هذا عمل جماعي لنخبة من المثقفين والأدباء والشعراء المغاربة، مُخصص لاستعراض بعض الذكريات مع شهر رمضان، مُرفق بلوحات تشكيلية ذات نَفَس إبداعي وجمالي، وتُعبّر بدورها على طبيعة التفاعل الفنان التشكيلي المغربي مع هذا الشهر الكريم، كما نقرأ في مُقدمة العمل والتي حرّرها عبد الله بوصوف، أمين عام مجلس الجالية المغربية بالخارج.
ونقرأ في التقديم أيضاً، أن “لكل مُحيط جغرافي في العالم الإسلامي [أو “مجال تداولي إسلامي” بتعبير طه عبد الرحمن] عادات مُمَيّزة في التعامل مع شهر رمضان، وميزة هذا الكتاب الاحتفالي، أننا نسافر جميعاُ مع بعض أهم العادات الخاصة بالفضاء/ المجال المغربي، انتصاراً لها، وتذكيراً للأجيال المغربية الجديدة، في إطار الحفاظ على الموروث الثقافي والحضاري الأصيل والراسخ عبر التاريخ”.
نجد في مُقدمة المشاركين من فئة الباحثين والأدباء والشعراء، الفقيدة فاطمة المرنيسي التي رحلت عنها مؤخراً، ونجد أيضاً لائحة عريضة من المُبدعين، نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر، عبد الكريم القصري، مامون لحبابي، فاطمة الزهراء بلعافية، عيسى إيكن، نجاة المريني، محمد ناجي، نور الدين ضرار، عمر برادة، عبد الغني نابلسي، أسماء المرابط.
وفي لائحة الفنانين التشكيليين الذين ساهموا من خلال لوحات تشكيلية، نجد مثلاً، إبراهيم حنين، محمد إد علي، محمد كريش، فاطمة لورديغي، عبد الحي الملاخ، محمد موسيك، السعيد الرغاي، مريم الشرايبي، بوشعيب فلكي، محمد حميدي، محمد بنور، أمل بشير، عبد الرحمن رحول، أحلام لمسفر.
بالنسبة للمساهمات، فجاءت تارة في صيغة إشارات/ مذكرات مع طفولة رمضان للمعني (ة) بالشهادة، أو من عبر مقالة تأملية تارة أخرى، كما هو الحال مع أولى المساهمات، بقلم الفقيدة فاطمة المرنيسي، بعنوان “سمر، سحر البيان لقمر رمضان”، مع الإشارة إلى أن جميع مواد العمل مُترجمة للفرنسية أو للعربية، مع اجتهاد ملحوظ في الترجمة، ونورد مثالاً في هذا السياق: ليلة 27 هو عنوان مساهمة عبد الهادي السعيد، وفي الترجمة للفرنسية، لا نقرأ La nuit du 27، وإنما La nuit de destin، أي ليلة القدر.
أهمية الكتاب كما نقرأ في مقدمته، كونه يُسلط الضوء على إحدى “أهم مُميزات تعامل المغاربة مع شهر الصيام، وهو التعامل الذي لا يكمن فقط في فريضة الصوم وما يُصاحبها من ذكر وصلاة وسمو روحي، ولكن، ثمة عادات وتقاليد وطقوس وأجواء روحانية شعبية، في المدن والقرى، تهم جميع فئات المجتمع، ظلت راسخة في ذهنية وذكريات كل ما شارك في هذا الكتاب، وتمَّ التعبير عنها بشكل بحثي أو قصصي أو شعري أو فني من خلال اللوحات التشكيلية المُصاحبة”.
جاء العمل في 112 صحفة من الحجم الكبير، وصدر عن مجلس الجالية المغربية بالخارج، ووزارة الثقافة والمركز الأوروبي الإسلامي للثقافة والحوار. دار النشر مرسم. ط 1. 2015.
نترك مسك الختام لما جاء في مقالة أسماء المرابط: “يتعلق الأمر [مع شهر رمضان] باستذكار تلك الأخلاقية الروحية العميقة للصيام كمقاربة كونية للتزهد، في وجه هذه الثقافة المُسْرِفة في الاستهلاك التي صارت عِلَّة العِلَل في أزمتنا الحديثة”.
بقلم: منتصر حمادة