السبت، 28 دجنبر 2024 17:17

محمّد أحداف .. مغربيّ يبدع في التجديد الموسيقيّ بالأراضي المنخفضة

الأربعاء, 13 يوليوز 2016

اختار محمد أحداف طريق الإبداع الموسيقيّ بحثا عن مراده تحقيق ذاته في هذه الحياة، مستثمرا موروث الماضي وإبداعات الحاضر بغية نيل منتج يحقق ما يرغب فيه من وصال بين شذى الأمس وأنغام اليوم التي يمكن أن تحيى إلى غاية حلول الغد.

ولع في تطوان

ولد محمّد أحداف شمال المغرب، وتحديدا بمدينة تطوان، حيث رأى النور وشبّ وترعرع قبل أن ينخرط في تجربة هجرة جعلته مقيما بالديار الهولنديّة، وتحديدا في أمستردام، منذ 12 عاما مضت.

أفرد محمد اهتماماته منذ أن كان في الـ17 من عمره، متدرّجا بين أقسام التعليم الثانوي بـ"مدينة الحمامة"، للفنّ، منجذبا إلى الميدان الموسيقي على وجه الخصوص، وآلة العود التي مسّته أنغامها بولع شديد.

"لي شرف أنني نُعت، حين كنت مقيما في مدينة تطوان، بكوني واحدا من ألمع عازفي الأنغام الأندلسيّة. كما تشرّفت بالعزف مع الهامة الفنية محمد العربي التمسماني، تحت الرئاسة الفنية للمبدع محمد الأمين الأكرمي؛ وهذان المعطيان شحذا همّتي في المجال الموسيقي"، يقول أحداف.

خبرات وتطوير

لم يقتصر اهتمام محمد أحداف بالموسيقى على "طرب الآلة"، بل راكم محاولات تلو الأخرى للاشتغال على قطع مازجة لمقامات أندلسيّة، ضمن مواقع مفصليّة من الجمل الموسيقيّة، مع أنغام مخالفة تنتمي إلى الموسيقى العصريّة، وموسيقى "الجاز" العالميّة على وجه التحديد.

"أقبل منذ بداياتي على التجديد، حتّى أضع بصماتي على منتجات فنيّة خاصّة بي، بحثا عن تحقيق رغبة الإبداع.. أخذت أؤلّف ألحانا أبقيها في خزانتي"، يقول احداف، قبل أن يواصل: "حققت تراكما في هذا الاشتغال، وبذلك حلمت بأن أوصل ما أنجزه إلى الضفّة الشماليّة من الحوض المتوسّطيّ، وشرعت في السفر مع الفرقة الأندلسيّة التي انتميت إليها في تطوان نحو عدد من البلدان، مطلعا بذلك على خبرات طوّرت أدائي عند كلّ تنقّل".

وصول إلى هولندا

عند حلول سنة 2004، أتيحت للفنان المغربيّ عينه فرصة التواجد بالأراضي المنخفضة، فأفلحت عاصمتها أمستردام في سلب لبّه، فلم يتردّد في اختيار الاستقرار فيها؛ وبالتالي غدت البيئة الهولنديّة وسط عيش جديد بالنسبة إليه.

"وجدت صعوبات كثيرة من أجل تحقيق الاندماج في هولندا التي أبهرتني عاصمتها، لكنّ ممارستي الموسيقيّة كانت الحلّ لكلّ ذلك، بجوار إقبالي على دراسة اللغة"، يعلّق محمد أحداف على أولى شهور تواجده بفضاء حياته الحديث، ثم يواصل: "تعرّفت على مخرج هولنديّ جاورته بالعزف ضمن سلسلة تلفزيّة كان يشتغل عليها، وبعدما أعجب بأدائي ساعدني على الانطلاق من خلال تعريف موسيقيّين هولنديّين بي".

على سكّة الإبداع

واظب محمد أحداف على قصد معهد موسيقي في أمستردام من أجل مشاطرة مجموعة من العازفين المنتمين إلى ثقافات معبرة عن الخليط الاجتماعي العالمي الذي يقطن البلد، جاعلا فكرة تشكيل فرقته الموسيقيّة الخاصّة تختمر في ذهنه قبل أن يصل إلى مرحلة التفعيل.

أخذ المغربيّ الهولنديّ كامل وقته في البحث عن موسيقيّين مهرَة، من مشارب ثقافيّة متعدّدة، حتّى رسا على التشكيلة التي تلائم تصوّراته الإبداعيّة؛ ومن ذلك وسم منطلق سكّة إبداعه من هولندا بأوّل "ألبوم"، اختار له عنوان "نسيم الأندلس"، جعله يلاقي إقبالا أوسع من تطلعاته.

حرص أحداف على المشاركة في عدد من المهرجانات الدوليّة التي تستدعيه ومجموعته من أجل إقامة حفلات حيّة، مقدّما ما خلص إليه اشتغاله المنكب على تلقيح الأنغام الأندلسيّة بموسيقى الثقافات المتنوّعة. كما أقبلت عدد من المحطات التلفزيّة والإذاعيّة الهولنديّة على فنّ محمد أحداف كي تتم مشاطرته مع مشاهديها ومستمعيها.

حظّ ووطن

لا يتردّد الهولندي المغربي عينه في المجاهرة برضاه عن المسار الذي انخرط فيه انطلاقا من تطوان صوب أمستردام، مرورا بعدد من البلدان..ويعلن أحداف نفسه محظوظا لزخم ما حققه حتّى الحين من خلال عزفه على أوتار آلة العود، خاصّة ما تحقق له من عزف داخل فضاءات عرض مرموقة بهولندا وغيرها.

"لازالت لديّ جملة من الطموحات التي أرغب في تحقيقها، وحاليا أركّز على مشاركة موسيقيّة ضمن ملحمة يشرف عليها فنانون مسرحيون كبار في هولندا.. أعتبر نفسي سائرا في الطريق الصحيح حين أتلقى دعوات المهرجانات وردود فعل إيجابيّة من الجمهور، وأفكّر في برنامج جولة فرقتي بجملة من الدول الأوروبيّة"، يقول أحداف.

ومن منطلق تجربته في الهجرة يوجه محمّد نصيحته للشباب الراغبين في البصم على نجاح بديار الهجرة وهو يردف: "الدول الأوروبية المستقبلة للهجرة، وهولندا تحديدا، تتوفر على إمكانيات ممكّنة من توسيع آفاق الانتظارات ونيل التقدم المرغوب فيه، شريطة أن تكون مغادرة الوطن الأمّ هادفة..كما يتوجّب الوعي بقيمة الوطن عند تحقق الرحيل، لأنّ وزنه لدَى المغاربة لا تتم معرفته إلاّ بالنأي عنه جسمانيا، وبالتالي ينبغي الاستثمار في طقوس البلاد وتقاليدها وفنها وتاريخها من أجل اكتساب الإصرار على الفلاح".

عن موقع هسبرس

Google+ Google+