السبت، 28 دجنبر 2024 14:04

 "معرفة وآراء" زاوية مفتوحة في وجه الباحثين والمختصين في قضايا الهجرة ومتعلقاتها لعرض آرائهم ووجهات نظرهم وفتح باب النقاش بخصوص مختلف الأسئلة المتصلة بهذه القضايا..

"معرفة وآراء" أفق لبناء حوار هادئ ومسؤول قادر على بلورة مقاربات تتسم بالعمق والدقة والصدقية.

ما تعنيه نجاة…

نجاة فالو بلقاسم تحمل حقيقتها في اسمها. فهو ترجمة لازدواجية الهوية التي يعيشها ملايين الفرنسيين الذين ينحدرون من الهجرة. في فالو الاسم الذي يحمله ابناها التوأم هناك تدفق للأرض يتطفل بشكل رائع وسط اسمين يحيلان على الغريب.

لكن فالو لا يصنع بالضرورة امرأة فرنسية بالمعنى الذي يحيل عليه فيلم «ريجي وارننر» وشخصيته الراقية إيمانويل بيرا. من بلقاسم لا نحتفظ سوى بلمحة مغربية. فمن يمكنه أن يصدق أنها مغربية تماما فقط لأنها ولدت على هذه الأرض ولأنها أمضت فيها الأربع سنوات الأولى من طفولتها.
في المقابل، هناك هوية لا يمكن لأحد أن ينزعها عن نجاة. وهي كونها ابنة الجمهورية بشكل كلي. إنها تحمل معها في جسمها الممشوق الثقل الثلاثي للقيم التي تزين أقواس جميع المدارس والبلديات في فرنسا وتضيئها بابتسامة رفيعة.
ففي عيون عدد منا، هي تجسد ثمرة معاركنا الماضية ‪سنوات الثمانينات)) من أجل المساواة التي تفتقدها فرنسا، بل وأكثر من ذلك، تلك الأيام من التفكك والانكسارات. إن مجتمعا يعاني من وضع سيء للهجرة والذي ومنذ 1989 مع قضية الحجاب، جعل من هذه الكارثة اللعينة علامة فشل الاندماج، كان يجب أن يرى في هذه المرأة الجميلة رمزا للحداثة وبرهانا على الاندماج الكامل والتام. فما الذي يمكن أن يكون أكثر دلالة من الاندماج السياسي باعتباره أقصى درجات الاندماج في المجتمع؟ إن فالس ‪وعبر تصفيق جميع الاشتراكيين في منطقة لاروشيل، لم يكن مخطئا أبدا. لقد قدم إلى مناضلين حائرين رمزا حيا لهذه المساواة الجمهورية.
ورغم أنها تحظى بقبول واسع لدى جمهور عريض من مواطنيها، إلا أن فيض الكراهية المنبعث من جزء من الرأي العام، لا يقلل من شأن نجاة، لكنه يخرب روح الجمهورية الفرنسية.
هناك ما يشبه رغبة في الإعدام .. فورا. إنه نتيجة غوغائيين يشكلون قسما من هذا الجزء الذي لا يقهر من فرنسا الذي يعبق بروائح فاسدة. شرس ومشاكس، ويجب أن نقولها عنصري، يتغذى على الفظاظة وقلة الذوق. إنه ذلك الجزء من فرنسا الذي يحب أن يستمتع بتفاهات امرأة تدعى نبيلة، ويبتهج بمفاتن أخرى تدعى زاهية دهار.
لأنه وأيضا في عيون عدد منا، ديمقراطيون خاب أملهم، لا صوت لهم، ولا أحد يراهم، دفنا تحت أكوام الترويجات الجديدة للإعلام الذي لم يعد يهتم سوى بالمنحرفين والملتحين والمنقبين وأمثال المراح والنموش وغيرهم من الأصوليين من مختلف المشارب، نجاة تمثل الشجاعة وبالخصوص تلك القيمة الثانية.. الحرية.
كامرأة حرة، تقارب نجاة المواضيع الاجتماعية الجريئة. بينما البعض كانوا يريدون لو أنها لم تتجاوز دور «عربية الخدمة» الغارقة في مآسي الضواحي، وتدير عبثا تشوهات مجتمع مفكك، ومعيقات الليبرالية ذات الصبغة الاجتماعية، وأنها لم تقتصر على جعلنا نتدارك صورة فضيلة عمارة، من أجل تهدئة البورجوازيين وإن بشكل وهمي ومضلل، وأنها لم تتباهى مثل رشيدة داتي التي لم تستمر سوى لأنها يمينية وحوربت من قبل اليسار على أساس اختياراتها وقناعاتها وليس تبعا لأصولها. صحيح أن الفرق بين فضيلة وداتي ونجاة كبير. ففضيلة وداتي هما منتوجان سياسيان. أما نجاة فهي امرأة سياسية.
وأخيرا كنا نتمنى أن تجسد نجاة الأخوة. هذه القيمة الثالثة المهيبة. ونتجاهل العمل التخريبي الذي يضطلع به بعمق رسل النرجسية ودعاة مفاهيم خيبات الأمل والانحطاط ‪والوعي التعيس، وأولئك الذين يحنون إلى الجذور الألفية وسجالاتهم اللاذعة النارية. إن زمور ومينار وآخرون قد حضروا حمام مريم حيث تزدهر منذ الآن بذور الكراهية، والخلاف. ستطردون إذن الأخوة؟ سترثون القبلية والطائفية.

إدريس أجبالي

ترجمة: هدى الأندلسي

نقلا عن جريدة "الأحداث المغربية" (16 شتنبر 2014)

Google+ Google+