الحمـد لله وحـده، والصـلاة والسـلام علـى مولانـا
رسـول الله وآلـه وصحبـه.
حـضـرات الـسـيـدات والـسـادة،
يـطـيـب لـنـا أن نـتـوجـه بـعـبـارات الـتـرحـيـب والـتـقـديـر، إلـى الـمـشـاركـات والـمـشـاركـيـن، فـي الـمـلـتـقـى الأول لـمـغـربـيـات الـعـالـم.
ونـود الـتـنـويـه بـمـبـادرة مـجـلـس الـجـالـيـة الـمـغـربـيـة بـالـخـارج ؛ الـمـتـمـثـلة فـي الـتـئـام نـخـبـة مـتـمـيـزة مـن نـسـاء المـهـجـر، عـلـى أرض وطـنـهـن الأم.
وهـي مـنـاسـبـة، لـنـجـدد الـتـأكـيـد عـلـى إرادتـنـا الـراسـخـة فـي جـعـل الـنـهـوض بـحـقـوق الـمـرأة، حـجـر الـزاويـة فـي بـنـاء صـرح مـجـتـمـع ديـمـقـراطـي حـداثـي. وتـحـقـيـق مـا نـنـشـده مـن مُـواطـنـة كـامـلـة. لـكـافـة الـمـغـاربـة، حـيـث مـا كـانـوا، بـدون تـمـيـيـز أو اسـتـثـناء.
ومـن ذلـك مـا تـضـمـنـتـه مـدونـة الأسـرة مـن إصـلاحـات، بـقـصـد المـسـاواة بـيـن الـرجـل والـمـرأة، وتـحـقيـق الـتـوازن والـتـآزر الأسـري.
وهـي إصـلاحـات لـم يـرد مـنـهـا أن تـوتـي ثـمـارهـا داخـل الـمـغـرب فـقـط، ولـكـن كـذلـك لـتـمـتيـع الـمـرأة المـغـربـيـة بـمـكانـة حـقـوقـيـة؛ تـضاهـي مـكانـة الـنـسـاء، فـي قـوانـيـن الـدول الـمـتـقـدمـة، وفـي الـمـعـاهـدات والاتـفـاقـيـات الـدولـيـة ذات الـصـلـة.
وفـي نـفـس الإطـار، تـنـدرج مـراجـعـة قـانـون الـجـنـسـيـة، بـمـا يـمـكـن الأم الـمـغـربـيـة مـن نـقـل جـنـسـيـتـهـا الأصـلـيـة إلـى ذريـتـهـا، كـيـفـمـا كـانـت جـنـسـيـة زوجـهـا.
وهـو إصـلاح يـوطـد أواصـر ارتـبـاط أبـنـائـهـا بـالـمـغـرب. ويـمـنـحـهـم، بـاعـتـبـارهـم مـن الأجـيـال الـجـديـدة الـنـاشـئـة فـي الـمـهـجـر، الـضـمـانـة الـقـانـونـيـة لاسـتـمـرار صـلـتـهـم بـوطـنـهـم الأم. كـمـا يـشـكـل حـافـزاً قـويـاً عـلـى تـشـبـثـهـم بـقـيـمـه الـثـقـافـيـة والـحـضـاريـة.
وبـصـفـة عـامـة، فـقـد أقـدمـت بـلادنـا عـلـى إنـجـاز إصـلاحـات جـريـئـة. ووضـع قـوانـيـن مـتـقـدمـة. فـضـلا عـن مـلاءمـة تـشـريـعـاتـهـا الـوطـنـيـة، مـع مـقـتـضـيـات الـمـعـاهـدات الـدولـيـة، الـتـي انـخـرطـت الـمـمـلـكـة فـي مـواثـيـقـهـا الـعـالـمـيـة.
غـايـتـنـا الـمـثـلـى، الـنـهـوض بـالـوضـع الاجـتـمـاعـي والحـقـوقـي، والـمـؤسـسـاتـي لـلـمـرأة، بـوجـه عـام، ومـغـربـيـات الـمـهـجـر، بـصـفـة خـاصـة.
وفـي ذلـك، تـأكـيـد مـتـجـدد لـتـشـبـثـنـا بـالـمـرجـعـيـة الـكـونـيـة لـحـقـوق الإنـسـان، الـمـنـسـجـمـة مـع هـويـتـنـا الـديـنـيـة والـحـضـاريـة.
كـمـا أنـنـا مـا فـتـئـنـا نـعـمـل عـلـى الـتـمـكـيـن الـمـؤسـسـاتـي والـديـمـقـراطـي لـلـمـرأة الـمـغـربـيـة، عـبـر تـشـجـيـع مـشـاركـتـهـا فـي الـحـيـاة الـوطـنـيـة، ومـخـتـلـف الـوظـائـف الـعـمـومـيـة، بـدون تـمـيـيـز. وكـذا الـتـمـتـع بـنـسـبـة مـتـنـامـيـة مـن الـتـمـثـيـلـيـة الـمـنـصـفـة داخـل الـحـكـومـة والـبـرلـمان، والـجـماعـات الـمـحـلـيـة، وكـافـة مـراكـز الـقـرار.
ونـظـراً لـمـا هـو مـعـهـود فـي الـمـرأة الـمـغـربـيـة، مـن كـفـاءة وجـديـة، وغـيـرة وطـنـيـة، وحـس اجـتـمـاعـي؛ فإنـنـا عـازمـون عـلـى تـعـزيـز مـساهـمـتـهـا الـفاعـلـة، فـي الـبـناء الـديـمـقراطـي والـتـنـمـوي، إسـوة بـأخـيـهـا الـرجـل.
وهـو مـا يـجـسـده جـعـل مـقـاربـة الـنـوع، والـعـنـايـة بـشـؤون مـغـربـيـات الـمـهـجـر، حـاضـرة فـي كـل مـهـام مـجـلـس الـجـالـيـة الـمـغـربيـة بـالـخـارج.
وتـفـعـيـلا لـهـذا الـتـوجـه، فـإن الـحـكـومـة تـعـتـمـد فـي مـخـتـلـف الـسـيـاسـات الـعـمـومـيـة، هـذه الـمـقـاربـة.
وعـلـى أهـمـيـتـهـا، فـإن تـحـصـيـن الـمـكـاسـب الحـقـوقـيـة للـمـرأة الـمـغـربـيـة. يـظـل رهـيـنـا بـالارتـقـاء بـحـقـوقـهـا الاقـتـصـاديـة والاجـتـمـاعـيـة والـثـقـافـيـة.
ولـهـذه الـغـايـة، جـعـلـنـا فـي صـدارة بـرامـج وأوراش الـمـبـادرة الـوطـنـيـة لـلـتـنـمـيـة الـبـشـريـة، الـنـهـوض بـأوضـاع الـنـسـاء. وخـاصـة الـقـرويـات مـنـهـن. بـاعـتـبـارهـن مـن الـفـئـات الأكـثـر هـشـاشـة.
حـضـرات الـسـيـدات والـسـادة،
إنـنـا نـدعـم هـذا الـتـوجـه الـشـامـل، بـنـهـج سـيـاسـة خـاصـة، تـجـاه مـغـربـيـات الـمـهـجـر. سـواء فـيـمـا يـتـعـلـق بـرعـايـة حـقـوقـهـن ومـصـالـحـهـن، فـي بـلـدان الإقـامـة، وحـمـايـتـهـن مـن كـل أشـكـال الـتـمـيـيـز. أو فـيـما يـتـعـلـق بـإسـهامـهـن فـي تـنـمـيـة وطـنـهـن الأم. وكـذا ضـمان مـشاركـتـهـن فـي حـيـاتـه الـديـمـقـراطـية، وفـي الـحـكامـة الـجـيـدة لـشـؤونـه، مـحـلـيا وجـهـويـا ووطـنـيـا.
ونـنـتـهـز هـذه الـمـنـاسـبـة، لـنـعـبـر عـن اعـتـزازنـا بـالـحـضـور الـفـاعـل والـنـجـاح المـتـمـيـز لـمـغـربـيـات الـخـارج، فـي شـتـى مـراتـب الـمـسـؤولـيـة الـمـشـرفـة فـي بـلـدان الإقـامـة، عـن جـدارة واسـتـحـقـاق. وهـو مـا يـشـمـل كـافـة الـقـطـاعـات والـمـؤسـسـات، مـن سـيـاسـيـة حـكـومـيـة ونـيـابـيـة. أو اقـتـصـاديـة، واجـتـمـاعـيـة. أو ثـقـافـيـة، وفـنـيـة، وعـلـمـيـة. كـمـا يـمـتـد إلى مـخـتـلـف الـمـحـافـل والـمـنـظـمـات الـدولـيـة، الـحـكـومـيـة وغـيـر الـحـكـومـيـة.
وإنـه لـمـسـار جـديـر بـكـل الاهـتـمـام والـعـنـايـة والـتـحـفـيـز بـكـل الـوسـائـل الـمـتـاحـة. ومـن بـيـنـهـا تـبـادل الـتـجـارب، وتـوسـيـع شـبـكـات الاتـصـال، والـعـمـل الـمـشـتـرك، والـتـنـظـيـم الـحـر الـفـاعـل. وذلـك مـا نـتـطـلـع إلـى أن ُيـسـهـم هـذا الـمـلـتـقـى الأول لـمـغـربـيـات الـعـالـم فـي تـرسـيـخـه.
وتـظـل الـمـشـاركـة الـمـواطـنـة لـلـنـسـاء المـغـربـيـات، فـي كـافـة الـمـجـالات، رهـيـنـة بـتـعـزيـز مـد جـسـور الـتـواصـل والـتـآزر، بـيـن فـعـالـيـات الـمـجـتـمـع الـمـدنـي الـنـسـوي، عـلـى أرض الـوطـن، وفـي الـمـهـجـر.
كـمـا نـدعـو، إلـى إقـامـة وتـطـويـر عـلاقـات لـلـتـبـادل والـشـراكـة، بـيـن مـنـظـمـات مـغـربـيـات الـعـالـم ومـثـيـلاتـهـا الأجـنـبـيـة، لتـعـزيـز إشـعـاع وطـنـنـا بـيـن الأمـم، والـدفـاع عـن قـضـايـاه الـعـادلـة.
وفـي هـذا الـصـدد، نـدعـوكـن، مـواطـنـاتـنـا الـعـزيـزات بـالـمـهـجـر، لـلـعـمـل عـلـى الـمـزيـد مـن الـتـعـريـف بـعـدالـة قـضـيـة وحـدتـنـا الـتـرابـيـة. ولاسـيـمـا بـالـتـنـديـد، فـي سـائـر الـمـحـافـل والـمـنـتـديـات، وبـكـل مـا لـديـكـن مـن مـؤهـلات، بـالـوضـعـيـة اللاإنـسـانـيـة، لـلـمـغـاربـة الـمـحـتـجـزيـن بـمـعـسـكـرات تـنـدوف.
ونـهـيـب بـكـن، بـالأخـص، لـتـجـسـيـد تـضـامـنـكـن مـع أخـواتـكـن الـمـغـربـيـات، وأطـفـالـهـن، مـن خـلال الـتـحـرك الـفـعـال لـدى الـمـجـتـمـع الـدولـي، لـوضـع حـد لـمـا يـتـعـرضـن لـه، فـي خـرق سـافـر لـكـل الـمـواثـيـق الـدولـيـة لـحـقـوق الإنـسـان، مـن امـتـهـان لـكـرامـتـهـن، وعـنـف وحـرمـان مـن الـتـجـمـع الـعـائـلـي، ولـمّ الـشـمـل، داخـل وطـنـهـن الأم، الـمـغـرب الـمـوحـد والـديـمـقـراطـي.
وخـتـامـا، نـدعـو لـهـذا الـجـمـع الـمـبـارك بـالـنـجـاح والـتـوفـيـق، بـمـا يـخـدم انـخـراط مـغـربـيـات الـعـالـم، فـي الإسـهـام الـفـاعـل فـي تـنـمـيـة الـمـغـرب وتـقـدمـه، وتـحـديـثـه، وتـوسـيـع إشـعـاعـه الـجـهـوي والـدولـي.
والـسـلام عـلـيـكـم ورحـمـة الله تـعـالـى وبـركـاتـه.
وحـرر بالقصـر الملكـي بطنجـة فـي يـوم الخميـس 19 ذي الحجـة 1429 هـ، المـوافـق 18 دجنبـر 2008 م.
مـحـمـد الـسـادس
مـلـك الـمـغـرب