انطلقت يوم الثلاثاء 24 أكتوبر 2017 بالرباط، أشغال مؤتمر "قافلة السلام الأمريكية"، الذي يتوخى إشاعة قيم السلام في العالم ومحاربة الكراهية والتطرف، ومناقشة سبل تعزيز قيم التسامح المشتركة بين الأديان السماوية.
ويعد هذا المؤتمر، الذي تنظمه وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بشراكة مع "منتدى السلام في المجتمع الاسلامي"، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، المحطة الموالية للقافلة التي احتضنتها الإمارات العربية المتحدة في ماي الماضي، تفعيلا لإعلان مراكش التاريخي حول حقوق الأقليات الدينية، بمشاركة كبار الأئمة والقساوسة والحاخامات من الولايات المتحدة الأمريكية والعالم العربي.
وفي كلمة خلال افتتاح المؤتمر، استعرض وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، مسيرة المملكة بقيادة جلالة الملك في صيانة الثوابت الدينية وتأطير حياة المتدينين في تجاوب تام مع مقاصد الدين، لا سيما في ما يرتبط بالحرية والعدل واحترام الآخر، معتبرا أن المغرب يرسي بناءه على الثوابت وتلاؤم صيانتها مع مسيرة الرقي بالأساليب الحديثة دون تفاوت مع الهوية الدينية الثابتة.
وبعدما استحضر أهمية معادلة الاعتدال في نشر روح التسامح، أكد الوزير أن فهم الأصل الثابت للكلمة الطيبة، يعد ضروريا من أجل الملاءمة مع روح العصر، مشيرا إلى التحديات التي يواجهها تحديد مهمة رجال الدين، بوصفهم مؤتمنين على حفظ ثوابت الديانات، إذ لا يملكون إلا الكلمة الطيبة، معتبرا أن قضية البحث الدائم عن تحقيق السلم تستحق من جميع الحكماء السير قدما في قافلة السلام، التي لا تعرف حدودا.
واعتبر أن حكماء العالم سيقومون بالتشخيص الصحيح للمشاكل إذا عرفوا أن أصل الداء هو التطرف بكل أشكاله وميادينه ومواضيعه، مشددا على أن التفاهم من أجل التضامن سبيل لحل المشاكل وصيانة إنسانية الإنسان.
وأضاف أن المؤتمر يأتي تشجيعا لمتابعة سبل تفعيل إعلان مراكش حول الأقليات الدينية، مستحضرا الرسالة التاريخية لجلالة الملك التي وجهها لمؤتمر مراكش، والتي تعد بمثابة وثيقة تاريخية.
من جهته، قال رئيس منتدى تعزيز السلم، الشيخ عبد الله بن بيه، في كلمة بالمناسبة، إن إعلان مراكش يدعو مختلف الطوائف الدينية إلى الالتزام بالحقوق والحريات، من خلال معالجة صدمات الذاكرة وإهانة المقدسات وكل خطابات التحريض على الكراهية ونسيان قرون من العيش المشترك، داعيا ممثلي مختلف الملل إلى التصدي لكافة أشكال ازدراء الأديان والتحريض على الكراهية.
وبعدما أكد على ضرورة الحث على مبادئ التسامح، لتحقيق الأمن المنشود من تحالف بين الديانات، سجل أن اللقاء يشكل فرصة لبحث سبل تفعيل "إعلان مراكش"، الذي شكل تتويجا لحقوق الأقليات الدينية ودعوة للتعايش بين الأديان، مما جعله يؤسس لمرحلة جديدة ودافعا لتعزيز البحث في المشترك بين الأديان السماوية تعزيزا لقيم التسامح والتعايش، مشددا على ضرورة تعزيز الصور الإيجابية بدل النمطية السائدة.
وقدم ممثلو الديانات التوحيدية الثلاث، شهادات دعت إلى تعزيز روح التعاون المشترك بين أتباع هذه الأديان، والانفتاح على الآخر، من خلال بناء جسور للتعاون والتفاهم، في إطار احترام مبادئ حرية الخيار الديني والتسامح، داعين إلى استلهام مبادئ "إعلان مراكش" من أجل العمل سوية على النهوض بالسلم والتعايش.
ويعقد المؤتمر، الذي ينظم على مدى ثلاثة أيام، ورشات وجلسات تبحث سبل تعزيز العيش المشترك بين أتباع الديانات السماوية، مع تأكيد دور رجال الدين في النهوض بثقافة السلام.
يذكر أن "إعلان مراكش لحقوق الأقليات الدينية في العالم الإسلامي"، الصادر في ختام مؤتمر "الأقليات الدينية في الديار الإسلامية..الإطار الشرعي والدعوة إلى المبادرة"، الذي احتضنته مراكش في يناير 2016، كان قد دعا ممثلي مختلف الملل والديانات والطوائف إلى التصدي لكافة أشكال ازدراء الأديان وإهانة المقدسات وكل خطابات التحريض على الكراهية والعنصرية، مع التأكيد على عدم جواز توظيف الدين في تبرير أي نيل من حقوق الأقليات الدينية في البلدان الإسلامية.
وتضمن الإعلان، أيضا، دعوة علماء ومفكري المسلمين إلى أن ينظروا لتأصيل مبدأ المواطنة الذي يستوعب مختلف الانتماءات بالفهم الصحيح والتقويم السليم للموروث الفقهي والممارسات التاريخية وباستيعاب المتغيرات التي حدثت في العالم، وكذا مطالبة المؤسسات العلمية والمرجعيات الدينية بالقيام بمراجعات شجاعة ومسؤولة للمناهج الدراسية للتصدي للخلل في الثقافة المأزومة التي تولد التطرف والعدوانية وتغذي الحروب والفتن وتمزق وحدة المجتمعات.
عن وكالة المغرب العربي للأنباء