احتضن المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي بالرباط يوم السبت 26 ابريل 2025، ندوة وحفل تكريم الكاتب والمهندس والمسرحي الراحل احمد غزالي، التي نظمها مجلس الجالية المغربية بالخارج بشراكة مع المعهد في إطار المعرض الدولي للكتاب والنشر التي يحتفي في دورته الثلاثين بمغاربة العالم.
في كلمة تقديمية لمديرة المعهد لطيفة أحرار وصفت المسرحي احمد غزالي برجل الفكر والالتزام والمسرح الذي ترك بصمة في جيل من الفنانين والباحثين والمواطنين، وساهم في الموروث الثقافي المغربي وانفتاحه على العالم، وأبرزت أن أعمال الراحل تذكرنا أن الثقافة طريق مستنير وجسر بين الأجيال ومسار للمستقبل، واسترجعت لقاءها مع الراحل في عمل إبداعي بفرنسا، واصفة إياه بمفكر للجمال.
في نفس الاتجاه ذهبت كلمة منسق اللقاء، الكاتب إدريس كسيكس، الذي نوه بالمنجز الأدبي والثقافي لأحمد غزالي وتقاطعه مع كتاب آخرين في المسار ومواضيع الاشتغال، وكذا النظرة الخاصة التي طبعت الراحل في المسرح والموسيقى التصويرية واهتمامه الدائم بالتبادل الثقافي.
وتميز هذا الحفل التكريمي الذي حضره عدد من أصدقاء وعائلة احمد العزالي بكلمة لزوجته ميرايا إسترادا، التي عبرت فيها عن تأثرها بهذه الالتفاتة لكاتب ترك الكثير من الأعمال واشتغل على مشاريع لم يسعفه الرحيل على إكمالها، وهو ما تحاول القيام به مع بعض أصدقاء الراحل خاصة بعض المقالات والنصوص، وأشارت إلى أن احتفال اليوم ليس بالأعمال فقط بل بالشخص الذي جمع بين الجمال والجدية والحنان.
وفي كلمته بمناسبة هذا التكريم، تحدث رئيس مجلس الجالية المغربية بالخارج، إدريس اليزمي، عن تجربته الشخصية في الاشتغال مع احمد الغزلي، خاصة في النقاش الذي سبق مشروع متحف الريف الذي أعد الراحل تصوره الأولي وساهم في الندوة الدولية المنظمة حول تراث الريف والتحافة سنة 2011؛ ثم مشروع حول دار تاريخ المغرب. وأكد اليزمي أن ما تميز به احمد غزالي بالإضافة إلى ارتباطه بجذوره هو مواطنته الكونية وانفتاحه على العالم وهو ما ظهر في مختلف أعماله الإبداعية.
في نفس إطار الإعداد لمتحف الريف تعرفت السوسيولوجية بديهة النحاس على الراحل، وهي تعد أبحاثها الجامعية حول ذاكرة الريف قبل أن تشاركه في مشروع متحفي أخر هو متحف الواحات الذي سيتحول إلى متحف جهوي. “كان هدف احمد غزالي إخراج المتحف من التصور الكولنيالي الذي يحدث المتاحف في المدن الكبرى فقط، وأراد فتح آفاق التحافة على باقي المناطق” تقول بديهة النحاس، واصفة الراحل، بالملاحظ الدقيق الذي يحمل هم المتاحف في المغرب.
بدوره تقاسم المهندس المعماري، عبد الرحيم قصو، تجربة العمل مع الراحل في مشاريع المتاحف في مجموعة من المدن. واعتبر أن “السي احمد” كان فاعلا محوريا في قضية المتاحف في المغرب وكانت له علاقة قوية بالعالم القروي والأحياء الشعبية ومواضيع الهجرة واللجوء؛ داعيا في نفس الوقت إلى إتمام مشاريع المتاحف التي أطلقها الراحل، وهو في نظره أفضل طريقة لتكريمه.
وشهد هذا التكريم تقديم قراءات مسرحية لمقاطع من مسرحية كتبها احمد غزالي بعنوان “الملاح” شارك فيها طلبة من المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، بتأطير من سيباستان بورناك وعلي اسميلي؛ وكذا تجسيد نص مسرحي أخر للراحل بعنوان “تومبوكتو 52 يوما على ظهر الجمل” أشرف عليه المخرج والمدير الفني كريستوف ميرل، وشارك فيه طلبة المعهد.
يذكر أن أحمد غزالي هو كاتب مسرحي تُرجمت مسرحياته إلى عدة لغات وعُرضت في العديد من المدن، بما في ذلك تورونتو ومدريد والدار البيضاء وبروكسيل ولندن وميلانو ونيويورك وسيدني. ومن بين مسرحياته “الحمل والحوت”، التي ترجمت إلى عدة لغات و”تومبوكتو، 52 يوما على ظهر جمل”، كما يعد الراحل أحد مؤسسي منظمة “جوار للإبداع والمجتمع”.