الجمعة، 27 دجنبر 2024 00:41

حكاية سائق مغربي أعادته الأزمة الاقتصادية إلى بلدته ليشتغل على سيارة للنقل المزدوج

الإثنين, 23 غشت 2010

ضمن حوالي 150 ألف مهاجر مغربي في إسبانيا، الذين فرضت عليهم الأزمة الاقتصادية التي يعانيها البلد المضيف العودة إلى المغرب، يوجد «أحمد»، وهو الاسم المستعار الذي فضل أن تقدم به حكايته تفاديا لـ«الإحراج» في وسطه الاجتماعي.

ولسوء حظ «أحمد»، فإن مدة إقامته بإسبانيا لم تدم طويلا قبل أن تضربها الأزمة. فقد دبر أمر عقدة عمل منذ حوالي 5 سنوات، وتخلى بالطواعية عن «امتيازات» كثيرة كانت لديه في المغرب لكي يعمل في قطاع البناء في منطقة كطلانيا، قبل أن ترمي به الأزمة إلى عالم البطالة، ثم لاحقا إلى البحث عن أعمال موسمية في مجال الفلاحة، قبل أن يدفعه وضعه الاجتماعي الصعب إلى اتخاذ قرار العودة إلى بلدته في منطقة ورزازات ليعاود الالتحاق بعمله الذي تركه في منطقة يشكل هاجس الهجرة إلى أوربا، مهما كان الوضع الاجتماعي، هو الشغل الشاغل لجل شبانها قبل أن تدفعهم الأزمة الحالية إلى تأجيل هذا الحلم في انتظار اتضاح الصورة من جديد.

ومنذ حوالي ستة أشهر يستيقظ هذا المهاجر، الذي اختار العودة المؤقتة إلى بلدته هروبا من جحيم الأزمة دون أن يتخلى عن أوراق إقامته، مبكرا لكي يشحن بطارية سيارته قبل أن يبدأ يوم عمل يمتد إلى وقت متأخر من الليل، يمضيه في نقل الركاب من  وإلى مركز البلدة.

وبالرغم من أنه يحس بكثير من «الحكرة» وهو يعود إلى ممارسة نفس مهنة سياقة سيارة «النقل المزدوج» والتي اعتقد بأنه ودعها إلى غير رجعة بعد التحاقه بإسبانيا، فإنه يؤكد بأن هذه المهنة، على الأقل، مكنته، بعد العودة إلى البلدة، من ضمان الحد الأدنى من احتياجات أسرته، في وقت يحكي فيه حكايات مؤلمة لأشخاص يعرفهم اضطروا إلى العودة بدورهم لكن وضعهم الاعتباري الذي راكموه بسبب هذه الهجرة وسط مجتمعاتهم الصغيرة، لم يعد يسمح لهم بالعودة إلى المهن التي غادروها في اتجاه الجارة الشمالية، ما جعلهم يعيشون أزمات إضافية وعالة على أسرهم وأقربائهم بعدما نفد كل زادهم الذي ادخروه طيلة مدة كدهم في بلاد المهجر.

ويظهر أن أسرة هذا السائق سيكون عليها أن تعيش بدورها هذه الأزمة يوما بيوم وشهرا بشهر في منطقة يرتبط اقتصادها بالدرجة الأولى بحوالات الأبناء المقيمين في الخارج، وذلك إلى جانب السياحة التي تضررت بدورها بفعل هذه الأزمة .

وسيكون من الصعب عليها أن تتم أوراش بناء قد بدأتها، في وقت سابق، عندما كانت حوالات أربعة أبناء يوجدون في مناطق مختلفة في إسبانيا، تتقاطر على الأب، وذلك بعدما أصابت تداعيات الأزمة الأبناء في عملهم كعمال بناء، ما جعلهم يعيشون على تعويضات البطالة وبعض عائدات الأعمال الموسمية الفلاحية، رفقة زوجاتهم وأبنائهم، في أوضاع اجتماعية يقول عنها «أحمد» إنها لا تسر أي إنسان.

عندما ينهي «أحمد» يوم عمله، في وقت متأخر، يحرص في أغلب الأوقات على ربط الاتصال بإخوته بإسبانيا لكي يتوصل بآخر الأخبار حول أزمة، يظهر أنها مفتوحة ضربت البلد في اقتصاده وأنهكته فجأة وهو في أهم مراحل انتعاشته. وجل المؤشرات التي يتوصل بها توحي بأن بوادر الانفراج غير موجودة. وقد زادت محنته، في الآونة الأخيرة، بعدما اضطر إخوته، على التوالي، إلى الاستغناء عن خدمات الإنترنت والهاتف الثابت بسبب استفحال الأزمة.
لقد كان «أحمد» يعد زوجته وابنه الصغير بأنه سيبذل كل جهده من أجل أن يلحقهما به بمجرد أن تستقر أوضاعه بإسبانيا.

فيما كانت الزوجة التي تحلم بهذا السفر البعيد كغيرها من نساء المنطقة، تعد رزمة وثائقها لإعداد جواز سفرها في طبعته الجديدة، عاد الزوج، في تجربة يبدو من كل تفاصيلها بأنها صادمة بأفق بدون معالم واضحة.

المصدر: جريد المساء

Google+ Google+