الجمعة، 27 دجنبر 2024 03:04

الاختلاف.. عامل إثراء للإنسانية

الثلاثاء, 26 يناير 2016

أصبح المواطنون الأوروبيون من أصل مغربي يشغلون مناصب هامة في جميع المجالات في القارة العجوز مع كل المعطيات التي تجعل منها "القارة الجديدة". فهم مسؤولون سياسيون وعلماء ومفكرون وأكاديميون وصحفيون وكتاب وفنانون ورياضيون ونقابيون... إن هؤلاء النساء والرجال الذين اندمجوا بشكل تام في بلدان الهجرة يمثلون أفضل درع أمام انتشار العنصرية. كما ان إعلان بعضهم ازدواجية انتماءه إلى بلد إقامته وبلده الأم يجب أن يؤخذ على أنه مكسب وعامل إيجابي للإنسانية جمعاء.

إن الإنسانية تتقدم عندما يبرز الاختلاف والتعدد كعامل إثراء مشترك، فلولا هذا التعدد والانصهار لما أصبحت الولايات المتحدة قوة عظمى، وكما ساهمت الحروب التراجيدية للقرن العشرين من خلق مجتمع الأمم ثم بعد ذلك الأمم المتحدة، فإن الحرب الاهلية في إسبانيا سنة 1963 التي سقط خلالها عدد كبير من القتلى كان لها أهمية خاصة في ثقافة التاريخ المعاصر، حيث فقد انخرط المفكرون والرسامون والكتاب خصوصا الروائيين إلى جانب الديمقراطيين الإسبان ضد فاشية فرانكو.

هذا دون الحاجة إلى التذكير بمرحلة المفصلية في تاريخ المغرب، وبالضبط عندما قرر الملك الراحل محمد الخامس مواجهة الإيديولوجيا النازية، ورفض سياسة فيشي السارية في فرنسا بلد المساواة والأخوة، وقرر حماية اليهود المغاربة ورفض أي شكل من أشكال التمييز ضدهم.

من غير الممكن محو التاريخ، إنه مكتوب ومحفور في ذاكرات الأشخاص وفي الكتب والمؤلفات. إن التاريخ ليس تجسيدا رياضيا ولكنه مسار إنساني يمكن بفضل المعرفة والتمكن من عيش أفضل لهوياتنا المتعددة في احترام تام للحق في الاختلاف ولخصوصيات كل الفئات، لأن "نقاء العرق" أفرز غرف الغاز والمذابح والتجريد من الإنسانية خلال النصف الأول من القرن الماضي.

وإذا كان هناك اليوم أشخاص ولدو من آباء أو أجداد قدموا من دولة أخرى ونجحوا في فرض ذواتهم كمواطنين في مجتمعات أصبحوا جزء منها فإن ذلك هو خير دليل على أن العنصرية مفهوم ينفي الإنسانية.

إن المهاجرين حاليا في البلدان الأوروبية وفي باقي الدول المتقدمة اقتصاديا، يؤكدون أكثر فأكثر بأنهم مندمجون في مجتمعات الإقامة من دون التنكر لبلدانهم الأصلية وبأنهم بدورهم أفراد في المجتمع الغربي.

هياة التحرير

Google+ Google+