الصلاة الإسلامية "تثير خوف" الأوروبيين في عرض "صنع في الجنة" السويسري المصري

الأربعاء, 25 نونبر 2009

بروكسل (ا ف ب) - يحاول العرض المسرحي "صنع في الجنة" الخروج من الأفكار النمطية السائدة بين العالم الإسلامي والغرب وتقديم مشاهد تثير صدمة الجمهور مبنية على تجربة شخصية لكل من الهولندي يان دويفندك والمصري عمر غايات الذي يدعو في احد المشاهد الحضور الى مشاركته أداء "شعيرة" الصلاة خلال العرض.

وحل العرض الأحد في بروكسل ضمن فعاليات مهرجان "موسم"، وسبق ان قدم في عدد من المهرجانات الأخرى في سويسرا وفرنسا. وقال الممثل المصري عمر غايات لفرانس برس ان العرض "إشكالي" وأنهما غالبا ما يواجهان بمن يظن ان العرض "دعوي"، قائلا "نحن لا ندعو الى أي شيء، بل نعرض أمورا ونترك للمشاهد أن يصل الى النتيجة بنفسه".

ويتناول غايات في احد مشاهد العرض الصلاة الإسلامية، ومعاني كل حركة فيها، ويقدمها للجمهور على أنها أكثر الأمور أهمية بالنسبة اليه كمسلم، ثم يدعو من يشاء الى مشاركته أداءها في المشهد الذي يحمل اسم "هدية".

تركت هذه الدعوة ارتباكا كبيرا وحيرة على وجوه الجمهور في مسرح قصر الفنون الجميلة (البوزار) في بروكسل حيث جرى تقديم العرض، لكن خمسة أشخاص لبوا دعوة الممثل المصري ووقفوا يؤدون الصلاة مثله، بعدما اكد لهم انها "ليست صلاة حقيقية" لعدم توفر المكان والوقت والجو الملائم.

يلفت الممثل المصري، المقيم في سويسرا منذ سنوات عدة، الى ان جمهور بروكسل كان "ظريفا ومؤدبا جدا"، موضحا ان معظم الحضور كانوا يغادرون الصالة خلال مشهد الصلاة هذا ويعودون بعد انتهائه، ويرد على المعترضين قائلا "انا اقترب منك واقدم لك شيئا خاصا وحساسا جدا بالنسبة لي كمسلم، وهو صلاتي، وانت ترفض".

وقال يان دويفندك لفرانس برس تعليقا على مشهد الصلاة "هناك ناس يخرجون غاضبين من العرض (...) الناس يصفون انفسهم بالمنفتحين، ونحن نريد ان نرى اين يتوقف التسامح عندهم".

واعتبر الممثل الهولندي، المقيم في سويسرا، ان عرض "صنع في الجنة" يجعل الغربيين "يفهمون ان لديهم أحكاما مسبقة في نظرتهم الى الاخر المسلم، ويفهمون ايضا كيف تم تشكيلهم لينظروا اليه بتلك الطريقة"، لكنه اضاف بشيء من الأسف "اظن اننا لن نعرض مجددا في بلجيكا"، كاشفا ان احد مسؤولي المسارح البلجيكية حضر العرض وخرج غاضبا خلال مشهد الصلاة.

ويستمد دوينفندك آراءه هذه من تجربته الشخصية قبل اي شيء اخر، وهي تجربة كانت الدافع لانجاز العرض.

فبعد احداث 11 سبتمبر، رأى دويفندك الصورة "السطحية والمبسطة" التي يظهر فيها المسلم في الإعلام الغربي. وهو درس الفنون البصرية وقرر السفر الى مصر ليرى كيف يصور الاعلام هناك المواطن الغربي، وأراد ان يقابل "الإرهابيين والمتطرفين"، لكن مشروعه لم ينجح.

ويشرح الممثل المصري سبب فشل مشروع زميله "كان يان يظن انه سيذهب الى مصر ويجد مكتبا هناك يطلب فيه مقابلة الارهابيين، لكنه صدم عندما لم ير شيئا مما توقعه".

يعلق الممثل الهولندي على ذلل بالقول "كنت اعرف القليل عن الإسلام، واكتشفت في مصر اني أخطأت بتكوين أحكام مسبقة بناء على ما أراه في الإعلام، رغم اني مثقف وانتقد هذا الأمر". ويضيف انه لا بد من تقديم عرض يحضر فيه الأخر ويقول ما لديه حتى يتم كسر الصورة النمطية.

واللافت في العرض المسرحي كسره لكل الحواجز مع الجمهور، إذ يجلس الجمهور على ارض الخشبة ويتبعون الممثلين كما يشيران إليهم. في بداية العرض يشرح الممثلان ان لديهما 11 مشهدا، ويعلنان عن كل واحد منها بطريقة "مشوقة"، ثم يطلبان من الجمهور التصويت برفع الأيدي لاختيار المشاهد الخمسة التي ستقدم. وهذا يؤمن اختلاف العرض وتنوعه بين يوم وآخر.

وبحسب العرض، فان الأفكار المسبقة لا تقتصر على الأوروبيين وحدهم، بل تشمل العالم الإسلامي كذلك. ففي احد المشاهد يقدم الممثل المصري تجربته الشخصية مع الأفكار المسبقة عن أوروبا التي كانت في ذهنه "منحلة أخلاقيا"، قبل ان يعيش فيها ويكتشف خطا نظرته.

وفي احد المشاهد يسال الممثلان الناس "هل تريدون ان تعرفوا لماذا المسلمون سيئون جدا؟"، ثم يلزمان الصمت ويطلبان من الحضور التحدث عما يعرفونه عن الإسلام، ويتلقيان اثر ذلك إجابات لا تمت للإسلام بصلة، او "صمتا مطبقا" من الجمهور.

وفي مشهد أخر، يجلس الممثلان متقابلين خلف طاولة، وكل منهما يعرض صورة تظهر على شاشة عرض، وتشكل تلك الصور مجمل ما ينقله الإعلام.

يوضح الممثل الهولندي ان العرض مزاوجة بين مفهوم التصنيع الرأسمالي الذي يرمز اليه "صنع في"، ومفهوم ديني يرمز الى الشرق وهو "الجنة"، لكن الممثل المصري يعتبر ان العنوان هو مجاز يقصد منه ان "كل سوء الفهم المتبادل بين العالم الإسلامي والغرب صنع في الإعلام".

المصدر: وكالة فرانس بريس


«أبريل 2024»
اثنينثلاثاءالأربعاءخميسجمعةسبتالأحد
1234567
891011121314
15161718192021
22232425262728
2930     
Google+ Google+