نظم مجلس الجالية المغربية بالخارج بالإمارات العربية المتحدة مؤخرا الأيام الثقافية المغربية. وبالموازاة مع هذه الأيام الثقافية انعقد الملتقى الجهوي الرابع لمغربيات من هنا وهناك ليختتم سيرورة لقاءاته الموضوعاتية حول الهجرة النسائية المغربية بمغربيات الخليج.
لقد عانت المهاجرات المغربيات في الخليج ولا تزال، من ظلم إعلامي ومجتمعي جعلها ضحية صورة نمطية تنظر إليها ومن دون أدنى تردد أو تفكير على أنها تمتهن مهنا تخل بشرفها، سواء كانت دعارة أو شعوذة أو نصب، وكسارقة تنتظر فرصتها للقض على رجل ثري تخطفه من بين أحضان أسرته.
صورة كرسها تضخيم إعلامي لاستثناءات كانت ضحية لهذه السلوكات قبل أن تكون مسؤولة عنها؛ فأصبحت المرأة المغربية في الخليج مقرونة بكل ما هو مشين سواء في الشارع أو في العمل أو حتى في الأعمال التلفزية وعلى صفحات جرائد ذوي القربى، الذين عادة ما يكون ظلمهم أشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند، بتعبير طرفة ابن العبد.
خلال الأيام الثقافية المغربية بالإمارات أصرت النساء المغربيات المقيمات في بعض دول الخليج على كسر حاجز الصمت، ورفعن تحدي التعريف بأنفسهن وتسليط الضوء على نصف الكأس المملوءة التي حتى وإن كانت تشكل الجزء الأكبر لكن إشعاعها يظل مختفيا وسط دوامة من الصور المغلوطة والأحكام الجاهزة.
لقد استطاعت المهاجرات المغربيات في الخليج بالرغم من حداثة هذه الهجرة مقارنة بمثيلتها في أوروبا على سبيل المثال، أن يتبوأن مراكز جد مشرفة جعلتهن مفخرة لبلدهن وسفيرات يقدمن أفضل نموذج في المجتمعات التي يقمن بها. منهن الطبيبات والمهندسات ونساء القانون والإعلاميات ونساء الاقتصاد والأعمال، وفنانات تشكيليات، وكذا حرفيات يكسبن قوتهن من عرق جبينهن ويساهمن في تحسين أوضاعهن الاقتصادية وتنمية بلدهن الأصلي.
لعل أهم ما تم تسجيله خلال الأيام الثقافية المغربية بالإمارات أو من خلال ملتقى مغربيات من هنا وهناك هو ذلك التعدد الذي يميز الهجرة المغربية النسائية في الخليج كما هو الشأن بمثيلاتها في باقي جهات العالم، مع خاصية فريدة هي الالتزام بمبادئ العيش المشترك وبالقوانين الجاري بها العمل في مجتمعات الإقامة، وكذا التشبث الوثيق بالبلد الأصلي، المغرب، بعاداته وتقاليده وثقافته المتعددة الروافد، ولهجته التي لم تؤثر عليها سنوات الهجرة في الخليج أو حتى سنوات التحصيل العلمي في دول أوروبية وأمريكية بما أن أغلب الكفاءات المغربية العليا العاملة في الخليج تلقت تكوينها في دول أجنبية.
وبالإضافة إلى العروض الأكاديمية وموائد النقاش التي عرفها ملتقى مغربيات من هنا وهناك لدول الخليج، وفي محاولة لإبراز الزخرفة الثقافية للمغرب قدم مجلس الجالية المغربية بالخارج صورة مقتضبة عن الموروث الثقافي المغربي من خلال معرض للصناعة التقليدية في أرقى معارض أبو ظبي، وسهرات موسيقية جمعت بين التراث الأندلسي والموسيقى المغربية الأصيلة، إضافة إلى إبراز عراقة اللباس التقليدي المغربي بالإضافة الى عروض فنية كوميدية، وكل ذلك يهدف بالأساس إلى تقديم صورة مغايرة للصورة النمطية عن المغرب ومواطناته في الخليج، وخلق مصدر فخر وإلهام لهؤلاء المهاجرات للتغلب على الغربة وتعزيز روابطهن بوطنهن الأم.
وكما قالت إحدى المغربيات النموذجيات في إحدى الموائد المستديرة خلال حديثها عن محاولة التعريف ببلدها من خلال ارتدائها القفطان المغربي خلال حفلات جامعتها، فإن كل الأشياء الكبيرة تكون في البداية صغيرة، والجميع مدعو كل من موقعه لتصحيح الصورة النمطية عن النساء المغربيات في الخليج حتى لا يحسسن بأدنى مركب نقص في مجتمعات الإقامة ولا يخجلن عند تواجدهن في المغرب من كونهن مواطنات مغربيات يشتغلن في دول الخليج، من دون الحاجة الى تبرير أعمالهن أو مجالات اشتغالهن درءً لكل سوء فهم.