بشرى سباطة.. قصة نجاح مبهرة في عالم تدبير البنوك والأعمال بقطر

الثلاثاء, 07 مارس 2017

أن تدرك النجاح، وفي القلب يقين بأنه خفق الجناح وليس في غصن ي رتقى، شرط موجب لتحرير الذات من الارتهان بالمتغيرات الظرفية الز-مكانية، على الرغم من إدراك تأثيرها البالغ، وأيضا ايمان ثابت بقدرات هذه الذات على تليين الصعاب وتجاوز العراقيل، بل وجعلها سلما للارتقاء، تلك بعض من أبعاد قاعدة نجاح مبهرة للسيدة بشرى سباطة في عالم تدبير البنوك والأعمال بقطر.

بثقة وثبات وكياسة، حرصت السيدة بشرى سباطة، مساعدة مدير عام، رئيس الصدارة والخدمات المصرفية للأفراد وإدارة الثروات، بالبنك التجاري، أحد أكبر المجموعات البنكية في قطر، على التأكيد، في بوح لوكالة المغرب العربي للأنباء، بأن النجاح صناعة وجهد ومثابرة وتخطي وتفاعل مع متغيرات الظروف لاستخلاص ما يؤسس لتطوير الذات وبناء القدرات. وأنه، بالأساس، نتاج الذات في أقصى حالات إيمانها بأن النبوغ يكمن في القدرة على الإنجاز في أي مجال وتحت أي ظرف.

دراسات عليا في الإدارة والقيادة من جامعة لندن متروبوليتان بالمملكة المتحدة، وقبل ذلك إجازة في الرياضيات والفيزياء من جامعة قطر، وانخراط لا محدود في مجموعة من الدورات والمسالك الدراسية؛ إما لتعميق تخصصها المهني في مجالات التدبير والأعمال، وكل ذلك بما يعادل درجات الماجستير، على الخصوص، في كل من معهد الدراسات العليا في إدارة الأعمال إنسياد ب(فونتينبلو، فرنسا) ومركز القيادة الإبداعية ببروكسيل، أو لتوسيع مداركها في مجالات معرفية متنوعة كمسلك البرمجة العصبية اللغوية أو القيادة والتوجيه من منطلق سيكولوجي. 

هي الشغوفة بالتحصيل، لم يمنعها استغراقها في طلب المعرفة واكتساب المهارات المهنية من التوقف، حين تطلب الأمر ذلك، لرعاية صغيريها في بداية نشأتهما، متفرغة خلال سبع سنوات كاملة لأسرتها، تفاديا لأي تفريط قد يطال دورها الأساسي كأم وزوجة. فهي تؤمن بأن الانشغالات العلمية والمهنية لا ينبغي أن تكون حجة لإفشال مؤسسة الزواج وإرباك حياة الأولاد؛ لأنهم بالأساس نواة الاستثمار في مستقبل الأجيال والأمة.

ثم كانت بعد ذلك عودتها الى عالم الأرقام، عشقها الأول منذ الصغر؛ حين كانت تقضي جل وقتها في ترصيف المعادلات الرياضية وتطويعها لتستخلص من توليفات أرقامها وحروفها الضاجة الصامتة أسماء شخصيات قريبة منها.. كانت لذة خاصة وغريبة في عالم الطفولة الأولي، وما تزال تسكنها الى الآن.

بالنسبة لها، الرقم عالم مليء بالأسرار والدلالات، وليس رسما جامدا، هي تدرك ذلك، وهي تشارك كرقم مهم في إدارة مؤسسة مالية تنتشر فروعها خارج قطر أيضا؛ في كل من الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان وتركيا، وتتسع استثماراتها في مجالات تحكمها الأرقام، وتحدد آليات تدبيرها نجاحات ومصائر قطاعات حكومية ومؤسسات خاصة وأفراد.

يقين بحكمة الرقم وصولته، وهي أيضا تتولى تدبير مجموعة من الأطر البنكية، وتتواصل مع ما لا حصر لهم من العملاء والمستثمرين. وما كان لهؤلاء أن يلتفتوا إليها كامرأة، بالرغم من حضورها الأنثوي الباهر، لأن حضورها كقائدة كان أقوى وأكثر جذبا.

من يتعاملون معها يؤكدون على أن لديها حكمة وذكاء خاصين في التدبير.. هي تشعر من تديرهم أنهم من صنعوا قرارات التسيير والعمل، على الرغم من أن هذه القرارات كانت خميرة جهد تفكير وتدبير شخصي، وكانت جاهزة لديها.. وتلك قدرة فريدة على تحسيس الآخر بالمشاركة أو حمله على القناعة تدريجيا بالفكرة والتصور وكأنه صانعها. وتعترف بأن الوصول إلى هذه المرحلة يتطلب صبرا ومراسا ومعرفة جيدة بشخصيات المرؤوسين وقدراتهم، لكنها تجزم أنها الطريق السالك إلى تنفيذ مخططات وبرامج العمل بفاعلية وبمحفزات أقوى.

لم تأت الترقيات إليها جزافا، فهي ثمرة جهد وتدرج في المراتب، ويجزم من يشاركونها المهنة أن كفاءتها مكنتها من الارتقاء بسرعة من إطار بنكي عادي الى ما هي عليه الآن. كما أن ما راكمته من خبرة مكنتها من الانتقال بمرونة وسلاسة من مؤسسة البنك العربي أول محطة عمل لها، مرورا بالمجلس الأعلى للتعليم بقطر، الى البنك التجاري حاليا.

وضمن قواعد نجاح التدبير لديها، تعتبر، بداهة، وكشرط أولي أن ليس هناك من موظف فاشل، وأن ما يفرز هذا التقييم، هو في الغالب، غياب الإرادة لاستكشاف القدرات الكامنة وتوظيفها بالطريقة الناجعة وفي الوقت المناسب.

وتؤمن أيضا أن التدبير علم وفن وأسلوب في التفاعل مع الآخر، وأن ثمرة النجاح الحقيقية لا تكمن في صناعة المدراء، وإنما في صناعة القادة. والقائد، برأيها، هو من يعتبر مجموع من يقودهم مميزين، لأنه المؤهل أكثر من غيره لمعرفة حقيقة قدراتهم وكيفية توظيفها. ويؤمن، نتيجة لذلك، أن مسؤوليته تكمن في إبراز هذا التميز واستثماره والدفع به الى الأمام، مؤكدة أن تميز القائد في التسيير الإداري، خاصة في مجال البنوك والأعمال، لا يحصل إلا في ضوء دائرة متسعة من مرؤوسين تأكدت القناعة لديهم ولدى من يقودهم أنهم بالفعل مميزون.

اما العراقيل فتعتبرها وقودا للاستمرارية. وكان أول تحدي تواجهه في حياتها الدراسية لدى ولوجها المرحلة الثانوية بقطر، لغة تدريس لم تكن تمتلك ناصيتها وهي الإنجليزية، ومواد علمية لغتها الأساس العربية وهي من اعتادت عليها بالفرنسية. فكان عليها، وفقا لنصيحة والدها، أن تستعمل أذنيها وتطرق السمع جيدا أكثر من الكلام، لتحصي وتتجاوز نقائصها. وبالفعل تحقق لها ذلك، لتنهي المرحلة الثانوية بحصيلة 116 على 120 أي 99 في المائة وتنال لوحة التفوق في مادة الرياضيات.

من هذا المنطلق، تعتبر أن الحلم بالنسبة للشباب ما يزال باتساع العالم وفرصه. وأن النماذج كثيرة للاستضاءة بها في عتمة الاختلالات التي تلقي بظلالها بين والفينة والأخرى. وأنه يكفي لتحقيق ذلك التسلح بالثقة في النفس والصبر والمثابرة وبالطاقة الإيجابية التي ترى في المشكلة حلولها الممكنة والمحفزة وليس تعقيداتها، وبذل الجهد لاكتساب مرونة في التفكير والتكيف مع المتغيرات، وأيضا اعتماد عنصر الاختلاف عند الآخر غنى وإضافة للذات. 

وتصف السيدة سباطة وضع المرأة في قطر، ب"الجيد للغاية"، مشيرة إلى أن مجالات العمل ومناصب القرار والاستثمار متاحة أمامها على إطلاقها، وهي ند للرجل في ما أثبتت كفاءتها فيه، لا ي نظر إليها إلا بمنطق الاحترام والتقدير الكامل لشخصها كام وأخت وزوجة وابنة وزميلة، ولا يتوانى الزوج القطري، من منطلق تجربتها، في توفير ظروف النجاح لزوجته والاحتفال والفخر بهذا النجاح باعتباره جزءا من مساهمة الأسرة وعطائها الواجب للمجتمع. 

أما المغرب فمقيم بداخلها لا يغادرها، تتابع أخباره بتفاصيلها وجزئياتها وتحرص على زيارته، بالرغم من كثرة مشاغلها.. هناك تستعيد طفولتها الأولى حيث درست الابتدائي والإعدادي بكل من مدرسة "الفتح" وثانوية "للا نزهة" بالرباط قبل أن تحملها الأقدار وأسرتها الى قطر.

فحكاية الهجرة والإقامة بقطر بدأت بتكليف والدها المرحوم عبد الرزاق سباطة، الخبير في مجال المواصلات لدى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والمسؤول قيد حياته في فترة الثمانينات بالمعهد الوطني للبريد والمواصلات بالمغرب، تقديم خبرته ومساعداته التقنية، في إطار التعاون المغربي القطري، مساهمة في التأسيس للبريد والمواصلات بقطر. وكانت شهورا معدودة في البداية استحالت الى سنوات والى مصاهرة وتلاقح ثقافي ودفء عائلي وتجربة عمل ناجحة ومتواصلة العطاء.

زهور السايح

عن وكالة المغرب العربي للأنباء

الصحافة والهجرة

Google+ Google+