يعدّ محمّد بلهيبة، المغربي الدنماركي الملقب بـ"الهيبة"، واحدا من أكثر الفاعلين نشاطا بالمجال الجمعويّ الإنساني على مستوى أوروبا عموما، ودول المنطقة الاسكندينافية بشكل خاصّ.. مستمرّ في أداء إيجابي، بوتيرة متناميّة يوما بعد يوم، منذ ترؤسه جمعيّة Danish relief group سنة 2003.
وهاجر محمّد من المغرب، وتحديدا من الدار البيضاء، نحو الأراضي الدنماركيّة، قبل 26 عاما، باصما على انتقال لفضاء عيش جديد جاء اختياره تلبية لـ"نداء القلب"، فتوجت "هجرة حبّ" بزواج مواطنة دنماركيّة، ليرزقا بابنين اثنين وبنت واحدة، تتراوح أعمارهم ما بين الـ14 والـ20.
بلهيبة تلقّى تكوينا في التدبير التجاري، ليشرع في الاشتغال بقطاع الأعمال عبر إنشاء مطاعم، وبعدها غير اهتماماته بالانكباب على تكوين في التعليم جعله يقرن مساره بقطاع التربية والتكوين.. وإلى جانب التزاماته المهنيّة أقبل المغربيّ الدنماركي ذاته على الاشتغال السياسيّ، ثم قصد المجال التطوعيّ العاني بتوفير المساعدات الإنسانيّة لمحتاجيها عبر عدد من دول العالم.
من نِيستفِيـدْ
في لقاء مع هسبريس فوق تراب بلديّة "نِيسْفِيـد"، القصيّة بزهاء 70 كيلومترا عن كُوبنهَاغن، استرجع محمّد بلهيبة بداياته في الاشتغالات التطوّعيّة التي تعود لما قبل 15 عاما من الوقت الراهن، مقرّا بأن الحدث المفصلي قد تمثّل في لقائه مع مجموعة من المتقاعدين الدنماركيّين المؤمنين بهذا النوع من التعاطي في العمل الجمعوي، ومرافقتهم للالتحاق بـ DRG التي أرسى لبناتها الدنماركي "كْخَابَا" وهو يطلق أولى دفعات المساعدات العينيّة صوب ليتوانيا.. فيما التعامل الحين يتم بين Danich relief group ووزارة الخارجية لكوبنهاغن بشكل مباشر.
"نحن الآن وسط مستودع في ملكية البلدية وموضوع رهن إشارة المنظّمَة، والتعاطي الإيجابي يهم عملنا من لدن عموم المؤسسات هنا بالدنمارك، وأبرزها مجلس تدبير بلديّة نِيسْفِـدْ الذي أنتمي إلى مجلسه للاندماج كعضو بعدما سبقت لي رئاسة اللجنة البلديّة للمجتمع المدني .. وتعدّ التسميات ضمن مواقع المسؤولية مجرّد ألقاب لا تغني عن العمل الجاد، وبذل الجهد من أي موقع كان"، يقول محمّد بلهيبَة ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونيّة قبل أن يضيف: "هذا المخزن الخاص بـDRG هو الوحيد من نوعه على مستوى الدنمارك بأكملها، يتم استغلاله بشكل مجاني من لدن المتطوعين بشكل كامل.. والمرفق هو مصدّر لمساعدات تفد من عموم المؤسسات بالبلاد، أبرزها ما تقدّمه المدارس والمستشفيات، إلى جوار ما يتم التوصل به من فائض إنتاجات عدد من المصانع".
إلى المغرب
تعنَى المنظّمة الدنماركيّة التي يرأسها "الهيبَة" بتوفير مساعدات دوليّة إنسانيّة متمحورة حول الحاجيات التي يتم رصدها في مجالات التعليم والصحة بعدد من البلدان، وبجوار ذلك تقدّم عدد من العتاد شبه الطبي لتلبية ما يستلزمه عيش ذوي الاحتياجات الخاصّة.. فيما التوزيع يتمّ، وفقا لما هو متوفّر، بتركيز على عدد من البلدان الإفريقيّة والأوروبيّة الشرقيّة، مع تدخلات راهنة بالميدان الاجتماعي الدنماركي تهم تلبية حاجيات نواد ينشئها أجانب، وكذا مجموعة من المساجد الكائنة في صور مراكز ثقافيّة تقدّم حزمة خدمات لشريحة واسعة من الناس.
"الجهود المفعّلة من لدن الجمعية تتم بمعية نشطاء آخرين، من أبرزهم الأخوان سليم ومصطفى الطيبي، وحضور المغرب هو مفصليّ لمحددات متعددة، أهمها أنه بلدي الذي لا يمكنني، بالمطلق، أن أبدي تجاهه أي تقصير في الجهد ضمن المساهمة في تحقيق مصالح لساكنته، كيفما كان حجمها، والمعاملات على مستوى الوطن الأمّ قد تمت بمناطق عدّة، أبرزها الصحراء وسوس والوسط والشمال والريف، والجنوب الشرقيّ"، يورد المسؤول عن المنظّمة التي ترسل 22 حاويّة، كمعدّل سنوي لاشتغالها، صوب البلدان التي تهتم بالتعامل مع حاجيات قاطنيها.
ويضيف بلهيبة لهسبريس: "من أبرز النشطاء المتعامل معهم على مستوى المغرب تتواجد أسماء من طينة زينب قيوح وعبد الله الباهي وصلاح الوديع، ومصطفى الطيبي وزينب الرايس ومصطفى لخصم.. وبناء على التقسيم الجهوي الجديد المعتمد من لدن السلطات الإدارية المغربيّة فإننا نرغب في تطوير الأداء عبر تقديم مساعدات لمناطق بالفضاءات الترابيّة الـ12، وذلك غير قابل للتحقق بدون توفير تبسيطات في الإجراءات، والتي تشرف عليها إدارة التعاون الوطني بشكل رئيس.. إذ ما زلنا نطالب بتفادي عراقيل عديدة تتم على مستوى الموانئ التي تصل إليها الحاويات، وتحديدا ما يتبدَى في اتصال بالخطوات المرتبطة بالجمركة".
عراقيل تحتاج ثقة
الناشط الإنساني المغربي الدنماركي ذاته ذكر، خلال اللقاء نفسه، أن الملك محمّد السادس قد تدخل، قبل 11 عاما، لصالح مبادرة وقفت وراءها Danish relief group، بمعية شركائها، من أجل تمكينها من سلاسة في استفادة المعنيين بها، وفصّل بقوله: "خلال إحدى العراقيل التي واجهت نشاطنا المقترن بالمغرب، وتحديدا عام 2004، تدخل الملك شخصيا لتمكين دار جمعية الأمل للأطفال، بالنفوذ الترابي لمدينة الجديدة، من الدعم الموجه لفضاء اشتغالها، وهي مؤسسة تعمل بدينامية مرتفعة حتى الحين، وأفرح حين أزورها وألاقي أطرها وروادها"، واسترسل: "يمكننا تعميم التجربة على كل المدن بالبلاد، لكننا نحتاج إلى تذليل عملي لكل الصعوبات التي تبصم عليها الإدارة المغربيّة".
"نعي وجود من يستغل مثل هذه الخطوات الاجتماعيّة لحرمان المتواجدين بأوضاع هشة من المساعدات التي تقصدهم.. هؤلاء المتلاعبون يعملون على توجيه ما يتم التوصّل به نحو الاتجار، لكن الثقة يجب أن تحضر بين المسؤولين من جهة، والأطراف الجادّة من جهة ثانية، وكمثال على ذلك فإن معاملاتنا مع الطوغو وليتوانيا وبولونيا وغامبيا تتم على مستوى حكوماتها، ممثلة بالوزارات ذات الاختصاص، بشكل يفضي إلى تسهيل كل المساطر حتى أقصى الدرجات، بل يتم تغييب المراقبة ما دامت الثقة حاضرة بوجود أهداف من طينة مساعدة المحتاجين والمساهمة في تحقيق التنمية البشريّة".
مناشدَة الملك
وقال محمد بلهيبة إنّه يلتمس تدخل الملك محمّد السادس لتوفير تسهيلات ممكنة لـDanish relief group من أجل الرقي بأدائها ورفع وتيرة الاشتغال لصالح المغاربة بمعيّة شركاء مدنيين مستقرين بالوطن.. وأضاف في لقائه بهسبريس أن "بعض العراقيل تكون مستغربة"، مستشهدا بحاوية تضمّ عتادا موجها لمؤسسة تكوينيّة بـ"اولاد سعيد" اعتبرتها إدارة التعاون الوطني "من الحجم الكبير وتضمّ تجهيزا كثيرا".
"نحن نحاول إرسال خير وافر يكون لصالح المؤسسات، وما على التعاون الوطني إلا أن يبادر إلى توجيه الفائض المسجّل صوب مؤسسات أخرى، شريطة كونها بالمنطقة نفسها، كالمستوصفات ورياض الأطفال ودور المسنين"، يعلّق بلهيبة.
الناشط الإنساني نفسه أفاد لهسبريس بأن العتاد متوفر لدى إطاره الجمعويّ، وأن كل الحاجة لنقله لا تقترن إلا بتوفير الكلفة المالية المغطية لنفقات النقل.. وزاد: "الحاوية الواحدة تكلف ما بين 40 و50 ألف درهم لإيصالها إلى المغرب، ومن الصعب توفير هذه الأموال من لدن الجمعية المانحة؛ لأن التعامل يتم مع حزمة بلدان دفعة واحدة.. لذلك نبقى منفتحين على مبادرات كل المحسنين لأجل تحقيق تضافر الجهود، خاصة ما يرتبط منها بالحاجيات التي تهم ميادين تخصصنا.. والـDRG كلها أمل في رفع الإيقاع، وتسهيل التعاطي مع كل من له صلة بالعمل الاجتماعي الإنساني في الوطن الأمّ.. ذلك أن هذه المهمّة لم تتواجد لأجل المناصب، وإنما لتحسين ظروف عيش الناس، وتمكينهم من حاجياتهم متى توفرت".