مثقفون يستعرضون التحديات التي تواجه العالم العربي

الأربعاء, 18 فبراير 2015

بالنظر لكون العالم العربي أصبح يمثل موضوع العالم اليوم لكونه مسرحا لاحداث متسارعة وعميقة ستعطي قسمات النظام العالمي الذي هو في صدد التشكل، أصبح التساؤل مطروحا هل هذه التحولات هي نهاية لمرحلة ولفكرة ام بداية لعالم عربي جديد؟ بهذه التوطئة التي طرحها الدكتور مصطفى المرابط انطلقت الندوة التي احتضنها رواق مجلس الجالية المغربية بالخارج مساء الأربعاء 18 فبراير حول موضوع "العالم العربي في مواجهة التحديات الثقافية".

التداعيات السياسية للمنظور الثقافي
IMG 0019 1في أولى مداخلات الندوة اعتبر الكاتب السعودي زيد الفضيل أن التحديات الثقافية العربية يمكن التطرق إليها من من كون تحدي المحافظة على المنظور الثقافي للامة العربية مرتبط ويؤثر أساسا في النظام السياسي.
ويرى الكاتب والإعلامي السعودي أن تغيير المنظور الثقافي هو اهم مرتكزات تغيير اي هوية عربية، ضاربا المثال بتأسيس الجامعة العربية بداية القرن الماضي الذي جاء في سياق ثقافي أوجد لدى الامة العربية مفهوم الامة والتحالف الثقافي، وهو ما تغير مع بروز مفهوم ثقافي آخر هو العولمة التي أفرزت شرخا في الهوية القومية العربية ظهر جليا بعد حرب تموز وبروز تيار لا يعترف بالوجود الديني في الدولة، ونفس الأمر حدث مع أحداث الربيع العربي  حيث جعل المنطقة تدخل في توجه جديد ظهرت معه النزعة العرقية والطائفية.
 حاليا ابرز تحدي يواجهه كمثقف تنويري هو ان يبحث عن المنظور الثقافي للحفاظ على الدولة الوطنية بعيدا عن الدولة القومية" يضيف الفضيل
تحدي آخر تطرق إليه زيد الفضل خلال هذه المائدة المستديرة هو التحدي المعرفي، واعتبر أن العالم العربي في حاجة إلى  نحتاج الى اعادة تكوين السياق الذهني في ظل غلبة توجه الغالب والمغلوب الذي نتج عنه انزياحات كبيرة في الثقافة العربية.

التجربة التونسية وفشل حزب النهضة
IMG 0019 3أما عبد الجليل سالم رئيس جامعة الزيتونة بتونس فقد خصص مداخلته لعرض التجربة التونسية في الديمقراطية وبناء الدولة خصوصا ما بعد سقوط نظام زين العابدين بنعلي معتبرا أن ما حدث في تونس من انزياح النظام هو خاضع لقانون خلدوني بنفس الشروط التي سقط بها بورقيبة: احتقان سياسي وحراك اجتماعي ومسالة بطالة وقمع فتحركت نخبة لاسقاط بورقيبة، نفس القانون هو الذي اسقط بنعلي احتقان وسل حد الانسداد فوقع الانفجار على يد الشباب من دون مشاركة الاحزاب السياسية.
واستعرض سالم تجربة الإسلاميين في السلطة بتونس التي قال إنها جاءت في سياق ثورة الياسمين حيث "كل الاحزاب كانت ضعيفة والحزب الوحيد المنظم هو النهضة لذلك فاز بالانتخابات، وعدم فهم هذه الحقيقة هو ما جعل الحياة السياسية في ارتباك الى الآن".
وعن تنحي حزب النهضة عن السلطة وتنظيم الانتخابات التي أعطت فوز حزب نداء تونس، تحدث رئيس جامعة الزيتونة بصفته مثقفا عاصر هذه الأحداث وقال إن حزب نداء تونس لم يكن موجودا وما اوجده هو عدم نجاح حكومة الترويكا في تسيير دواليب الدولة نظرا لانها لم تكن تملك من الخبرة الادارية والثقافية ما يسمح لها ان تقود دولة عميقة مثل تونس.
ووصف سالم صعود حزب نداء تونس العلماني على أنه نتيجة طبيعية للوعي بان المصلحة الوطنية تفرض على حزب النهضة الإسلامي  التخلي عن السلطة حفاظا على المصلحة العليا للدولة التونسية، مرجعا الفضل في بروز هذا الوعي إلى جناح داخل حزب النهضة الذي أقتنع بضرورة ابقاء الدولة الوطنية وادماج الاسلاميين فيها لأنها يمكن أن تنهار أمام تنامي الإرهاب والتطرف في دول مجاورة.
وختم سالم مداخلته بانتقاد تصور الإسلاميين للدولة الحديثة مشددا على أن  مشكل الاسلاميين هو مشكل الضعف الثقافي لمشروع الدولة الذي جاؤو به، والذي وبالرغم من كونه يبشر بالتجديد لكنه يبقى تقليديا، ليختم بتساؤل: "هل يمكن ان ننتج فكرا اسلاميا قادرا على ان يعيش اللحظة التاريخية التي تعيشها البشرية؟".

كوروغلو يشيد بالنموذج التركي
IMG 0019 2وفي مداخلة أخرى خلال نفس الندوة عرض الكاتب والمحلل السياسي التركي برهان كوروغلو، جوانب من نجاح التجربة التركية، والتي مرت بدورها بما مرت به بعض الدول العربية في إطار الربيع العربي، منذ خمسين سنة وبالضبط سنة 1950 بانتخابات تلاها انقلاب عسكري وتوالت بعد ذللك الانقلابات الى ان استطاعت البلاد أن تصبح نموذجا يحتدى به بعد توجهها نحو الانتاج الاقتصادي والتنمية البشرية.
وبحسب كوروغلو  فإن العالم الإسلامي يوجد في أزمة منذ مائتي سنة والتاريخ الحديث يوكد ان العالم الاسلامي يمر من ازمة من ضعف الانتاج الاقتصادي والعلمي والثقافي، مضيفا أن الوعي بهذه الأزمة جاء بعد فوات الاوان وتشتت الامة، وتقلص  حلم بناء دولة الموحدة الى حلم الحفاظ على الدولة الوطنية.
واستثنى الكاتب التركي إيران وتركيا من الأزمة التي لا زال يعيشها العالم العربي بالنظر لكونهم استطاعوا تشكيل دول وطنية بها استقرار بعد سقوط الدولة العثمانية.
وذكر كوروغلو بأن تركيا التي تحولت في العشرين سنة إلى قوة اقتصادية ووجهة علمية للطلاب الأجانب  تمثل نموذجا يمكن لدول الجوار أن تحتدي به نظرا للتاريخ والعادات المشتركة، مؤكدا في نفس الوقت على أن معاناة تركيا لا تنتهي بحكم ان المنطقة تعيش مشاكل كبرى، كما أبدى تفاؤله لما يحدث في العالم العربي بالرغم من الألم الذي يسببه.

هيأة التحرير

مختارات

Google+ Google+