الأربعاء، 03 يوليوز 2024 10:33

الحكومة السويسرية تسعى لوضع حدٍ للزواج القسري في مُجتمع المهاجرين

الثلاثاء, 28 شتنبر 2010

تدرُس الحكومة السويسرية في الوقت الحالي، الإجراءات الكفيلة بتشديد الحماية التي توفِّـرها لضحايا الزواج القسري (الإجباري) في مُجتمع المهاجرين المُقيمين في الكنفدرالية. وقد ألقت دراسة أجرِيَـت في كانتون زيورخ الضوء، ولأول مرّة، على هُـوية الأشخاص الذين تَمسـهم هذه الزيجات وردود أفعالهم.

وبسبب الخِـشية من تفاقم هذه الظاهرة، تقوم وزارة العدل السويسرية بوضع مشروع قانون يتعلق بالزواج القسري، والذي ينبغي أن يكون جاهزاً في نهاية عام 2010. ويَستند هذا المشروع على اقتراح برلماني اعتُمد في عام 2007، أسفر عن إصدار مُسودّة توصيات أولية تَـمّ التشاور حولها.

واعتماداً على ردود الأفعال الصادرة عن هذه المشاورات، كلَّف المجلس الفدرالي السويسري (الحكومة السويسرية) وزارة العدل بوضْـع مشروع قانون، على غِـرار المسودة، مع إضافة بند قانوني مُحَدّد بخصوص الزواج الإجباري.

وفي الوقت الحالي، تتِـم تغطية الزّيجات الإجبارية من خلال بند قانوني أكثر عمومية، حيث تصل عقوبة الإكراه على الزواج على سبيل المثال، إلى السجن لِمدة ثلاث سنوات في أقصى الحالات.

وقال مصدر في وزارة العدل، رفض الإفصاح عن إسمه، في لقاء مع swissinfo.ch بأنَّ إضافة فقرة قانونية مُحدّدة، لن يؤدّي إلى موقِـف واضح فَحَسب، ولكنه سيسمح بعقوباتٍ مُشَدّدة أيضا.

كما أضاف نفس المصدر، بأنَّ التدابير القانونية ستكون أكثر صرامة بشكل عام، كما ستكون أكثر تحديداً في ذات الوقت أيضاً، وبالتالي، ومن المُتوقع أن يُحسّـن هذا المشروع الإجراءات القانونية، التي تُعارض الزواج الإجباري، كما يبدو أنَّ الزواج من القُصَّـر لن يكون مقبولاً بشكل عام، حتى لو كان مَسموحاً به في الوطن الأم لهؤلاء المهاجرين.

كانت الحكومة السويسرية تنظر في هذه القضية منذ عام 2005، بعد أن تمّ التطرُّق إليها مرتيْـن في البرلمان، كما نشرت تقريراً بهذا الخصوص في عام 2007. وقد كانت هذه الظاهرة ولا تزال، من المواضيع الساخنة في وسائل الإعلام أيضا. غير أنَّ حجم هذه المشكلة لا يزال غير معروف في سويسرا، كما لا تتوفر سوى القليل من المعلومات حول هذه القضية المعقدة.
وفي حديث مع swissinfo.ch، قالت جانين داهيندن، أستاذة الدراسات العابرة للقوميات في جامعة نوشاتيل: "هناك حالات مختلفة من الإكراه والقوة فيما يتعلق بالزواج، ومن الصّـعَب جداً تلخيصهاً جميعاً تحت عنوان الزواج الإجباري".

وكانت داهيندن، إحدى المشاركات في وضع الدراسة المتعلِّقة بالزواج الإجباري في زيورخ والتي نُفِّـذت بتَكليف من سلطات المدينة، من أجل الحصول على صورة واضحة حول هذه القضية وسط مخاوف من تفاقمها. وقد نُشِـرت هذه الدراسة في وقت سابق من هذا العام.

ووجدت هذه الدراسة الأولى من نوعها والتي تتعامل بشكل شامل مع هذا الموضوع، بأنَّ مراكز الخدمات الاجتماعية وملاجئ النساء في زيورخ، تستقبل ما لا يقل عن 40 حالة من طلبات تقديم المشورة المتعلِّقة بالزواج الإجباري سنوياً. ولا تتوفر سوى بيانات قليلة من جميع أنحاء سويسرا عن عدد الزيجات الإجبارية، التي تتم في مجتمع المهاجرين خلال العام الواحد.

وقد أبرزت الدراسة ثلاث حالات رئيسية مقرونة بالزواج الإجباري، بما في ذلك عدم السماح باختيار شريك للزواج وعدم القدرة على رفض زواجٍ مُتَّـفَـق عليه مُسبقاً بين الأهل.

وتوضح داهيندن بأنَّ الزيجات المُدبَّـرة "بموافقة"، تختلف عن الزواج الإجباري، ولكن الخط الفاصل بين النوعيْـن قد يُـصبح غيْـر واضح أحياناً. ويرتبط الزواج الإجباري في الغالب بالنساء، لكنه قد يشمل الرجال أيضاً من الجيل الثاني للمهاجرين. مع ذلك، فقد خلطت النتائج الواردة في التقرير بعض الأفكار الشعبية حول هذه المسألة.

وتقول داهيندن: "هذه القضية غير مرتبطة بالإسلام على هذا النحو"، وتضيف: "ما نعرفه هو أن هناك المزيد من الأفكار المُتزمِّـتة حول هوية الشريك الأصلح للزواج في الأُسَـر التي تحمل درجة عالية من التدَيُّن. إنه صراع الأجيال بين الآباء والأبناء في أغلب الأحيان".

وتُظهر الدراسة حالة شابة من التاميل، تبلغ من العمر21 عاما، أحَبَّت شاباً تاميلياً أيضاً ولكنَّه من طبقة أدنى، مما دفع والديها إلى محاولة تزويجها من إبن عمِّها. كما تُبرِز قضية فتاة من كوسوفو رفضت أن تتزوج زواجاً مُدَبراً.

وترفض أستاذة الجامعة وَضع المَزيد من التدابير القانونية المُتعلِّقة بالزواج القسري، والذي لا يساعد الشباب في هذه الحالات، حسب قولها. وهي توضِح وجهة نظرها بالقول: "لن يقوم هؤلاء الشباب باتهام والدَيْـهم، لأنَّ ذلك يعني في الغالب اضطرار جميع أفراد الأسرة على مغادرة البلاد. إن الوضع صعب بما فيه الكفاية لهؤلاء الشباب، إذ يتوجب عليهم في أحيان كثيرة، الاختيار واتخاذ قرار بين تَـرك الأسرة أو البقاء والموافقة على هذه الزيجات".

وحسب داهيندن، يلجأ هؤلاء الشباب في الغالب، إلى معلّميهم أو أرباب العمل أو غيرهم من أفراد الأسرة، للحصول على المساعدة. وهي تعتقد بأنَّ رفع مستوى الوعْـي حول هذه المسألة في المدارس، قد يكون حَلاً مناسباً على سبيل المثال، وتضيف بأنَّ الوساطة بين هؤلاء الشباب وأولياء أمورهم، قد تُسفر عن نتائج جيِّـدة، كما يمكن أن تؤدّي إلى وقف التصعيد في الوضع.

ويؤكِّـد التقرير تنامي عدد الأشخاص الذين يلتمِـسون النصح حول الزواج الإجباري، خاصة وأنَّ أطفال المهاجرين الذين جاؤوا إلى سويسرا في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، قد وصلوا إلى مرحلة المراهقة الآن.

وينعكِـس هذا الأمر في الواقع أيضا، حيث تقول كارين أبِـرهارد، المديرة المشاركة لملجأ الفتيات الوحيد في سويسرا "ميدخنهاوس" Mädchenhaus: "لم يَعُـد الأمر من المحرّمات"، وتُضيف: "تتجه الفتيات اللواتي يَمْرَرن بهذه الظروف اليوم، إلى الحصول على مساعدة أكثر مما كان عليه الأمر في الماضي". ويقع هذا المركز في مدينة زيورخ، وهو يعمل على استقبال وإيواء النساء اللاتي يُعانين من العنف الأُسَري بمختلف أنواعه، كما يضمَّ فتيات فرَرْن من الزّواج الإجباري.

المصدر: سويس أنفو

مختارات

Google+ Google+