وشارك في جلسة تقديم الكتاب التي أدارها الكاتب العام للمركز الثقافي الإسلامي في إيطاليا، عبد الله رضوان، مهندسة النسيج وصاحبة مقاولة للملابس بإيطاليا، حليمة هدير، إلى جانب المؤسّس والرئيس التنفيذي لشركة ParkingMyCar ، ياسين العواق، وكلاهما نموذجين معبرين عن مسارات ناجحة للشباب المغربي في إيطاليا، مثلما هو الحال بالنسبة لمؤلفة الكتاب أيضا "التي رسمت مسارها بنجاح في عالم الصحافة بإيطاليا وتمكنت من الاشتغال في أكبر الجرائد والقنوات"، يقول عبد الله رضوان.
في كلمتها خلال تقديم الكتاب أكدت كريمة موال على أن الفكرة أملتها الحاجة إلى الحديث عن ظاهرة الهجرة في إيطاليا بأشخاصها وصعوباتها وسياساتها بشكل مختلف عن الصورة التي رسمتها وسائل الإعلام الإيطالية والتي تربط الهجرة بالاجتياح والجريمة. وقد اختارت الكاتبة معالجة هذه الصورة النمطية من خلال الحديث عن مسارات 11 شابا وشابة من أصول مهاجرة بإيطاليا، برزوا في مجال المقاولة وخاضوا غمار الاستثمار بتحدي وعزيمة، لذلك فإن هدف كريمة موال من المؤلف هو تغيير العقليات ورسم نظرة إيجابية عن المهاجرين داخل المجتمع.
تعتبر الكاتبة بأن مسارات هؤلاء الشباب الملهم تؤكد على القيمة المضافة للانتماء الثقافي المزدوج في مسار المقاولين؛ على اعتبار أنهم جميعا متشبثون بهويتهم الأصلية وفي نفس الوقت يساهمون في تنمية إيطاليا وكذا في تنمية بلدان الأصل. وأبرزت في هذا الإطار على أنها فخورة بثقافتها المغربية وفخورة بثقافتها الإيطالية، وبأنها تشتغل من أجل التوعية، عبر النقاش العمومي، بالمساهمة الإيجابية التي يخولها الانتماء المزدوج حتى لا تبقى الهجرة مرتبطة فقط بالمآسي.
ولم تغفل الكاتبة والصحفية في جريدة "لا سطامبا" في مداخلتها، الحديث عن الصعوبات التي تواجه المقاولين الشباب في إيطاليا بسبب انتمائهم إلى هجرة والتي توقفت عندها خلال تأليف الكتاب، من بينها مسألة الحصول على قرض بنكي لإنجاز المشروع المقاولاتي وهو ما يدفعهم إلى التفكير في وسائل تمويل أخرى مبنية أساسا على الشبكات العائلية، خصوصا بالنسبة للمهاجرين الأفارقة.
القيمة المضافة لازدواجية الثقافة في عالم المقاولة
وقد شكل هذا اللقاء أيضا فرصة للتعرف على نموذجين ناجحين لمقاولين شباب مغاربة في إيطاليا، تقاسموا تجربتهم بكل بفخر في هذا الكتاب. فحليمة هدير المقاولة في مجال الملابس والموضا، وجدت نفسها في ميلانو محاطة بالجمال وأيضا بأثواب ذات جودة عالية، ومن هنا بدأ تفكيرها في خوض غمار الاستثمار وخلق شركة للملابس الجاهزة.
وبالرغم من صعوبة المنافسة في هذا المجال في إيطاليا، إلا أن كونها مغربية جعلها على دراية بحرفية الصانع التقليدي المغربي وقدرته على الإبداع والإتقان بسعر معقول، وهذا المتغير هو ما مكنها من النجاح.
"بالنسبة لي فإن هويتي التي تمزج بين ثقافتين مختلفتين، جعلتني أستفيد من كل ما هو جيد في كليهما وأصبحت بذلك شخصا أكثر قوة" تقول حليمة هدير في كلمتها، قبل أن تضيف بأن العيش بين عالمين "يجعلنا أكثر قوة ويعطينا فرصا أكبر، وليس العكس".
وهو نفس الموقف الذي عبر عنه المقاول المغربي الشاب ياسين العواق، الذي يرى بأن ازدواجية المعارف والثقافة تجعل الشباب المهاجر يبدع بشكل أفضل مقارنة مع شخص عاش في ثقافة واحدة، مستدلا على ذلك بالأصول الأجنبية لمؤسسي أكبر شركات التكنولوجيا في العالم.
يحكي ياسين العواق الذي ابتكر تطبيقا يعتمد على التكنولوجيا في ركن السيارات، على أن الفكرة جاءته بشكل عرضي عندما وجد صعوبة في إيجاد مكان لركن سيارته بمرأب أحد المطارات، الأمر الذي دفعه إلى التفكير في إيجاد حل لهذا الإشكال باستعمال التكنولوجيا؛ بحيث تمكن بفضل البحث والتحليل من تغيير توجيه مقاولته الناشئة من مجال التجارة الإلكترونية للملابس الجاهزة، إلى تدبير مواقف السيارات في المطارات بالاعتماد على التكنولوجيا.
في قصة ياسين العواق هناك أيضا شخصية "ماتيا" وهو الاسم الإيطالي الذي استعاره منذ الطفولة لتجنب الإقصاء الاجتماعي بسبب اسمه وثقافته والتمكن من اللعب مع زملائه. ولا يقتصر الأمر على الطفولة فحسب بل مظاهرة الإقصاء بسبب الأصل والاسم رافقته حتى في المجال المهني، لكن الشاب المغربي الإيطالي مُصر على تمسكه بمغربيته وبثقافته الأصلية كما هو حال أبناء الجيل الثاني، مع بعض الاختلافات في الرؤى مقارنة مع جيل الآباء.
هيئة التحرير