النساء والهجرة
بعض النقاط المرجعية
عولمة متواصلة
شهدت الهجرة المغربية التي ضلت تستقطبها بعض بلدان شمال غرب أوربا (خاصة فرنسا ثم وبلجيكا وهولندا، وبشكل أقل، ألمانيا)، نموا ديمغرافيا مستمرا، حتى عندما علقت بلدان أوربا الغربية هجرة العمال، في أواسط سبعينات القرن الماضي. وبالموازاة مع ذلك، ارتفع معدل المستوى الدراسي وكفاءة المهاجرين أكثر فأكثر، وما فتئت القاعدة الاجتماعية لهذه الهجرة تتسع لتشمل اليوم كافة طبقات المجتمع وجميع جهات المملكة.
بعض النقاط المرجعية
عولمة متواصلة
شهدت الهجرة المغربية التي ضلت تستقطبها بعض بلدان شمال غرب أوربا (خاصة فرنسا ثم وبلجيكا وهولندا، وبشكل أقل، ألمانيا)، نموا ديمغرافيا مستمرا، حتى عندما علقت بلدان أوربا الغربية هجرة العمال، في أواسط سبعينات القرن الماضي. وبالموازاة مع ذلك، ارتفع معدل المستوى الدراسي وكفاءة المهاجرين أكثر فأكثر، وما فتئت القاعدة الاجتماعية لهذه الهجرة تتسع لتشمل اليوم كافة طبقات المجتمع وجميع جهات المملكة.
ويتماشى هذا التعميم للهجرة مع عولمة الوجهات. فالهجرة، المعممة والمعولمة، تشهد مسلسل توطين متقدم بشكل كبير، والمغاربة اليوم يشكلون إحدى أولى الجاليات المهاجرة بكل من فرنسا وبلجيكا وهولندا وإيطاليا وإسبانيا، بل أولى الجاليات الأجنبية، على الإطلاق، في هذين البلدين الأخيرين.
التجمع العائلي: أولى موجات التأنيث
إلى حدود نهاية الستينات وبداية السبعينات من القرن الماضي، كان المهاجرون المغاربة في أوربا يتشكلون في أغلبهم من رجال شباب عزَّب. واستنادا إلى التحقيق حول المغاربة القاطنين بالخارج، الذي تم إنجازه سنة 2000، 78% تقريبا من المهاجرين كانوا يبلغون من العمر أقل من 30 سنة في وقت الرحيل، و65% منهم كانوا عزَّبا. واليوم، أزيد من 90% منهم يبلغون من العمر 30 سنة وأكثر، وأزيد من 86% متزوجون. في حين أن 90% غادروا وحيدين إلى الخارج، ما يقارب 65% يعيشون اليوم مع أزواجهم وأبنائهم.
وبالنظر إلى تطور التجمع العائلي، تشهد الهجرة تحولات اجتماعية وديمغرافية مع ثلاثة تطورات أساسية: شيخوخة الأجيال الأولى والتأنيث والتشبيب، مع بروز أجيال ولدت وترعرعت خارج المغرب. وكنتيجة لموجات التجمع العائلي المتوالية، أصبحت البنية الجنسية والعمرية أكثر توازنا ومعدل نشاط الرجال يميل إلى الانخفاض، بينما يتطور لدى النساء، حتى بالنسبة لضعيفات التأهيل منهن. ففي فرنسا وبلجيكا وهولندا، صارت النساء تمثلن 47% من الساكنة المهاجرة، و33% و30% على التوالي في كل من إسبانيا وإيطاليا. ونفس الشيء ينطبق على البلدان العربية.
موجة التأنيث الثانية
واليوم أيضا، وعلى الرغم من صرامة التشريعات، ما زالت الهجرات العائلية تشكل المصدر الرئيس لتنمية الهجرة في البلدان الأوربية وفي الولايات المتحدة وكندا. غير أن النساء أصبحن يشكلن مجموعة قائمة بذاتها ولم تعد هجرتهن تعتمد على الزوج فحسب، فهناك عدد متزايد من هؤلاء النساء، عازبات ومطلقات، بل وحتى متزوجات. وهذه الظاهرة العالمية والتي تشمل جميع كبرى البلدان المهاجرة، لا تستثني المغرب. فالمغربيات المهاجرات حاضرات أكثر فأكثر في سوق الشغل، بمعدلات متفاوتة، بين 45% في فرنسا و14% في إسبانيا بالنسبة للنساء البالغات من العمر 25 إلى 50 سنة.
ويعزى هذا التطور في الهجرة النسائية بالخصوص إلى الطلب الملح من قبل البلدان الغنية في المهن المخصصة تقليديا للنساء (الأعمال المنزلية، التنظيف، الاعتناء بالأشخاص المسنين، الأعمال الموسمية، خاصة الفلاحة،...)، ما يعرضهن أكثر من غيرهن من فئات المهاجرين إلى العنف والتمييز. لكن هذه ليست وحدها محركات تنمية الهجرة النسائية، فعدد متزايد من النساء المؤهلات نوعا ما، والمدمجات مع ذلك في سوق الشغل الوطني، يتخذن قرار الهجرة، منتهزات جميع الفرص التي تمنحها العولمة.
الاستقلال الذاتي والتغيرات الاجتماعية
توحي هذه التطورات، التي ما زالت تفتقر إلى الكثير من الدراسة، بالمسلسلات التحررية المتبعة حاليا في المجتمع المغربي، حيث المزيد من النساء يتعاملن مع مشاريع حياتهن كفاعلات مستقلات. وتبين مساراتهن بالهجرة تحول الأدوار المنوطة تقليديا بكلا الجنسين وتعزز هذا التحول: حيث نجد المزيد من النساء يعِلن أسرهن، إذ يهاجرن وحيدات وينتظمن بعد قدوم أسرهن في إطار التجمع العائلي، أو يتكفلن بمن بقي منها في المغرب. وتظهر الدراسات المنجزة على المستوى الدولي حول الهجرات النسائية (صندوق الأمم المتحدة للسكان، 2006) أن النساء المهاجرات يرسلن عموما قدرا أكبر من المال إلى العائلات التي بقيت في البلد، بشكل منتظم أكثر، ولهن نزوع أكبر إلى تخصيص تلك الموارد لتعليم أبنائهن. وإجمالا، هن أكثر التزاما تجاه التنمية المحلية. "أظهرت التحقيقات السوسيولوجية التي تم إنجازها بالمغرب دورهن المستصغَر كعامل اجتماعي وثقافي، سواء أتعلق الأمر بتطور ممارسات الأكل أو اللباس، أم بالاستعمال الاجتماعي للفضاء الخاص والعام، أو السلوكات في مجال الخصوصية". (Gildas Simon, l'Atlas des migrations, 2008).
التجمع العائلي: أولى موجات التأنيث
إلى حدود نهاية الستينات وبداية السبعينات من القرن الماضي، كان المهاجرون المغاربة في أوربا يتشكلون في أغلبهم من رجال شباب عزَّب. واستنادا إلى التحقيق حول المغاربة القاطنين بالخارج، الذي تم إنجازه سنة 2000، 78% تقريبا من المهاجرين كانوا يبلغون من العمر أقل من 30 سنة في وقت الرحيل، و65% منهم كانوا عزَّبا. واليوم، أزيد من 90% منهم يبلغون من العمر 30 سنة وأكثر، وأزيد من 86% متزوجون. في حين أن 90% غادروا وحيدين إلى الخارج، ما يقارب 65% يعيشون اليوم مع أزواجهم وأبنائهم.
وبالنظر إلى تطور التجمع العائلي، تشهد الهجرة تحولات اجتماعية وديمغرافية مع ثلاثة تطورات أساسية: شيخوخة الأجيال الأولى والتأنيث والتشبيب، مع بروز أجيال ولدت وترعرعت خارج المغرب. وكنتيجة لموجات التجمع العائلي المتوالية، أصبحت البنية الجنسية والعمرية أكثر توازنا ومعدل نشاط الرجال يميل إلى الانخفاض، بينما يتطور لدى النساء، حتى بالنسبة لضعيفات التأهيل منهن. ففي فرنسا وبلجيكا وهولندا، صارت النساء تمثلن 47% من الساكنة المهاجرة، و33% و30% على التوالي في كل من إسبانيا وإيطاليا. ونفس الشيء ينطبق على البلدان العربية.
موجة التأنيث الثانية
واليوم أيضا، وعلى الرغم من صرامة التشريعات، ما زالت الهجرات العائلية تشكل المصدر الرئيس لتنمية الهجرة في البلدان الأوربية وفي الولايات المتحدة وكندا. غير أن النساء أصبحن يشكلن مجموعة قائمة بذاتها ولم تعد هجرتهن تعتمد على الزوج فحسب، فهناك عدد متزايد من هؤلاء النساء، عازبات ومطلقات، بل وحتى متزوجات. وهذه الظاهرة العالمية والتي تشمل جميع كبرى البلدان المهاجرة، لا تستثني المغرب. فالمغربيات المهاجرات حاضرات أكثر فأكثر في سوق الشغل، بمعدلات متفاوتة، بين 45% في فرنسا و14% في إسبانيا بالنسبة للنساء البالغات من العمر 25 إلى 50 سنة.
ويعزى هذا التطور في الهجرة النسائية بالخصوص إلى الطلب الملح من قبل البلدان الغنية في المهن المخصصة تقليديا للنساء (الأعمال المنزلية، التنظيف، الاعتناء بالأشخاص المسنين، الأعمال الموسمية، خاصة الفلاحة،...)، ما يعرضهن أكثر من غيرهن من فئات المهاجرين إلى العنف والتمييز. لكن هذه ليست وحدها محركات تنمية الهجرة النسائية، فعدد متزايد من النساء المؤهلات نوعا ما، والمدمجات مع ذلك في سوق الشغل الوطني، يتخذن قرار الهجرة، منتهزات جميع الفرص التي تمنحها العولمة.
الاستقلال الذاتي والتغيرات الاجتماعية
توحي هذه التطورات، التي ما زالت تفتقر إلى الكثير من الدراسة، بالمسلسلات التحررية المتبعة حاليا في المجتمع المغربي، حيث المزيد من النساء يتعاملن مع مشاريع حياتهن كفاعلات مستقلات. وتبين مساراتهن بالهجرة تحول الأدوار المنوطة تقليديا بكلا الجنسين وتعزز هذا التحول: حيث نجد المزيد من النساء يعِلن أسرهن، إذ يهاجرن وحيدات وينتظمن بعد قدوم أسرهن في إطار التجمع العائلي، أو يتكفلن بمن بقي منها في المغرب. وتظهر الدراسات المنجزة على المستوى الدولي حول الهجرات النسائية (صندوق الأمم المتحدة للسكان، 2006) أن النساء المهاجرات يرسلن عموما قدرا أكبر من المال إلى العائلات التي بقيت في البلد، بشكل منتظم أكثر، ولهن نزوع أكبر إلى تخصيص تلك الموارد لتعليم أبنائهن. وإجمالا، هن أكثر التزاما تجاه التنمية المحلية. "أظهرت التحقيقات السوسيولوجية التي تم إنجازها بالمغرب دورهن المستصغَر كعامل اجتماعي وثقافي، سواء أتعلق الأمر بتطور ممارسات الأكل أو اللباس، أم بالاستعمال الاجتماعي للفضاء الخاص والعام، أو السلوكات في مجال الخصوصية". (Gildas Simon, l'Atlas des migrations, 2008).