة الكفاءات المغربية بألمانيا، أن الهجرة المغربية إلى ألمانيا كانت في بداياتها هجرة رجولية ومؤقتة، ثم بعد ذلك أصبحت الهجرة تشمل الرجال والنساء معا، مشيرة إلى هجرة الطلبة المغاربة إلى ألمانيا التي بدأت بشكل أساس في بداية التسعينات من القرن الماضي.

وأكدت سرية مقيت بأن هجرة المغاربة كان ينتج عنها في البداية نوع من التوجس والخوف من طرف المجتمع الألماني، لكن في الفترة الأخيرة بدأنا نشهد نوعا من الانفتاح عن الجالية المغربية، تضيف مقيت.

كما أشارت رئيسة الشبكة إلى اندماج هذه الجالية في بلدان الإقامة، وذكرت في هذا الصدد أن 95 ٪ من المواطنين ذوي الأصول المغربية حاصلون على الجنسية الألمانية.

بالنسبة لختيمة بوراس، الأستاذة الجامعية بجامعة بوخوم، فإن مرور خمسين سنة على الهجرة المغربية إلى ألمانيا هي مناسبة للتأمل في قضية الهجرة من مختلف النواحي الاقتصادية والاجتماعية والثقافية...، وكذا النظر في ما تتميز به هذه الهجرة من إيجابيات، والتعريف بغناها وتنوعها.

أما الباحث السوسيولوجي رحيم حجي، المولود بألمانيا، فيعتقد أن هذه المائدة المستديرة تشكل نقطة مهمة وإيجابية؛ ذلك أنه لأول مرة -في رأيه- تتم فيه مناقشة 50 سنة من الهجرة المغربية إلى ألمانيا في فضاء عمومي. وبدوره أكد حجي على الغنى والتنوع اللذين يميزان هذه الهجرة، سواء بالنسبة للمغرب أو بالنسبة لألمانيا.

وسلط حجي الضوء على المراحل الثلاثة التي مرت منها الهجرة المغربية إلى ألمانيا:

 

المرحلة الأولى تبتدئ من 1963 وهو تاريخ توقيع اتفاقية جلب اليد العاملة المغربية إلى ألمانيا، وتنتهي سنة 1973، وهو تاريخ الانتهاء بالعمل بهذه الاتفاقية. وتميزت هذه المرحلة بكونها هجرة رجولية؛ خاصة من الشمال الشرقي من المغرب.

 

المرحلة الثانية من 1973 إلى غاية 1980، وهي مرحلة التحاق العائلات والأطفال بذويهم في ألمانيا.

وأشار حجي في هذا الصدد إلى أن هجرة الأطفال المغاربة إلى ألمانيا لم تنل حظها من الدراسة؛ خاصة وأن هذه الظاهرة كانت لها آثار اجتماعية عائلية بما أن عددا كبيرا من هؤلاء الأطفال لم يتعرفوا على آبائهم إلا في ألمانيا.

ويرى حجي أن غياب الآباء عن أطفالهم لمدد طويلة، جعل الأجداد يقومون بوظيفة الأب... ولما التحق الأطفال بذويهم بألمانيا نتج هناك صراع بين الأبناء والآباء.

 

المرحلة الثالثة، عرفت فيها الهجرة المغربية إلى ألمانيا موجة جديدة همت بالخصوص هجرة المتعلمين والطلبة من أجل استكمال دراستهم. وفي هذا الإطار، توقف حجي عند مسألة تحتاج إلى دراسة، وهي فشل وعدم توفق جزء كبير من هؤلاء الطلبة في دراستهم.

الكاتب الألماني-المغربي عبد اللطيف يوسفي أشار إلى أن خمسين سنة من الهجرة المغربية إلى ألمانيا هي خليط من التفكير ومن التاريخ ومن الفرح ومن التمزق ومن العودة إلى الجذور؛ وهي عناصر شكلت إضافة إلى عناصر أخرى موضوع الكتابة لديه.

ويعتبر يوسفي نموذجا للأطفال المهاجرين المغاربة الذين استطاعوا أن يقوموا بتغيير مسارهم من حرفي (ميكانيكي) إلى تكوين علمي وأكاديمي عال.

 

مغاربة ألمانيا.. وازدواجية الثقافة والهوية

تكمن قوة المهاجر المغربي -في رأي رحيم حجي- في الجانب الروحي والنفسي والمجتمعي؛ وهي عناصر استطاع من خلالها المهاجر الغربي تجاوز الإشكاليات المرتبطة بالهوية.

أما ختيمة بوراس فتعتقد أن الشباب المغربي الذين يجمعون بين الثقافة المغربية والألمانية قد حققوا نجاحات كبيرة. وهذا ينطبق أيضا على الجاليات الأخرى التي تجمع بين ثقافة الأصل وثقافة بلدان الإقامة.

وأشارت بوراس في هذا الصدد إلى دراسة أنجزت حول 150 ألماني من أصل تركي يتمتعون بازدواجية الثقافة، خلصت إلى أن كل هؤلاء متفوقون اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا...

وتساءلت هذه الدراسة عن سر نجاح هؤلاء فكان الجواب هو أن الأفراد الذين يعيشون في إطار ثقافة مزدوجة تمنحهم طاقة إضافية لا تتوفر في ذوي الثقافة لواحدة.

ومن جانبها، أكدت سرية مقيت أن المجتمع الألماني يعتبر ازدواجية الثقافة أمرا إيجابيا، مذكرة بما يعرفه موضوع التنوع والتعدد الثقافي من تركيز واهتمام من طرف المؤسسات العلمية والسلطات الألمانية.

وفي نظر عبد اللطيف يوسفي فإن الهوية والوطن مرتبطان، وأن الكتابة هي النقطة المفصلية بين الهوية والوطن. وقال: المغرب هو الوطن العاطفي وألمانيا هي الوطن الثقافي والعقلاني.. أكتب بالألمانية وأعبر بالعربية، يضيف يوسفي.

 

الاحتفال بمرور 50 سنة من الهجرة المغربية إلى ألمانيا..

وبخصوص الاحتفال بمرور 50 سنة من الهجرة المغربية إلى ألمانيا، قالت سرية مقيت إن شبكة الكفاءات المغربية بألمانيا أعدت برنامجا يتضمن إصدار مجموعة من الكتب والإصدارت التي تسعى إلى توثيق وتدوين هذه الهجرة، إضافة إلى تنظيم ندوات وورشات ثقافية وعلمية، كما تم إدماج الجيل الثاني والثالث في فقرات البرنامج.

ويهدف هذا البرنامج -تقول مقيت- إلى الاعتراف بدور وجهود الجيل الأول من المهاجرين في مساهمتهم في تنمية المغرب، خاصة منطقة الشمال الشرقي من المغرب التي تشكل ٧٠ ٪ من المهاجرين المغاربة بألمانيا.

Google+ Google+