يحاول مهاجرون من أفريقيا بشكل دؤوب العبور إلى مدينة مليلية، التي تحيط بها الأراضي المغربية والبحر المتوسط. هدف المهاجرين هو الوصول إلى أوروبا والعيش فيها وتحقيق أحلام دفعتهم لترك الأهل ومواجهة الموت في البحر أو الصحراء.
آلاف المهاجرين الأفارقة، ممن اضطرتهم ظروفهم المعيشية والاقتصادية أو السياسية الصعبة، للهرب من بيوتهم والحلم بحياة أفضل في أوروبا، يتجمعون في شمال القارة الإفريقية ويترقبون أي فرصة تسمح لهم بالمرور. ورغم الحوادث المأساوية التي تعرض لها اللاجئون، وأبرزها غرق العشرات منهم قبالة جزيرة لامبيدوزا الايطالية، ومقتل أكثر من عشرة أشخاص على حدود مدينة سبتة، وتمكن مئات من المهاجرين من اجتياز السياج الحدودي لمدينة مليلية، فإن أوروبا لا تزال حلما يراود الكثيرين.
محاولات متكررة لأعوام
أوميغا شاب كاميروني في العشرين من العمر، قدم إلى إقليم الناظور على الحدود المغربية لمدينة مليلة، والذي يعتبر المدخل الإفريقي للمدينة. عامان كاملان أمضاهما أوميغا في المحمية الطبيعية في جبل كوروكو، حيث يمكن رؤية حدود مدينة مليلية والجانب الأوروبي، أملا في اقتناص أي ثغرة في جدار مدينة مليلة، الذي حاول تسلقه مرات عديدة وفشل، قبل أن يتم القبض عليه من قبل الشرطة المغربية ونقله إلى العاصمة المغربية الرباط.
يؤكد أوميغا أن الأمر محفوف بالمخاطر، وأن الشرطة المغربية تتربص بكل من يحاول العبور إلى الجانب الأوربي وتحاول منع الناس بالضرب المبرح والإبعاد، إلا أنه لا يوجد بديل عن الهجرة كما يقول" لا أستطيع العودة إلى بلدي هناك لا يوجد ما أقدمه لعائلتي، يجب أن أخرج من المغرب لأصل أوروبا، فالحياة هنا لا تطاق وكل يوم هو أسوأ من الذي قبله، والمصاعب تزداد، لي ولغيري من اللاجئين".
المغرب أصبح محطة انتقالية
وتزدحم المغرب بالراغبين في اللجوء إلى أوروبا، حيث تتدفق أعداد كبيرة من أفريقيا وخاصة جنوب الصحراء الكبرى. وبالرغم من محاولات عديدة وضعت للحد من أزمة اللاجئين وتنظيمها، إلا أن المهاجرين يلقون معاملة قاسية من السلطات المغربية، وهو ما يصب أيضا بالنهاية في المصلحة الأوروبية لمكافحة الهجرة غير الشرعية.
وعلى الناحية الأخرى من السور الذي يفصل مدينة مليلية عن المغرب والمعزز بثلاثة صفوف من الأسلاك الشائكة، يقف المعلم خوسيه بلاسون والذي يهتم منذ سنوات عدة بشؤون اللاجئين القادمين من أفريقيا، حيث أسس جمعية خيرية باسم برودين للعناية بهم. ويقول خوسيه: "إفريقيا هي على بعد أمتار من هنا، وأعداد اللاجئين القادمين عن طريق مليلة تتزايد بشكل كبير، فخلال النصف الأول من هذا العام وصل إلى مليلة من اللاجئين أكثر مما وصل إليها طوال العام الماضي".
أحاول العبور منذ كان عمري 18 عاما
في معسكر الاستقبال الذي صمم لاستقبال 500 لاجئ على أقصى حد، تتزاحم أجساد أكثر من 2000 من اللاجئين الذين استطاعوا العبور للأراضي الاسبانية، وبحسب جيرمي 21 عاما من جمهورية تشاد، فإنه استطاع الوصول بعد محاولات شبه يومية، بدأها وهو في الثامنة عشرة من عمره. يقول جيرمي: " كل يوم كنا نحاول العبور إلى مليلية، وكنت أرقب بناياتها نهارا، وأضوائها ليلا، من على قمة جبل كوروكو المجاور، وأمني نفسي بالنجاح. والآن بعد أن استطعت فعلا الدخول، ما زلت أفكر بأخي الذي قتل وهو يحاول الدخول إلى هنا وأفكر بأصدقائي الذين ما زالوا ينتظرون الدخول".
وقامت السلطات الاسبانية ببناء سياج للمنطقة الفاصلة بين مدينة مليلية ومدينة الناظور الريفية، بارتفاع يصل إلى 6.5 أمتار وبطول 8 كيلومترات، وزودته بكاميرات مراقبة، للحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية، إلا أن محاولات الهروب إلى داخل المدينة تتزايد باستمرار.
ويودعنا جيرمي بقوله "أريد أن أصبح لاعب كرة قدم محترف، أدعو الرب بأن يعطيني القوة لتحقيق أحلامي، قد أكون يوما ما لاعبا مهما في ريال مدريد أو بايرن ميونيخ، إن أراد الرب فسأكون هناك أيضا".