تم بقاعة سينما النهضة بالرباط يوم الأحد 20 أبريل 2025 عرض الشريط الوثائقي “ألف يوم ويوم: الحاج إدموند” للمخرجة الفرنسية المغربية سيمون بيطون، ضمن أمسية خاصة نظمت بشراكة بين مجلس الجالية المغربية بالخارج ومؤسسة هبة والمعهد الفرنسي، احتفالا بالكاتب والتشكيلي إدموند عمران المالح، على هامش فعاليات الدورة 30 للمعرض الدولي للكتاب والنشر.
الشريط الوثائقي قدم مقتطفات من النصوص والروايات الشخصية واللقطات الأرشيفية، واستعرض حياة عمران المالح انطلاقا من نشأته في الدار البيضاء في سياق الاستعمار الفرنسي، ونضالاته السياسية ونقده التشكيلي وإرثه الأدبي. فعبر صوت المخرجة أحيانا أو من خلال شهادات لأصدقاء وبعض مرافقي الكاتب والتشكيلي المتعدد، كشف الشريط اللثام على لحظات تقاسمها هؤلاء المتدخلون، وذكرياتهم الخاصة معه في إحدى مراحل حياته، إما في إطار نقاش فلسفي أو مشروع ثقافي أو فني؛ أو بكل بساطة عبر استعادة لحظات في منزله الذي شكل على امتداد السنوات ملتقى للفكر والثقافة والصداقة والنضال.
لقد اعتمدت المخرجة سيمون بيطون في الاشتغال على هذا العمل على مجموعة من الوثائق، منها وثائق إدارية شخصية (بطاقة، هوية جواز السفر…) وأوراق شخصية غير منشورة، والمؤلفات التي أصدرها، وألبوم صور للأمكنة التي عاش فيها أو التي مر منها سواء في المغرب أو في فرنسا، بالإضافة إلى وثائق تاريخية من بينها أعداد جريدة لوموند في الخمسينات والستينات والتي ظهر فيها اسم إدمون المالح كمناضل ضد الاستعمار، باسمه الحقيقي بدل الاسم “الحركي” الذي كان يوقع به مقالاته في جريدة L’espoir.
إلى جانب الاهتمام بالمسارات الأدبية والفنية والسياسية والاهتمامات الفكرية والفلسفية التي شكلت شخصية إدموند المتعددة، خصصت سيمون بيطون حيزا مهما في الشريط الوثائقي إلى الجانب الإنساني من حياة إدموند المالح.
فسواء تعلق الأمر بإقامته في 114 شارع مونبارناس بباريس، أو في أكدال بالرباط، أجمعت الشهادات المتضمنة في الشريط الوثائقي على قدرة إدموند المالح على جمع الأصدقاء من مختلف المشارب، وخلق فضاءات للنقاش والتبادل، وعلى قيم المشاركة والعطاء وتقديم المساعدة التي طبعت حياة الحاج إدموند، الذي لم يكن من طبعه وضع حدود نفسية في التعامل تفرق بين الإنسان المثقف والإنسان البسيط، وهو ما أراد الشريط التركيز عليه من خلال إدراج شهادة لمساعدته في بيته في الرباط ومنها استقت تسمية “الحاج إدموند”، لأنه مسلم ويهودي بحسب شهادة ل”كبيرة”.
استطاعت سيمون بيطون في هذا العمل الإبداعي والتوثيقي، الجمع بين مسارين متلازمين من حياة إدموند المالح، بين المناضل الملتزم والمثقف الجامع وبين الإنسان المثالي والمغربي الوطني. ولأنها كانت شاهدة على مراحل من حياة إدموند فقد حرصت المخرجة على جمع ذاكرة الرجل، وتسليط الضوء على القضايا التي سكنته والهموم التي تقاسمتها معه في حياته ومازالت تحملها بعد وفاته مثل رحيل اليهود من المغرب ونزوح الفلسطينيين.
ولم تفوت المخرجة سيمون بيطون خلال تقديمها لأول عرض ل”ألف يوم ويوم: الحاج إدموند” بمدينة الرباط التي نشأت فيها، فرصة التعبير عن سعادتها بهذا العرض، معتبرة أن هذا الفيلم هو بمثابة دين بالنسبة لإدموند وبالنسبة للمغرب.