قيم التآزر والتراحم تغمر مائدة الإفطار على ضفاف قناة بنما

الثلاثاء, 21 يونيو 2016

بنما، في هذا البلد البعيد الواقع بأقصى الجزء الغربي من الكرة الأرضية، تعيش أقلية مسلمة من ملل ونحل مختلفة، فرقتها الجذور والأقدار وجمع بينها بلد الإقامة، وكثير من قيم التآزر والتراحم في شهر رمضان الكريم.

ففي ربوع بنما، ينتشر حوالي 12 مسجدا وقاعة صلاة، جلها بالعاصمة بنما ومدينة كولون الاقتصادية، وتصبح هذه القاعات قبلة لجل مسلمي البلد مع بداية مساء كل يوم، إذ يحرص العديد من المسلمين على الإفطار جماعة، كتعويض على افتقاد الأجواء الروحانية والتقاليد العريقة التي تطبع هذا الشهر الفضيل بالبلدان العربية والإسلامية.

ويؤكد بلال، ليبي يقيم ببنما منذ حوالي 4 سنوات، أن تناول الإفطار في المسجد أصبح طقسا شبه ثابت منذ قدومه إلى بنما، فاغترابه الأول قاده إلى فنزويلا ذات يوم رمضاني من سنة 2012، هناك حيث قضى 6 أشهر قبل شد الرحال نحو بنما.

وقال إن الإفطار الجماعي رفقة باقي مسلمي البلد فيه تعويض عن افتقادي لأجواء رمضان ببلدي، على الأقل هنا نشاطر الاحساس بالتضامن والأخوة بعد يوم عمل طويل، لكن الآن الأمور تغيرت بعدما صرت رب عائلة لها علي حق الرعاية والمحبة.

ويصوم المسلمون ببنما، هذا البلد الواقع بين المحيطين الأطلسي والهادي والذي يعتبر صلة وصل بين الأمريكيتين الشمالية والجنوبية، أزيد من 14 ساعة في اليوم، في طقس حار وشديد الرطوبة، ما يجعل ساعات الصيام أكثر مشقة.

وأسر عبد الله، مغربي ينحدر من عين بني مطهر والذي حل ببنما قبيل رمضان بأيام قليلة في إطار عقد عمل يمتد لشهرين، أنه يفتقد كثيرا أجواء رمضان رفقة العائلة التي بقيت بمدينة بلباو الإسبانية، معتبرا أن العمل والصيام ببنما قد تكون تجربة "فريدة" على المستوى الشخصي.

وأضاف هذا المغربي، ذو السابعة والثلاثين ربيعا والذي يعمل في ورش تابع لقناة بنما، أنه لحسن حظه يقضي ساعات دوامه بأماكن مظللة، لكون شمس بنما الحارقة ومعدل الرطوبة المرتفع يساهم في فقدان الجسد كميات كبيرة من المياه، مياه لا يمكن تعويضها طيلة ساعات الإمساك.

وأسر "لحسن حظي أن العديد من العمال مع من أشتغل بالورش، يحترمون شعائري الدينية"، مبرزا أنه في إطار التعاون، يتفادى زملاؤه تكليفه بمهام قد تعرضه طويلا لأشعة الشمس أو للحرارة المفرطة، كما تم تمكينه من رخصة المغادرة المبكرة ليتمكن من الإفطار مع أذان المغرب.

ويجد عبد الله عزاءه في الإفطار الجماعي مع مسلمي البلد كلما سنحت له الفرصة لتقليل وطأة الاغتراب، لكن وبسبب ظروف العمل، أحيانا كثيرة قد تمتد ساعات الدوام إلى ما بعد أذان المغرب وتمتد معها المشقة، وإرادة الصبر على أداء الواجب، ف "العمل عبادة" أيضا.

بدوره، يحرص سعيد، الذي يعتبره الكثيرون قيدوم مغاربة بنما بعد إقامته بالبلد لحوالي 25 سنة، على إضفاء لمسة مغربية على أجواء رمضانه ببلد الإقامة، فمهارته في فن الحياة المغربية مكنته دائما من تزيين مائدة الإفطار ببعض "الشهيوات" التي عز نظيرها في هذا البلد القصي، ومن بينها بعض الحلويات والشوربات المغذية بعد ساعات الصيام الطويلة.

وأبرز أنه اعتاد على بنما وتأقلم رمضانه مع أجوائها المناخية والاجتماعية، فالصيام عبادة شخصية لا تتطلب أن يعيش الانسان في مجتمع مسلم، لكنها عبادة تسمو بالروح عن المادية نهارا، وتدفعه إلى مزيد من الزهد ليلا.

عن وكالة المغرب العربي

الصحافة والهجرة

Google+ Google+