إنه لأمر محزن أن يقوم المرء بخداع نفسه، وهو ما يتجلى في محاولة الجمهوريين إقناع أنفسهم بأن القضاء على الإصلاحات الخاصة بنظام الهجرة سيكون في مصلحة الحزب الجمهوري، وأتمنى أن يجري التوقف عن ذلك.
وكان المؤتمر الحزبي لرئيس مجلس النواب جون بوينر مشغولا بإقناع نفسه بعدم قبول أو حتى تعديل قانون الهجرة المقدم من الحزبين الجمهوري والديمقراطي والذي أقره مجلس الشيوخ. وبدلا من ذلك، يسعى المؤتمر لإبطال القانون من الأساس، لا لأن الجمهوريين يريدون نوعا مختلفا من الإصلاحات الشاملة، ولكن لأنهم لا يريدون إصلاحا شاملا على الإطلاق.
وأصدر بوينر، وهو نائب جمهوري عن ولاية أوهايو، وقيادة الحزب الجمهوري بيانا يقول، إن «إدارة أوباما لا يمكن الوثوق بها لتفي بوعودها لتأمين الحدود وإنفاذ القوانين كجزء من مشروع قانون شامل». وبدلا من ذلك، من المفترض أن تتعامل الفكرة مع «عقدة» قضايا الهجرة المنسوجة بإحكام في آن واحد، وكأنك تجلس أمام قطعة من الكعكة وتقول: «سأتناول أولا الدقيق، ثم السكر، ثم البيض».
ويعتقد الجمهوريون في مجلس النواب أنه يمكنهم البدء بقضية «أمن الحدود»، وهو ما سيكون شيئا مثيرا للضحك والسخرية إذا لم يكن هناك حاجة ملحة لوجود إصلاحات حقيقية في نظام الهجرة. وإنه لأمر مثير للسخرية أن نعتقد أن الحدود الممتدة لما يقرب من 2000 ميل بين الولايات المتحدة والمكسيك يمكن أن تكون حدودا منيعة وحصينة.
وأكد مكتب محاسبة الحكومة العام الماضي أن 84 في المائة من الحدود آمنة، وهو ما يعني نجاح 16 في المائة فقط من محاولات دخول البلاد بطريقة غير شرعية عبر الحدود مع المكسيك. وسيكون أي تحسن في هذه النقطة متواضعا إلى حد ما. وقد يعرف الجمهوريون أن هناك حدودا في أي مكان بالعالم آمنة بنسبة 100 في المائة! أنا شخصيا لا أعرف مثل هذه الحدود.
وبالإضافة إلى ذلك، هناك انخفاض في أعداد المهاجرين غير الشرعيين، فضلا عن زيادة احتمالات القبض على المهاجرين غير الشرعيين في المستقبل. ووفقا لمكتب الموازنة بالكونغرس، فإن مشروع قانون مجلس الشيوخ، إذا جرى تمريره، سيؤدي إلى خفض الهجرة غير الشرعية بمقدار النصف.
وعلى هذا الأساس، فإن تعنت الجمهوريين في مجلس النواب لا يتعلق في حقيقة الأمر بالحدود، ولكنه يتعلق بتجنب السؤال المحوري: ما الذي يجب القيام به حيال الـ11 مليون مهاجر غير شرعي الموجودين بالفعل في الولايات المتحدة؟
من وجهة النظر التي أصبحت بمثابة عقيدة ثابتة عند اليمين المتطرف، فإن منح المواطنة لهؤلاء المهاجرين غير الشرعيين يعد بمثابة «مكافأة على سلوك سيئ» ويقدمهم على الأجانب الذين أحسنوا التصرف ويقفون في «طوابير» في انتظار القبول. وبالنسبة للجمهوريين الأكثر صلابة في مجلس النواب، فإن إعطاء المهاجرين غير الشرعيين أي وضع قانوني أو السماح لهم بالبقاء يرتقي إلى مرتبة «العفو».
عدم وجود وضع قانوني يعني بطبيعة الحال عدم وجود حل. ويتعين على معارضي الإصلاح الشامل أن يخرجوا ويقولوا ما يعنونه بالضبط: بدلا من قبول التدابير التي تقول دراسات إنها لن تقلل الهجرة غير الشرعية فحسب، ولكنها ستقوم أيضا بتعزيز النمو الاقتصادي، فإن الجمهوريين في مجلس النواب يفضلون عدم القيام بأي شيء!
هذا شيء لا معنى له في إطار السياسة العامة أو في السياسة ككل. والشيء المثير للدهشة هو أن بعض المحافظين الذين يجب أن يكون لديهم معرفة أفضل – مثل بيل كريستول رئيس تحرير مجلة «ويكلي ستاندارد» وريتش لوري، رئيس تحرير مجلة «ناشيونال ريفيو» – يؤكدون أن الحزب الجمهوري سوف يساعد نفسه عن طريق وأد مشروع قانون الهجرة في مجلس الشيوخ.
هذا الطرح – الذي لا يمكنني أن أصفه بأنه منطقي – يرى أنه يجب وأد مشروع قانون مجلس الشيوخ لأنه لا يقضي على الهجرة غير الشرعية بصورة دائمة، وأنه لا يقدم إصلاحا لنظام الهجرة القانونية بصورة دائمة، وأنه سيستغرق وقتا طويلا. في الواقع، لا ينبغي أن يضيع الحزب الجمهوري وقته وجهده في مطاردة أصوات الأميركيين اللاتينيين والآسيويين، وفقا لوجهة النظر هذه، وبدلا من ذلك يجب عليه التركيز على الفوز بأصوات البيض من الطبقة العاملة من خلال رسالة اقتصادية للطبقة المتوسطة الكادحة.
أما بالنسبة لمشروع قانون مجلس الشيوخ، فكتب كريستول ولوري مقالا مشتركا يقولان فيه: «يستطيع الجمهوريون في مجلس النواب أن يقوموا بخدمة للبلاد من خلال إيجاد حل لتلك المشكلة الكبيرة».
وقد أعلن بعض الجمهوريين في مجلس النواب عن قلقهم من أن منح المواطنة للمهاجرين غير الشرعيين سوف يضيف في نهاية المطاف ملايين الناخبين الديمقراطيين للقوائم الانتخابية، ولكن يتعين عليهم أن يكونوا أكثر قلقا بشأن الملايين من المواطنين اللاتينيين غير المسجلين أو الذين لا يكلفون أنفسهم عناء التصويت. معظم الجمهوريين في مجلس النواب ليس لديهم ما يدعو للقلق في الوقت الراهن، لأن مناطقهم آمنة، ولكن حظوظ الحزب الجمهوري في الانتخابات المحلية - وأخيرا في الانتخابات على مستوى الولاية – ستكون قاتمة على نحو متزايد. وقد يستيقظون عندما تتحول تكساس من الحزب الجمهوري لتساند الحزب الديمقراطي. وفي غضون ذلك، إنه لأمر محزن أن نرى حزبا سياسيا كان كبيرا في يوم من الأيام يتصرف بحالة من اللامبالاة في ظل هذه الظروف العصيبة.
يوجين روبينسون / واشنطن بوسط.