سجلت الهجرة غير الشرعية من الجزائر في اتجاه أوروبا عبر القوارب، تناميا ملحوظا في الفترة الأخيرة، خاصة بعد سلسلة عمليات أحبطتها قوات خفر السواحل، وشهدت اعتراض عشرات القوارب في عرض البحر، وعلى متنها مهاجرون سوريون بصدد بلوغ الضفة الجنوبية لأوروبا.
وتنشر وزارة الدفاع الجزائرية بشكل دوري في الآونة الأخيرة، وبشكل لافت، بيانات تتعلّق بعمليات "الهجرة السرية" بالقوارب نحو أوروبا، التي تم إحباطها في عرض البحر، كان أكبرها على الإطلاق اعتراض خفر السواحل لثلاثة قوارب بسواحل وهران، وعلى متنها 44 مهاجراً.
وبحسب وكالة الأناضول للأنباء، فإن تقرير الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان أورد أنّ مدينة عنابة، الواقعة على بعد 600 كلم شرق الجزائر، شهدت سواحلها إحباط ثلاث محاولات للهجرة غير الشرعية، نفذها 39 شخصاً، بينهم ثلاثة قاصرون في يوم واحد، منتصف دجنبر الفائت.
وقال أحمد زوقاري، الصحفي بمحافظة عنابة، لمراسل الأناضول، "إن الأرقام التي أعلنت حول عدد الأشخاص الذين منعوا من الإبحار نحو أوروبا، لا تعكس حجم الظاهرة، لوجود قوارب أخرى أفلتت من رقابة خفر السواحل".
وعن أسباب عودة الظاهرة خلال الشهور الأخيرة في الجزائر، يقول زوقاري "منذ عام 2012 شهدت محاولات الهجرة تراجعاً ملموساً، لكن خلال الشهور الماضية لوحظ وجود عودة قوية للظاهرة"، معزيا ذلك إلى "تفشي البطالة بسبب الأزمة الاقتصادية في البلاد، لتراجع أسعار النفط".
وكانت أخبار الهجرة السرية عبر "قوارب الموت"، كما يسميها كثير من المتابعين لهذا الملف في الجزائر، بسبب ما خلفته من مآسٍ في عرض البحر، قد انقطعت في السنوات الأخيرة، إلا أنّها عادت بشكل مثير خلال الشهور الماضية.
وعن الأسباب الكامنة وراء الظاهرة، ذكر ذات المسؤول الحقوقي، أنّها ترجع بالأساس إلى "حالة اليأس التي تعتري كثيراً من الشباب الجزائري، الذي أنهكه الفقر، وانعدام فرص العمل، ليجد في أوروبا الملاذ الوحيد لتحقيق "أحلامه الضّائعة".
هذا الطرح ذهب إليه أستاذ علم الاجتماع، توفيق مالك شليح، حيث قال إن "المشاكل الاجتماعية، على غرار تقلًّص فرص العمل وأزمة السّكن التي يتخبط فيها الشباب الجزائري، هي السبب الرئيس وراء لجوء بعضهم إلى خوض مغامرة بحرية لبلوغ أوروبا".
وأشار شليح إلى نقطة أخرى، وهي التسهيلات التي وضعتها دول أوروبية فتحت حدودها أمام اللاجئين كألمانيا، بتوفير مناصب عمل لهم، وهو ما "أغرى" كثيراً من الشباب الجزائري، "الذين أقلعوا عبر القوارب لتحقيق أحلامهم في الضفة الأخرى" على حدّ قوله.
ولفت أستاذ علم الاجتماع أن الجزائر سن عام 2009 قانونا يجرّم الهجرة بطريقة غير شرعية من البلاد نحو الخارج، وأقرّ عقوبة 6 أشهر حبساً، ضد كل من يغادر بهذه الطريقة، إلا أنّ ذلك لم يردع المغامرين من بلوغ أوروبا عبر القوارب.