نورا فتاة سورية ولدت بألمانيا ودرست العلوم السياسية بجامعة آخن. وكانت نورا قد ارتدت الحجاب وهي في سن الثالثة عشرة، وظلت ترتديه في المدرسة وفي الجامعة. كانت تجربة الحجاب داخل المدرسة بالنسبة إليها، تجربة جيدة لم تزدها إلا قوة وثقة بالنفس. حيث أن أغلب زملائها كانوا يسألونها عن زيها الإسلامي الجديد وإذا كانت قد أجبرت على ارتدائه.
لكنها لم تشعر بالتمييز من جهتهم. وفي الجامعة لم تكن تجربتها مختلفة، كما تقول نورا: " الحمد لله لم يكن هناك أي مشكل، حتى أنني لاحظت أثناء قيامي بالتدريب العملي خارج الجامعة، أن نظرة الناس تغيرت تجاه المرأة المحجبة، لأنهم يلاحظون امرأة مثقفة وتتكلم الألمانية بطلاقة". وإذا كانت الدراسة قد مرت في أجواء عادية فإن الآفاق بعد الدراسة، كانت تبدو مختلفة بالنسبة إلى نورا التي تقول: "المشاكل تبدأ بعد الجامعة، فعندما أريد تقديم طلب عمل، يصبح الحجاب مشكلة مع الأسف، إذ يطلب مني أن أنزع الحجاب أثناء الشغل والعودة إلى ارتدائه بعد انتهاء العمل".
غير أن ياسمين، وهي فتاة تركية تدرس طب الأسنان في جامعة بون، لها تجربة مختلفة في الدراسة عن تجربة نورا، فمهنة طب الأسنان تحتم الاحتكاك المباشر بالمرضى، خاصة أثناء التدريب العملي. وكما تقول ياسمين:" عندما يرى المريض طبيبة محجبة، لا يشعر بالثقة. أنا لا أتضايق من ذلك وأفهم أن تسود صورة سلبية عن المرأة المحجبة". لكن ياسمين تقول إن المسألة تتجاوز قضية الحجاب إلى قضية المرأة عموما، وتضيف: "المشكلة مضاعفة بالنسبة لي، أن تكوني امرأة أولا، ثم محجبة، وألمانية من أصول أجنبية". وتقول ياسمين بنبرة اعتزاز بالنفس: " أنا من الطالبات القلائل اللواتي يرتدين الحجاب وصمدن في هذا المجال الدراسي الطبي".
لكن شيرين وهي طالبة مصرية، تدرس هندسة الحاسوب، ترى الأمور بشكل مختلف: " عندي احتكاك مباشر بزملائي في القسم وبالموظفين في الجامعة، لا أذكر أنه واجهتني أي مشكلة بسبب حجابي، رغم أنني الوحيدة المحجبة هنا"، وتضيف: " أعتقد أن ذلك راجع إلى أن الألمان أصبحوا واعين بالثقافة الإسلامية، خاصة أن الكثير من العرب والمسلمين يعيشون هنا". شيرين لا تعرف إذا كان الحجاب سيكون عائقا في الحصول على عمل بعد التخرج، لكنها متفائلة وتنظر إلى المستقبل بأمل كبير.
مشاكل المحجبات حتى في دول إسلامية
وإذا كانت قضية الحجاب داخل المؤسسات التعليمية تشغل الرأي العام الألماني، بين مؤيد لحرية الأفراد الدينية ومعارض لها، باعتبارها تتناقض مع الروح العلمانية لألمانيا، فإن المحجبات في بعض البلدان الإسلامية أيضا لا يجدن الطريق معبدة أمامهن للحصول على عمل مناسب لكفاءاتهن.
حليمة فتاة مغربية محجبة، درست الإعلام السمعي البصري في الرباط، وخلال دراستها كانت تحلم بالعمل في التلفزيون، وكان تخصصها الدراسي مادة الصحافة السمعية البصرية، لكن الواقع له إكراهاته كما تقول حليمة: "الواقع الذي اصطدمت به بعد التخرج، هو أن الاختيار غير متاح، بحيث أنه من المستحيل الظهور في التلفزيون". وتضيف حليمة: " رغم أن الصحفي لا يظهر في الإذاعة، إلا أن الصحفية المحجبة غير مرغوب فيها حتى في الإذاعة، وبذلك تبقى القناة الوحيدة المتاحة هي الصحافة المكتوبة".
وهكذا يبدو أن مشكلة المحجبات في الدراسة والعمل، ليست مشكلة تخص البلدان الأوروبية أو الدول ذات الأقليات المسلمة فحسب، إنما تتجاوزها إلى دول عربية أخرى، حيث لا تستطيع المحجبة أن تحقق بعض أحلامها العملية أو الدراسية.
26-01-2012
المصدر/ شبكة دوتش فيله