الـرسـالة السـاميـة لصـاحب الجـلالـة المـلك محمـد السـادس، نصـره الله

السبت, 13 يونيو 2009
 

الـرسـالة السـاميـة لصـاحب الجـلالـة المـلك محمـد السـادس، نصـره الله المـوجهـة إلـى المشـاركيـن فـي الملتقـى العـالمـي الأوللمجـالـس ومـؤسسـات ومنتخبـي المهجـر لـدى بلـدان العـالـم الربـاط، 5 ربيـع الأول 1430 هـالموافـق 3 مـارس 2009 م.

 

الحمـد لله، والصـلاة والسـلام علـى مولانـارسـول الله وآلـه وصحبـه. حضـرات السيـدات والسـادة،إنـه لمـن دواعـي اعتـزازنـا، أن يستضيـف المغـرب، الملتقـى العـالمـي الأول، لمجـالـس ومـؤسسـات ومنتخبـي المهجـر، فـي مختلـف بلـدان العـالـم.

ويطيـب لنـا بهـذه المنـاسبـة، أن نتـوجـه بعبـارات التـرحيـب لكـل الشخصيـات المـرمـوقـة، التـي أبـت إلا أن تشـارك فـي هـذا الملتقـى الهـام، مشيـديـن بـدورهـا الإيجـابـي، وإسهـامهـا الفـاعـل، فـي تـأطيـر وتـدبيـر شـؤون الجـاليـات الوطنيـة المهـاجـرة.

كمـا نـود، فـي هـذا الجـو المفعـم بـالثقـة والعـزم الـوطيـد، علـى صنـع مستقبـل أفضـل، التنـويـه بمبـادرة مجلـس الجـاليـة المغـربيـة بـالخـارج، لتنظيـم هـذا الملتقـى الأول مـن نـوعـه، وجعلـه لحظـة تـأمـل جمـاعـي، واستشـراف مـستقبلـي. وذلـك مـن منطـلـق تقييـم مختلـف التجـارب فـي هـذا المجـال، وتفـاعـلهـا وتـلاقحـهـا، لمـا فيـه مصلـحـة المهـاجـريـن مـن مختـلـف البلـدان والأجنـاس، دون تمـييـز أو إقـصـاء.

حـضـرات السيـدات والسـادة،كمـا لا يخفـى عليكـم، فقـد غـدت الهجـرة ظـاهـرة عـالميـة، مـتسارعـة ومتعـددة الأبعـاد والاتجـاهـات. فالمشـاكـل التـي يعيشهـا المهاجـرون أصبحـت متقاربـة ومتشابهـة، سـواء فيمـا يخـص تيسيـر الانـدمـاج فـي بلـدان الاستقبـال، وتـوفيـر الحيـاة الكـريمـة لهـم، والمـشاركـة الفـاعلـة فـي تنميـة وتقـدم هـذه البلـدان، أو فيمـا يتعلـق بتوطيـد أواصـر الارتبـاط الثقـافـي والاجتمـاعـي، وصيـانـة هـويـة الـوطـن الأم والحفـاظ عليهـا. وكذلـك الشـأن بالنسبـة لتحقيـق الـوئـام والتـوازن والتكـامـل بيـن الـروافـد المتنـوعـة، لمختلـف هـويـات المهـاجـريـن، مـن حيـث أتـوا، وحيثمـا وجـدوا.كمـا أصبـح العـالـم اليـوم، يعيـش بالفعـل "عـولمـة" حضـاريـة، تسـاهـم فيهـا كـل الثقـافـات الإنسـانيـة. عـولمـة قـائمـة علـى جـدليـة التفـاعـل والإغنـاء المتبـادل، لمـا فيـه خيـر الإنسـانيـة جمعـاء، وبمـا يخـدم تقـدمهـا، ويسهـم فـي إشـاعـة قيـم التفـاهـم والسلـم، والتسـامـح والتعـايـش والتضـامـن، بيـن مختلـف مكـونـات المجتمعـات البشـريـة.

وذلكـم هـو البعـد الحضـاري الإيجـابـي الـراهـن للـهجـرة، والـرهـان المستقبلـي للمهـاجريـن فـي كـل مكـان.بيـد أن هـذا البعـد الإيـجـابـي فـي كـل مستـويـاتـه، لا ينبـغـي أن يحجـب عـنـا كـون الهـجـرة تنـطـوي علـى تحـولات عميـقـة، تعـرض القـيـم الـروحيـة والثـقـافيـة للاهـتـزاز، بالنـسـبـة لكـل المهـاجـريـن، عـلى حـد سـواء، مـن بلـدان الجنـوب إلـى الشمـال، ومـن الشـرق إلـى الغـرب.ومـن ثـم، فـإن التـدارس الجـاد لمختلـف الإشكـالات السيـاسيـة والقـانـونيـة والحقـوقيـة، والاقتصـاديـة والاجتمـاعيـة، والثقـافيـة والـروحيـة، التـي قـد تعتـرض المهـاجـريـن فـي مختلـف النظـم والبيئـات، الـتي يعيشـون فيهـا، يطـرح قضيـة ملحـة، واهتمـامـا مشتـركـا بيـن جميـع المـؤسسـات والهيئـات، التـي تعنـى بشـؤون الهجـرة فـي كـل منـاطـق الـعالـم.

ومـن هنـا، فـإن التنـاول الجمـاعـي والمعـالجـة الـمنسقـة لهـذه القضـايـا، مـن شـأنـه أن يسـاهـم، بمـا سيتمخـض عنـه مـن مقتـرحـات وتصـورات، فـي إيجـاد الحلـول المـلائمـة، لتصبـح نهجـا عـالميـا مـوحـدا فـي تعـدده، فـي ظـل احتـرام كـل الخصـوصيـات والثـوابـت الوطنيـة والمحليـة، وصـون مختلـف الهـويـات، والالتـزام بالقيـم والمبـادئ الكـونيـة.ولنـا اليقيـن بـأن ملتقـاكـم العـالمـي الأول هـذا، سيشكـل لبنـة مـؤسسـة، لتقليـد جـديـد مـن التشـاور الـواسـع، وتبـادل الخبـرات ومنطلقـا لإقـامـة فضـاء مهيكـل، وطيـد ومتـواصـل، يتسـم بالـرسـوخ والاستمـراريـة، ويحظـى بالمتـابعـة الجـديـرة.

كمـا أن مـا ستطـرحـونـه مـن مقتـرحـات وأفكـار، وما تعتمـدونـه مـن منـاهـج، سـواء منهـا مـا ينصـب علـى الحـاضـر المعيـش أو يتطلـع إلـى المستقبـل الـواعـد، سـيحقـق النفـع البينـي لكـل المهـاجـريـن، رجـالا ونسـاء وأطفـالا، كـي يسعـدوا حيـث هـم، ويسهمـوا فـي إضفـاء المـزيـد مـن التجـانـس والتنـاغـم بيـن المجتمعـات البشـريـة، وفـي صـون الحقـوق الإنسـانيـة، وانتشـار السـلام والـوئـام بيـن كـل الحضـارات والأديـان والثقـافـات."يـا أيهـا النـاس، إنـا خلقنـاكـم مـن ذكـر وأنثـى، وجعلنـاكـم شعـوبـا وقبـائـل لتعـارفـوا، إن أكـرمكـم عنـد الله أتقـاكـم". صـدق الله العظيـم.

وفقكـم الله، والسـلام عليكـم ورحمـة الله تعـالـى وبـركـاتـه.

 

النسخة الفرنسية



الصحافة والهجرة

Google+ Google+