ولدت رجاء علواني (41 سنة) في هولندا، وبالضبط بمدينة هارلم. استهلت دراستها الابتدائية بالمدارس الهولندية، وذلك في السبعينات من القرن الماضي، وكان عدد المغاربة في ذلك الوقت ما يزال قليلا.
في بداية الثمانينات (1983)، وبعدما مرض والدها ثم توقيفه عن العمل، قرر أن يرجع بعائلته إلى المغرب. وتُرجع علواني سبب هذا القرار إلى "خوفه على العائلة من الضياع ورغبته في أن يتعلم الأبناء العربية والدين والثقافة المغربية".
حَتّم هذا الوضع الجديد على رجاء الالتحاق بالمدرسة المغربية إلى أن بلغت مرحلة التعليم الجامعي؛ فدرست بكلية العلوم في جامعة مولاي إسماعيل بمكناس.
رجعت علواني بصفة نهائية إلى هولندا سنة 1994، وتقيدت في الجامعة بأمستردام في شعبة "البيولوجيا الطبية"، لكنها سرعان ما غيرت رأيها واختارت دراسة مختلفة تماما.
وفي هذا الصدد تقول علواني: "كنت قد بدأت بالعمل التطوعي في مسجد بمدينتنا وكنت أشتغل مع الشابات والمراهقات من أصل مغربي ومن أصول إسلامية عموما، فشغفت بالعمل الاجتماعي والعمل مع الشباب فقررت على إثر ذلك أن أختار دراسة أخرى، حيث دخلت لأدرس في المعهد العالي للتكوين المهني بأمستردام".
حصلت علواني على شهادة عليا كأستاذة في التعليم الثانوي مع التخصص في توجيه الشباب المتعدد الثقافات. وابتداءً من 2001 بدأت تشتغل كموجهة ومساعدة اجتماعية للشباب؛ خاصة الشباب من أصول أجنبية.
فبالإضافة إلى شغف رجاء علواني للعمل مع الشباب، عملت أيضا مع العنصر النسائي. حيث اشتغلت منذ 1994 كمتطوعة مع النساء ذوي الأصول المغربية بشكل خاص.
تم تتويج هذا العمل بتأسيس سنة 1998 "مؤسسة زهور"، وهي مؤسسة "تهدف إلى المساهمة في اندماج النساء المغربيات والعربيات في هولندا، وإلى تشجيع مشاركتهن في المجتمع الهولندي" تقول علواني.
استطاعت هذه المؤسسة، التي هي واحدة من الجمعيات المكونة ل "مؤسسة الجمعيات المغربية المتعاونة في مدينة هارلم"، فتحَ نقاش واسع في مدينة هارلم حول المساعدة الاجتماعية للمواطنين من أصول ثقافية مختلفة، وكذا تعيين موجهات للنساء من أصول مغربية وتركية... في المدينة.
وفي 30 أبريل 2012، وبمناسبة عيد الملكة، تم توشيح رجاء علواني بوسام الملكة من درجة فارس في نظام الأورانيي ناصو وذلك "اعترافا وتقديرا للخدمات التي قدمتها وتقدمها للصالح العام. وقد جرت مراسيم التوشيح خلال حفل كبير بقاعة النبلاء بقصر البلدية بمدينة هارلم الهولندية".
تقول رجاء عن هذا الوشيح: "هذا تشجيع وشرف للمرأة الهولندية المغربية... وهو شرف لمغاربة هولندا".
لا تحبذ علواني من ينظر إليها باعتبارها من "الجالية المغربية" وتفضل في المقابل الحديث عن "مغاربة هولنديين" أو عن "هولنديين مغاربة"، وتقول في هذا الصدد: "لسنا بالجالية، أو بالأحرى الكثير منا ليس بالجالية، فنحن مغاربة هولنديون. فأنا ولدت في هولندا، كالكثيرين غيري، وعشت أكثر حياتي في هولندا، فلا يمكن أن نتكلم في هذه الحالة عن الجالية". و"نفتخر بكوننا مغاربة نحمل معنا إرثا ثقافيا غنيا ومتنوعا"، تضيف علواني.
ترى علواني أن أكبر تحد يواجه الجالية المغربية بهولندا (أو الهولنديون المغاربة) يكمن في القدرة على تعزيز مكانتهم في هذا البلد وتحقيق المشاركة والاندماج، وأن يكونوا مواطنين فاعلين في هذا المجتمع مع الحفاظ على هويتهم.
كما تؤكد على ضرورة العمل على التقليل من نسبة الانحرافات في أوساط الهولنديين من أصول مغربية، حتى يكونوا أشخاصا فاعلين في المجتمع. وهذا المسلك -في رأي علواني- "هو أحسن رد على اليمين العنصري في هولندا، الذي يشجع الانعزال وعدم الاندماج، ويشجع أيضا العداوة ضد الأجانب عموما والمغاربة خصوصا".