الخميس، 04 يوليوز 2024 02:16

وجوه من إسبانيا.." يفتح نقاشا حول مشاكل مغاربة العالم

الثلاثاء, 17 فبراير 2015

كتابُ "وجوه من إسبانيا.. مسارات"، وهوَ مؤلّف يضمّ 41 بورتريها عن 43 من المغاربة المهاجرين في إسبانيا، أعدّتْ بعد لقاءات مباشرة معهم، ونُشرتْ ضمن مواد صحفية في جريدة هسبريس الإلكترونية قبل أن يعاد تجميعها في الكتاب تفعيلا لشراكة في هذا الإطار مع مجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج، فتح شهيّة النقاش حول المبادرة وكذا مشاكل مغاربة العالم في ندوةٍ انعقدتْ برواق الـCCME ضمن تقديم سلسلة لإصدارات المجلس الجديدة بمناسبة الدورة الـ21 من المعرض الدولي للنشر والكتاب المنعقد بالدار البيضاء.

وقالَ طارق العاطفي، رئيس تحرير جريدة هسبريس الإلكترونية، إنَّ اهتمام هسبريس بمغاربة العالم وأخبارهم قد تواجد منذ انطلاق التجربة الصحفية للمنبر الإلكتروني، خصوصا وأنّ هسبريس تحظى بنسبة متابعة كبيرة من طرف أفراد الجالية بترتيب يجعل فرنسا في الصدارة متبوعة بكل من أمريكا وكندا، ثم ألمانيا وكذا إسبانيا التي تمثل 2% من متوسط الزيارات المعادلة للمليونين يوميا.

وأضاف ذات المتدخل أن الوضع الاعتباري لهسبريس، بتصفح 255 مليون صفحة منها شهريا، وكذا ما يقارب الـ3,9 من ملايين المتابعين لحسابها الفايسبوكي، و9 ملايين مشاهدة شهرية لقناتها على اليوتوب، إضافة لما يفوق النصف مليون متابع لحساب الجريدة على تويتر، كلها أمور تدفع صوب مراعاة تواجد أكبر شريحَة من المغاربة في المحتوى الإخباري مع ملامسة إعلام القرب أكثر فاكثر بالمواد المنشورة.. وزاد العاطفي: "حتّى تصنيف فُوربس الذي جعل من هسبريس ثالث منبر إلكتروني إخباري بشمال إفريقيا والشرق الأوسط يراعَى في محاولة تقديم صورة للمغاربة تمكن المتصفحين، على المستوى الإقليمي، من تشكيل آراء واضحَة عن البلد وشعبه".

وبخصوص اختيار مغاربة إسبانيا لإنجاز البورتريهات، التي جمعها مجلس الجالية ضمن كتاب في تحويل لها من العالم الافتراض إلى الملموس، قالَ العاطفي إنّ الاشتغال أملتْه عدّة أسباب من بينها القرب الجغرافي للمغرب من الجارة الشمالية، وكذا محاولة كسر الصور النمطية التي تلتصق بالمهاجرين القاصدين للمملكة الإيبيرية، فضلا عن الخوض في مسارات مغاربة تخطوا إشكاليات الاندماج.. وأضاف أنَّ مشروعا مماثلا قد أنجز، وهو في طور النشر يوميا على هسبريس، يهمّ أفرادَ الجالية المغربية بإيطاليا، ودائما بشراكة هي في بداياتها الأولى مع مجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج.. "57% من زوار هسبريس هم شباب ما بين الـ15 والـ30 من العمر، وهذه فئة هي الأكثر حملا للأفكار من أجل الانخراط ضمن تجارب هجرة، وقد رمنا تقريبها من بعض النماذج الناجحة التي قد تكون مساراتها محددة ضمن مستقبل هؤلاء الحالمين بشق الطريق خارج الوطن" يردف طارق.

رئيس تحرير هسبريس أبرز أن الاشتغال تم بتحرّك ميداني ووفق الخيارات التحريرية للجريدة الإلكتورنية، باستقلالية تامّة وبناء على قاعدة بيانات تم تشكيلها بالانفتاح على آراء متدخلين عدّة من المجالين الجمعوي والإعلامي في إسبانيا.. مشددا على أن التركيز قد تم على متأصلين من المغرب غير معروفين على نطاق واسع، وكذا أناس لم يستفيدوا من تطرقات إعلامية مناسبة لحجم مساراتهم واشتغالاتهم، ذاكرا أن التحرك نفسه ما هو إلا بداية لسلسلة أعمال تعريفية إضافية ستمكّن من تسليط الأضواء، بجلاء وبانفتاح على شرائح أوسع، تجه نجاحات بصم عليها مغاربة العالم.

من جهة أخرى تحدّث حسن بلعربي، وهو أستاذ جامعي بجامعة ألميرية الإسبانية عن كتاب "وجوه من إسبانيا.. مسارات"، قائلا إنّه أبْرزَ كفاءاتٍ ووجوها مغربية مقيمة بالجارة الشمالية، مضيفا أنّ الهدف من المؤلّف هو تغيير نظرة المسؤولين والمواطنين المغاربة تجاهَ المغاربة المقيمين في الخارج، وإبراز أن هناك تحوّلاتٍ في الهجرة، "وهو أيضا رسالة إلى المسؤولين عن تنفيذ سياسيات الهجرة لمواكبة هذا التحول".

وامتدّ الحديث عن الكتابِ إلى الخوْض في المشاكل التي يعاني منها أفراد الجالية المغربية في الخارج، وقال حسن بلعربي، الكميائي المغربي البارز دوليا من مستقره بجنوب إسبانيا، إنّه لا بدّ من تنسيق عمل المؤسسات المعنية بشؤون مغاربة العالم، البالغ عددهم خمسة ملايين مهاجر، وهو ما يمثل 15 في المائة من سكان المغرب، داعيا إلى عدم الاكتفاء بفتْح أبواب المشاركة الاقتصادية في وجههم فقط، للمساهمة في ازدهار المغرب، بلْ فتْح أبواب المشاركة السياسية والثقافية أيضا.

وعرفت الندوة نقاشا بين الحضور والمشاركين في الندوة، كانت المشاركة السياسية حاضرة فيه بقوّة، وقال بلعربي في هذا الصدد "مغاربة العالم كلهم مستعدون للمساهمة في ازدهار المغرب، ويجبُ على الدولة أن تخوّلَ لهم حقّ المشاركة السياسية، من خلال العمل على إصدار قوانين تمنحهم هذا الحقّ"، وأضاف "على المسؤولين المغاربة أن يعملوا على وضع القوانين عوض الاكتفاء فقط بالتعبير عن الترحيب بمشاركتنا".

وفي مقابل دعوة بلعربي المسؤولين المغاربة إلى فتح باب المشاركة السياسية لأفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج في بلدهم، أبْرزَ محمد الشايب، أهميّة مشاركة مغاربة العالم في الانتخابات المحلية في بلدان الإقامة، وتحدّث عن الحالة الإسبانية قائلا "على المغاربة أن يشاركوا في الانتخابات المحلية الاسبانية، لأنّ السياسة هي كل شيء"، وتابع "وصلنا إلى الجيل الرابع، ولم يعد هناك مهاجرون، بل مواطنون لهم حقوق وواجبات".

وبيْنما انتقد أحدُ الحاضرين المنهج المتبع في إعداد مؤلّف "وجوه من إسبانيا.. مسارات"، قائلا إنّه لمْ يُبْرز كفاءات مغربية كثيرة في مختلف الميادين بإسبانيا، وأنّ هناك أشخاصا لا علاقة لهم بالسير الذاتية التي أدلوا بها، ردّ رئيس تحرير "هسبريس" طارق العاطفي بالقول "المجلة ليستْ صندوق بريد يضعُ فيه كل واحد ما يشاء، وجميع البورتريهات التي أعدّتْ خضعتْ لتمحيص قبل أن تُنشر، وقدْ راعينا عددا من الأمور، منها عامل السن، والجنس، ومجالات عمل أصحاب البورتريهات.. محاولين ملامسة أفراد من أجيال الهجرة المغربية المتعاقبة".

ولمْ تخلُ الندوة التي احتضنها رواقُ مجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج بالمعرض الدولي للنشر والكتاب، من توجيه انتقادات للمؤسسات الرسمية المعنية بشؤون مغاربة العالم، ففيما قالَ حسن بلعربي إنّ هذه المؤسسات لا تقوم بدورها على النحو الذي يجب، قال الفنان التشكيلي أحمد بن يسف، "المغربُ لا يدعمُ الأعمال الفنيّة التي يقوم بها مبدعوه في الخارج، فكثيرا ما نقيم أنشطة، وْما كاينش حتى اللي يقولّك السلام عليكم"، وتابع "هناك كفاءات لكن ليْس هناك اهتمام بها".

وتساءل حسن بلعربي "أيْن محلّ وزارة الجالية المغربية المقيمة بالخارج من الاهتمام بالكفاءات التي تزخر بها الجالية، وهل الوزارة جديرة بهذه الجالية وقادرة على تأطيرها"، وَأضاف بلعربي "نحن بحاجة إلى أن تُسندَ مهمّة تسيير شؤون مغاربة العالم إلى خبراء في الهجرة، وأنْ تعطى حقيبة الوزارة لمن يفهم فيها"، وقال أحمد يسف إنّ على المسؤولين المغاربة أنْ يغيّروا نظرتهم إزاء المهاجرين، وألّا يُنظر إليهم على أنهم هاجروا فقط بحثا عن لقمة العيش، "لأننا انتقلنا إلى المهاجر الثقافي والفني".

في السياق ذاته قالتْ مغربيّة مقيمة في إسبانيا إنّ ثمّة اختلافا كبيرا في تعاطي المغرب مع أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج حسب الدولة التي ينتمون إليها، موضحة "نحن في إسبانيا نُعتبر دائما "حرّاكة"، وعلينا أن نبذل جهودا كبيرة لنثبت أننا مثل باقي مغاربة العالم"، واستطردت المتحدّثة التي قضّت في إسبانيا 20 عاما، "هذا التفاضل بين أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج يجعل العنصرية تتنامى بيننا كمهاجرين مغاربة، لأنّ المقيمين في فرنسا وأمريكا يعتبرون أنفسهم أفضل منّا".

ودعا حسن بلعربي المسؤولين المغاربة إلى تجاوُز الأمور الثانوية والنظر إلى ما هو أعمَق في كلّ ما يهمّ مغاربة العالم، مشيرا في هذا الصدد إلى صعود حزب "بوليموس" المتنامي في إسبانيا، والذي يؤيّد أطروحة جبهة "البوليزاريو" الانفصالية، قائلا "يجبُ أن تُطرح الأسئلة منذ الآن حوْل ما إنْ كان صعود هذا الحزب سيكون له تأثير سلبي على العلاقات بين المغرب وإسبانيا، في حال صعوده إلى الحكم، وبالتالي التأثير على وضعية مغاربة إسبانيا".

وطالبَ بلعربي المسؤولين المغاربة بمضاعفة الاهتمام بالجالية المغربية المقيمة في الخارج، قائلا "يعاتبوننا إنْ قصّرنا في القيام بالدبلوماسية الموازية دفاعا عن بلدنا، لكنْ أيْن هي الدبلوماسية الرسمية التي يتلقّى المشرفون عليها تعويضات كبيرة على رأس كلّ شهر"، وانتقدَ بلعربي إيفادَ دبلوماسيين مغاربة إلى بُلدان لا يتحدّثون لغتها، وغيْر ملمّين بثقافتها، وختم "نحن نضغط على مؤسسات بلدان الإقامة لنيْل حقوقنا، وعليْنا أن نضغط على البلد الأمّ أيضا لاستكمال هذه الحقوق".

عن موقع هسبريس

مختارات

Google+ Google+