في البداية عندما كان يكتب طه عدنان الشعر في جامعة القاضي عياض بمراكش أمام حشد من رفاقه كانت القصيدة بالنسبة إليه شكلا من أشكال النضال، الأمر الذي اختلف عند انتقاله إلى بروكسيل، حيث كان يكتب وحيدا أمام الحاسوب؛ مما جعل قصائده تأخذ طابعا خفيف من حيث الإيقاع الخارجي، كما أن قصائد النثر لا تدخل ضمن نطاق اهتمامه بكل بساطة لأنها لا تعنيه.
ولأن الأدب يسكن الأديب أينما كان، دفع شغف الأدب بطه لكي يصبح وسيطا ثقافيا يدمج الأدب المغربي والأوروبي في جسر من التنوع الثقافي والفكري، من خلال الصالون الأدبي العربي الأوروبي، الذي جاب هذه السنة إرجاء أوروبا، ابتداء من استوكهولم ومالمو السويديتين، ثم بروكسل البلجيكية وأمستردام الهولندية قبل الانتقال إلى مدريد ومنها إلى قرطبة مركز الحضارة العربية الأندلسية.
عندما غادر طه عدنان المغرب للرحيل إلى بلجيكا، كان شاعرا شابا أخذته عزيمته وتعلقه بالشعر العربي لتحقيق أمل كان مفقودا آنذاك في المغرب، فبعد سنتين من حصوله على الإجازة في الاقتصاد من جامعة مراكش، لم يستطع الشاعر المغربي الحصول على وظيفة مما عجل بهجرته للبحث عن فرصة أخرى في أرض أخرى هي بروكسيل.
وفرت الهجرة لطه عدنان بيئة جديدة أغنت كتاباته ونوعتها، وبعد مرور سنة على رحلته من مراكش على بروكسيل جاء أول الغيث الشعري، من خلال أول قصيدة في الهجرة، وسرعان ما تحولت مضامين الحنين لديه إلى رغبة في التعرف على أحوال الناس وفضول لاكتشاف العالم الذي يعيش فيه، مما جعل إنتاجه الفكري يتنامى شيئا فشيئا، ولوضع لمسته في الشعر العربي المعاصر ساهم طه عدنان في تأسيس "الغارة الشعرية" في بداية التسعينيات والتي اعتبرت بمثابة تكتل للحساسية الشعرية الجديد.
توج الشاعر المغربي عقدا من الهجرة إلى أوروبا بإصدار ديوان "أكره الحب" الذي عكس من خلاله المحطات التاريخية التي عاشها في فترة الابتعاد عن وطنه، بكل ما حملت من عواطف وأحزان وحنين إلى الأرض.