الأحد، 22 دجنبر 2024 07:22

مغاربة الخارج بين مقومات الهوية ومقتضيات الاندماج

السبت, 13 يونيو 2009

قال د. عبد الله بوصوف، الأمين العام لمجلس الجالية المغربية في الخارج، إن الجانب الغربي لم يبذل الجهد بما فيه الكفاية من أجل التعرف على الإسلام والمسلمين الذين يعيشون بداخله، كما أن جهود المسلمين قليلة جدا في التعريف بأنفسهم أو الاطلاع على الآخرين... Lire la suite...


د.بوصوف: الانتماء للمذهب المالكي لا يعني بالضرورة التبعية الثقافية لبلد ما!

قال د. عبد الله بوصوف، الأمين العام لمجلس الجالية المغربية في الخارج، إن الجانب الغربي لم يبذل الجهد بما فيه الكفاية من أجل التعرف على الإسلام والمسلمين الذين يعيشون بداخله، كما أن جهود المسلمين قليلة جدا في التعريف بأنفسهم أو الاطلاع على الآخرين.

كما أشار بوصوف في حوار حي مع الموقع الإلكتروني للرابطة المحمدية للعلماء في موضوع: "الجالية المغربية في الخارج بين الحفاظ على الهوية والاندماج الإيجابي في ثقافات المجتمعات المستقبلة" (15/05/2008)، إلى أن تمسك الجالية المغربية بهويتها الخاصة لا يعني بالضرورة الصدام مع المجتمع أو مع الوسط الذي نتعيش فيه. فبالعكس تماما، يضيف بوصوف، فإن الاختلاف في الانتماء الثقافي يكون عاملا مهما في إثراء المجتمع وإغنائه. ويؤكد بوصوف هذا الأمر بقوله: "لا يجب أن نجعل من هوياتنا المختلفة دروعا نتحصن بها ضد الآخرين، وإنما يجب أن نجعل منها جسورا تربطنا بغيرنا وتضمن لنا تواصلا بناء مع محيطنا".

وبخصوص مسألة الحرص على أن تكون الجالية المغربية بالخارج منسجمة مع ثوابت الهوية المغربية الدينية، وما إن كان هذا الأمر يتعارض مع طبيعة المجتمعات الغربية، أوضح بوصوف أن المجتمع الديمقراطي والمنفتح لا يعني بالضرورة الميوعة في قضية الانتماء المذهبي والعقائدي، ولا يعني ترك جاليتنا لكل من هب ودب للحديث في هذا الأمر، كما أكد أن الانتماء المذهبي والعقائدي أمر حساس لأنه مرتبط بمآل الناس في آخرتهم.

وذهب بوصوف بعيدا في هذه المسألة حين اعتبر أن الإسلام في المجتمعات الغربية في أشد الحاجة إلى التمذهب والوضوح في الانتماء العقائدي.

وفي نفس السياق شدد بوصوف على أن الانتماء للمذهب المالكي لا يعني بالضرورة التبعية الثقافية لبلد ما، باعتبار أن المذهب منتشر في مختلف بلدان العالم. وبالنسبة لأوروبا -يضيف بوصوف- فهو الأقرب ذهنيا لتلك البلدان لأن هذا المذهب نمى وترعرع في الأندلس الإسلامية التي هي جزء من أوروبا، وبالتالي فإن الأخذ به لا يعني أكثر من رجوع إلى الأصل بالنسبة للمسلمين في أوروبا.

من ناحية أخرى قال بوصوف إن مجلس الجالية المغربية سيقوم بدعم كل المبادرات التي تعمل على تحقيق تواصل بناء مع المجتمعات الغربية، مؤكدا أن تحقيق الاندماج الايجابي للجاليات المغاربية والإفريقية مرتبط أساسا بالمجهود الذي تبذله هذه الجاليات نفسها، وبقدرتها على التعامل مع المجتمع عبر تفاعل تام مع آماله وآلامه، والانخراط فيه بشكل يجعل العناصر المهاجرة من عوامل استقرار وأمن وازدهار المجتمعات التي يعيشون فيها.

كما أنه مرتبط أيضا بمدى قدرة المجتمعات الغربية على استيعاب الوافد الجديد بإعطائه حق المواطنة كاملا غير منقوص، والتعامل معه على قدم المساواة ككل المواطنين.

وفيما يلي نص الحوار كاملا:

بسم الله الرحمان الرحيم وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، تحية طيبة وبعد
في رأيكم، هل يشكل اللون والانتماء الثقافي والعقائدي للمهاجرين في بلاد المهجر عموماً، عائقا دون تحقيق الاندماج المستحق؟

لا يمكن للون والانتماء الثقافي والعقائدي أن يكون عائقا دون تحقيق الاندماج، لأن المجتمعات الغربية هي ديمقراطية، علمانية، ومتعددة الثقافات، ففي فرنسا مثلا ثلاثة أخماس من السكان أصولهم غير فرنسية، أتوا من بقاع مختلفة بحمولات دينية وثقافية مختلفة عن المجتمع الأصلي، فقد استطاعت عناصر منتمية إلى طوائف دينية وعرقية مغايرة للمجتمع أن تفرض نفسها، وأن تجد لها مكانا لائقا لخدمة المجتمع، على سبيل المثال الطائفة اليهودية على الرغم مما أصابها في الحرب العالمية الثانية استطاعت أن تحتل وأن تصل إلى مراكز القرار في فرنسا. كثيرون هم الوزراء ونواب برلمانيون ورؤساء البرلمان ورجال الأعمال وأكاديميون ممن ينتمي إلى هذه الطائفة.
كما استطاع كثيرون من ذوي البشرة السوداء فرض أنفسهم من خلال ميادين مختلفة ابتداء من الرياضة إلى السياسة. كما أن هناك عناصر مسلمة حققت نجاحا كبيرا داخل هذا المجتمع، ففي الحكومة الحالية عدد وزراء المسلمين يصل إلى ثلاثة وزراء.

السلام عليكم
مرحبا بالدكتور عبد الله بوصوف
تدخلي كالتالي:
يلاحظ تعرض العمال في بلدان المهجر لضغوط لا تطاق نتيجة الاختلاف في الانتماء القومي والديني، ولا يتاح وخاصة للعامل الإسلامي إمكانية الاستفادة من مختلف النشاطات الفكرية والثقافية في هذه المجتمعات.
وباعتباركم الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، هل تفكرون في برمجة وتخصيص أنشطة ثقافية وترفيهية لمهاجرينا المغاربة في بلاد المهجر؟
جزاكم الله خيرا ووفقكم لما فيه الصواب.

إن الضغوطات التي تتعرض لها الجاليات المغاربية في الغرب هي ضغوطات طبيعية يرجع سببها إلى الجهل الذي تراكم عبر سنين طويلة لدى كلا الطرفين.
فالجانب الغربي لم يبذل الجهد بما فيه الكفاية من أجل التعرف على الإسلام والمسلمين الذين يعيشون بداخله، كما أن جهود المسلمين قليلة جدا في التعريف بأنفسهم أو الاطلاع على الآخرين.
إن الاستفادة من الأنشطة الثقافية والفكرية في تلك المجتمعات ليس حكرا على أحد وإنما هو متاح لمن يبذل الجهد في الوصول إليه والمشاركة فيه.
كثيرة هي مراكزنا الثقافية والإسلامية في بلاد الغرب، لكنها تعاني من قلة التنشيط ومن عدم الانفتاح على محيطها.
إن مجلس الجالية المغربية سيقوم بدعم كل المبادرات التي تعمل على تحقيق تواصل بناء مع المجتمعات الغربية، وهو يضع نفسه رهن إشارة جميع الجمعيات والمراكز الثقافية التي تطلب الدعم، فالمجلس قادر على توفير المادة الثقافية من كتب ومعارض فنية، وعلى إقامة مهرجانات يستفيد منها الجميع، وندعو جميع مسؤولي الجمعيات إلى بلورة مشاريع حقيقية قابلة للتنفيذ، بأهداف واضحة وتحديد الفئات البشرية المستهدفة من النشاط، والغلاف المالي المطلوب. وسيحظى كل ملف توفرت فيه هذه المواصفات بالعناية التامة.

سلام الله عليكم
نشكر الرابطة المحمدية للعلماء على اختيار هذا الموضوع، والشكر موصول كذلك للضيف الكريم.
يرى الكثير من المهتمين وجود رغبة لدى المغاربة القاطنين بالخارج قصد المشاركة بفعالية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد. خصوصا وأن الجيلين الثاني والثالث يتكونان من نخب دينامية. فما هي المعالم الجديدة لسياسة تحفيز هؤلاء المغاربة؟ وشكراً

تحظى الجالية المقيمة بالخارج بعناية خاصة من طرف جلالة الملك والحكومة، من معالم هذا الاهتمام إحداث مجلس الجالية المغربية بالخارج، ورفع مستوى وزارة الهجرة من وزارة منتدبة لدى وزير الخارجية إلى وزارة منتدبة لدى الوزير الأول.
إن مهمة هذه المؤسسات هو العمل على تحقيق ربط حقيقي بين الجالية المغربية والوطن الأم، وذلك عبر تدليل العقبات والصعاب من أجل تمكين أفراد الجالية من الاستفادة بالدعم الذي ينتظرونه من وطنهم وكذلك إعطائهم فرصة مشاركة إخوانهم في الداخل من أجل المساهمة في بناء مغرب الغد.
إن المجلس سيحرص كل الحرص من أجل تمكين أفراد جاليتنا أينما كانوا عبر العالم وبمختلف مستوياتهم من المساهمة كل حسب استطاعته وقدرته في إنجاح مسلسل التحولات الديموقراطية الذي يعرفه وطننا، كما سيمكنهم من المساهمة أيضا في كل الأوراش الكبرى المرتبطة بالتنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية...
فالمجلس سيحدث مجموعة عمل خاصة بالمساهمة في التنمية والاستثمار ستتكون أساسا من أعضاء في المجلس وكذلك من أعضاء خارج المجلس، ونرحب بجميع المبادرات والمساهمات من جميع أخواننا وأخواتنا في هذا الميدان.

السلام عليكم ورحمة الله
سؤالي كالتالي:
ألا ترون أن هناك حاجة إلى إحداث مراكز ثقافية مغربية بديار المهجر اقتداء بالبلدان الأخرى يكون هدفها هو تجميع الطاقات والمواهب المغربية في الخارج وتكون في الوقت نفسه مرآة للبلاد؟

شكرا على سؤالكم
هناك برامج حكومية يسهر على تنفيذها الوزير المنتدب تتضمن خلق مراكز ثقافية بديار المهجر، والوزارة خصصت اعتمادات مالية لهذا الغرض.
وقد بدأ تنفيذ هذه السياسة انطلاقا من بلجيكا حيث أنشأ أول مركز ثقافي مغربي سينطلق خلال الأسابيع القادمة، كما تجرى حاليا دراسة لإنشاء مركز ثقافي في باريس.
وأثناء زيارة أخيرة إلى ألمانيا تم الحديث مع السلطات في مدينة أفومباخ حول إمكانية خلق مركز ثقافي خاص بالجالية المغربية، وكانت ردودهم إيجابية.

بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المخلوقين وبعد
ما هو تقيمكم لأحداث ضواحي باريس الأخيرة -حيث تقطن نسبة مهمة من المهاجرين المنحدرين من أصول مغاربية وإفريقية-، هل هذا ناتج عن التهميش والعنصرية والبطالة والسكن غير اللائق والحرمان من الخدمات والتأمينات الاجتماعية التي يشكو منها الكثير من المهاجرين؟
لكم مني وافر الجزاء ، وفقكم الله لما فيه الخير والصلاح.

إن أحداث ضواحي باريس الأخيرة غير مرتبطة بالمهاجرين المنحدرين من أصول مغاربية وإفريقية، باعتبار أن عددا كبيرا من المساهمين فيها، ومن الذين ألقي القبض عليهم خلال هذه الأحداث لا ينتمون إلى الجاليتين المذكورتين سابقا.
إن هذه الأحداث مرتبطة بوضع اقتصادي واجتماعي مزري أنتجته سياسات اقتصادية واجتماعية لم تأخذ بعين الاعتبار النمو الهائل الذي حصل في المجتمع الفرنسي، كما أنه مرتبط بما أفرزته الحواضر الكبرى التي تتطلب يدا عاملة كثيرة من أجل الحفاظ على ديناميتها، لكنه وبدون توفير الشروط الضرورية الأساسية التي تضمن كرامة العيش لتلك اليد العاملة، فهوامش المدن الكبرى تقطنها تجمعات بشرية مهمشة تعاني من سوء التأطير في مختلف الميادين، وخاصة في ميدان التمدرس، حيث نلاحظ أن نسب الرسوب المدرسي تصل إلى نسب خيالية تقدر ب 80 في المائة إلى 90 في المائة، كما أن هناك سكن غير لائق لا يوفر للقاطن فيه فرصة العيش الكريم.
فالمطلوب من القائمين على الأمر، خاصة في المجال السياسي، القيام بمراجعة جذرية لما هو متبع من السياسات في هذه الأحياء، حيث يجب تحسين ظروف السكن، وإيجاد فرص العمل والرفع من المستوى الدراسي للأطفال وذلك عبر تخصيص ميزانية خاصة قادرة على مواجهة هذا التحدي الذي هو إدماج حقيقي لكل مواطن سواء من القاطنين في المدن الكبرى، أو على هوامشها وذلك بالاستفادة من جميع الخدمات على قدم المساوات بغض النظر عن محل سكناهم.

أشكر موقع الرابطة المحمدية للعلماء على هذه البادرة الطيبة، كما أشكر الضيف الكريم، سؤالي:
إذا كانت المواطنة هي إمكانية الولوج إلى نفس الفرص والتوفر على نفس الحقوق وضمان نفس الواجبات، فهل المواطنون المغاربة سيتمكنون من خلال المجلس الأعلى للجالية المغربية بالخارج من المشاركة في إعداد مشاريع مرتبطة بمختلف مظاهر الحياة؟

إن مجلس الجالية المغربية هو في أساسه فضاء للنقاش والتفكير، وتبادل الآراء، وبطبيعته هذه سيوفر فرصة سانحة لكل من يريد أن يعبر عن آرائه، وعن مشاريعه في سبيل تسهيل عمليات مساهمة الجالية المغربية في مختلف مظاهر الحياة في المغرب.
إن خلق هذا المجلس هو في أصله اعتراف بالمواطنة الكاملة للمواطنين الذين يعيشون خارج المغرب، وسيعمل من خلال برامجه على ترسيخ هذه المواطنة بتقديم مقترحات تدعم المساهمة في كل المجالات، خاصة السياسية والتشريعية منها، وقد شكل المجلس مجموعة عمل تهتم بالمواطنة والعمل السياسي.
وإن المجلس يرحب بجميع المقترحات والمشاريع في هذا المضمار.

السلام عليكم ورحمة الله
كيف يحافظ المغترب على هويته و يتلاءم في نفس الوقت مع الوسط الذي يعيش فيه؟

التمسك بالهوية لا يعني بالضرورة الصدام مع المجتمع أو مع الوسط الذي نعيش فيه.
فبالعكس تماما، فإن الاختلاف في الانتماء الثقافي يكون عاملا مهما في إثراء المجتمع وإغنائه.
فلا يجب أن نجعل من هوياتنا المختلفة دروعا نتحصن بها ضد الأخرين، وإنما يجب أن نجعل منها جسورا تربطنا بغيرنا وتضمن لنا تواصلا بناء مع محيطنا.

السلام عليكم
هل يساهم مجلس الجالية المغربية بالخارج الذي تتولون إدارته في اتخاذ إجراءات مناسبة قصد تسهيل زيارة المهاجرين المغاربة للوطن من معاملات إدارية وجمركية وأمنية وغيرها؟

إن تسهيل زيارة المهاجرين المغاربة للوطن تعد من المهام الأساسية للمجلس.
كما أن جميع القطاعات الحكومية تعمل جاهدة من أجل تحسين ظروف هذه الزيارة ابتداء من ملف العبور والإقامة، إلى التسهيلات الإدارية والضرورية اللازمة.
وسيعمل المجلس على إصدار نشرة تعريفية بما هو متخذ من إجراءات في هذا الصدد قبل عطلة الصيف.

أستاذي الكريم
ماذا عن الاستثمار الوطني والجالية المغربية بالخارج؟ هل استطاعت الجالية المغربية أن تفرض ذاتها في الجانب الاستثماري؟ لما له من أهمية قصوى في المجتمعات الغربية؟

السلام عليكم، وشكرا على سؤالكم
لقد بدأت الجالية المغربية في ولوج ميدان الاستثمار منذ أمد قصير، وهي في الحقيقة في بداياتها الأولى.
والنجاح في هذا الميدان يتوقف على مستوى التخطيط والدراسة اللازمتين لنجاح عملية الاستثمار.

السلام عليكم
هل ترى أن من المعقول والمنطقي العمل على ضبط توجهات الجالية المغربية الفقهية والمذهبية حتى تنسجم مع المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية وتصوف الجنيد خاصة في مجتمع ديمقراطي ومنفتح؟

إن المجتمع الديمقراطي والمنفتح لا يعني بالضرورة الميوعة في قضية الانتماء المذهبي والعقائدي، ولا يعني ترك جاليتنا لكل من هب ودب للحديث في هذا الأمر.
الانتماء المذهبي والعقائدي أمر حساس وهو مرتبط بمآل الناس في آخرتهم، وأعتقد جازما أن الإسلام في تلك المجتمعات في أشد الحاجة إلى التمذهب والوضوح في الانتماء العقائدي.
كنت وسأظل من المدافعين عن ضرورة تمسك المغاربة أينما كانوا بالعقيدة الأشعرية، والمذهب المالكي، والتصوف السني.
إن المذهب المالكي بما يتوفر عليه من ليونة في أصوله، قادر كل القدرة على إيجاد الحلول المناسبة للنوازل المختلفة التي تقع في كل مكان، وخاصة بأوروبا. فإن مبادئه الكبرى المتمثلة في المصالح المرسلة، والأخذ بالعرف، وشريعة من قبلنا، كفيلة بأن تجعل المسلم يعيش في وئام تام مع انتمائه الإسلامي وانخراطه في مجتمع ديمقراطي منفتح.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ألا ترى أن من الأفضل أن تندمج الجالية المغربية مع غيرها من الجاليات الإسلامية في إطار فقه خاص بالمغتربين بدل أن يكونوا تابعين ثقافيا وفقهيا لبلدانهم؟ وشكرا

ليس هناك فقه خاص بالمغتربين حتى نستطيع أن نصهر فيه الجميع، وإنما الفقه كان وسيظل مرتبطا بمدارسه المعروفة.
فالانتماء للمذهب المالكي لا يعني بالضرورة التبعية الثقافية لبلد ما، باعتبار أن المذهب منتشر في مختلف بلدان العالم، وبالنسبة لأوروبا فهو الأقرب ذهنيا لتلك البلدان باعتباره نمى وترعرع في الأندلس الإسلامية التي هي جزء من أوروبا. فالأخذ به لا يعني أكثر من رجوع إلى الأصل بالنسبة للمسلمين في أوروبا.

تحية طيبة أستاذنا الكريم
ما حقيقة تأثر واقع الجالية المغربية بأوروبا خاصة في فرنسا، بالصراع المغربي الجزائري؟ خاصة فيما يتعلق بتمثيلية المسلمين في أوروبا؟ وشكرا

شكرا على سؤالكم
لا أعتقد أن هناك تأثرا بما يسمى بالصراع المغربي الجزائري بفرنسا.
قد يمكن أن نتحدث عن نوع من التدافع الإيجابي بين الجاليتين بالقدر الذي يسمح بإظهار مساهمات كل واحد منهما، وهذا ربما يترتب عنه بعض سوء الفهم بين أفراد الجاليتين، ولكن عامل الوقت كفيل بإزالته.
إن تمثيلية المسلمين في فرنسا لا زالت حديثة العهد، ولم تراكم ما يكفي من التجربة من أجل مواجهة الصعاب. وإن حرص كل واحد منا على المساهمة الإيجابية في هذه المؤسسة هو الضامن لاستمراريتها وأداء مهمتها على أحسن وجه.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرحبا بالضيف الكريم
يرى الخبراء أن معظم المهاجرين المغاربيين وجدوا أنفسهم -إلى جانب العديد من نظرائهم المنحدرين من أصول إفريقية- بعد مرور عقود على استقرارهم في العديد من الدول الأوربية، على هامش المجتمع، بفعل تضافر وتراكم مجموعة من الإكراهات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
فما مدى قدرة الدول الأوربية المستقبلة للمهاجرين، على تحقيق اندماج حقيقي لهؤلاء المهاجرين داخل مجتمعاتها؟ وشكراً

السلام عليكم ورحمة الله، شكرا على سؤالكم،
تحقيق الاندماج الايجابي للجاليات المغاربية والإفريقية مرتبط أساسا بالمجهود الذي تبذله هذه الجاليات نفسها، وبقدرتها على التعامل مع المجتمع عبر تفاعل تام مع آماله وآلامه، والانخراط فيه بشكل يجعل العناصر المهاجرة من عوامل استقرار وأمن وازدهار المجتمعات التي يعيشون فيها.
كما أنه مرتبط أيضا بمدى قدرة المجتمعات الغربية على استيعاب الوافد الجديد بإعطائه حق المواطنة كاملا غير منقوص، والتعامل معه على قدم المساواة ككل المواطنين.
إن تحقيق الاندماج الإيجابي مرهون بقدرات المهاجرين على ربط وبناء جسور الثقة مع المجتمع الذي يعيشون فيه، كما هو مرهون بردم الهوة التي تفصل بين الخطاب السياسي النظري والواقع الحقيقي لتلك المجتمعات، بمعنى أن مبادئ العدل والمساواة والتعددية يجب أن تكون واقعا معاشا وليس خطابا للاستهلاك.

Google+ Google+