بمبادرة من مجلس الجالية المغربية بالخارج - وهو بمثابة هيئة وطنية استشارية بخصوص شؤون الهجرة لاسيما القضايا التي تهم المواطنين المغاربة بالخارج, فضلا عن كونه يشجع المبادرات الرامية الى التعريف بالموروث والثقافة المغربية بكل تجلياتها داخل مجتمعات الهجرة. مرة أخرى - وتحت عنوان «أصداء : فنانون مغاربة من العالم», انطلقت يوم أمس الخميس، بالمدينة الحمراء، فعاليات المعرض التشكيلي الكبير زمنيا بحيث سيستمر انطلاقا من يوم أمس وحتى السابع من دجنبر المقبل، الكبير من حيث المعاني التي ينطوي عليها والخطاب الذي يريد تمريره ، الكبير أيضا من خلال حمله لقيمة إنسانية واعتبارية مضافة للفنان وإبراز عمق رسالته الكونية التي تتخطى الحدود، والتأكيد على مغرب يسمو فوق الحدود لمعانقة الكون والمساهمة بدينامية في الحركة الفنية والثقافية داخله، والتأكيد كذلك على الحضور المغربي المتميز في مجال الفنون التشكيلية، المتواصل عبر العالم منذ سبعينيات القرن الماضي.
مراكش تستقبل خمسة عشر فنانا يتوزعون على أنماط إبداعية واتجاهات متنوعة وتجمع بينهم في نفس الوقت قواسم مشتركة تتمثل في أصولهم المغربية وهوياتهم الكونية، وشهرتهم في أروقة الفن العالمي، وعلو كعبهم في الأنماط الإبداعية التي يشتغلون عليها ومن بينها التشكيل، الفيديو والتصوير الفوتوغرافي.
ويتعلق الأمر بكل من الفنانين عزيزة العلوي (المكسيك), ووفاء أحلوش الكرياستي (هولندا) ومحمد الزبيري (الولايات المتحدة) وشروق حريش (فرنسا) وشريف بنحليمة ( بلجيكا) وفؤاد بلمين (المغرب/ فرنسا) وهشام بنحود ( فرنسا) ومحمد الباز (المغرب/ فرنسا) وليلى السعيدي (الولايات المتحدة) ومنير الفاطمي (فرنسا) وبشرى خليلي (فرنسا) ونجية المهادجي (فرنسا/المغرب) ومالك نجمي (فرنسا) وإلياس السلفاتي (إسبانيا/ فرنسا/الولايات المتحدة) وعبد الرحيم يامو (فرنسا/المغرب).
وحسب المنظمين, فان هذا المعرض, يهدف إلى تكريم هؤلاء الفنانين، عبر التعريف بإبداعاتهم تحت سماء مراكش، وتسليط الضوء على الروابط الجغرافية والثقافية, وكذا العاطفية التي تميز مختلف الوسائل التعبيرية في أعمالهم التي استطاعت أن توجد لها مكانة مرموقة على الصعيد الدولي ومكنت بالتالي من مد وتعميق جسور تربط بين ثقافاتهم, وتبرز صدى التداخل الإبداعي بين المغرب والعالم.
وحسب مجلس الجالية المغربية بالخارج فان هذا المعرض، المنظم لأول مرة بمراكش، والذي يجمع كل هؤلاء الفنانين رغم اختلاف مشاربهم واتجاهاتهم الفنية، ليس سوى خطوة أولى تروم الترسيخ لهذا العمل التواصلي ستعقبه العديد من المشاريع، التي تصب في نفس السياق، حيث من المنتظر أن يقوم مجلس الجالية المغربية بالخارج قريبا بتنظيم معرض «المغرب وأوروبا»، الذي يعرض آثار الدبلوماسيين، والفنانين، والكتاب، الأوروبيين، الذين مروا من المغرب، كما سيساهم في تنظيم معرض للفنان أندري الباز بشراكة مع مؤسسة «أونا» بدار الفنون بالدار البيضاء ثم بالرباط خلال شهر نونبر المقبل، ويعتبر أندري الباز احد كبار الفنانين المغاربة المعاصرين، المقيمين بباريس.
وانطلاقا من الوعي بأن الرهان الحالي هو رهان ثقافي، يستمر مجلس الجالية المغربية بالخارج على درب دعم جميع الأنشطة الثقافية بمختلف أنواعها. سيرا على عادته في مساندة العديد من المهرجانات الفنية، نذكر من بينها مهرجان موازين، ومهرجان الناضور، ومهرجان الدار البيضاء... كما سجل المجلس مشاركة مميزة في المعرض الدولي للكتاب، حيث قام بإصدار وترجمة أزيد من 20 كتابا حول الهجرة، وعرض رواقه أزيد من 1200 كتاب. هذا، بالإضافة إلى دعمه للعديد من الأنشطة الثقافية الموازية.
وقال إدريس اليزمي، رئيس مجلس الجالية المغربية بالخارج، في بلاغ توصلت «بيان اليوم» بنسخة منه أن معرض أصداء يجمع خمسة عشر فنانا مغربيا معاصرا يقيمون في ستة بلدان، مشكلا بذلك على الأرجح سابقة من نوعها بالنظر لعدد المبدعين الذين جمعهم إبراهيم العلوي مندوب المعرض وتنوع مساراتهم وأعمالهم إنه معرض معبر على عدة مستويات وبذلك تؤكد هذه التظاهرة، إذا كان الأمر في حاجة إلى تأكيد، الغليان الذي تعرفه الساحة الفنية المغربية التي تعيش منذ عقد تطورا هاما مع بروز العديد من المبدعين الجدد، وتزايد شغف الجمهور، والانخراط المستمر والحيوي للمؤسسات العمومية والخاصة، وافتتاح الأروقة، وتزايد الأعمال والمنشورات، ولا شك أن الافتتاح المنتظر لمتحف الفن المعاصر بالرباط دليل على هذه الدينامية التي تحظى بعناية واهتمام متواصلين من طرف جلالة الملك محمد السادس، وفي خضم هذه الحركة الدؤوبة والخصبة، يشهد هذا المعرض أيضا على التحولات التي تشهدها الهجرة والإبداع المغربيين، ويكشف فنانو «أصداء» وبعضهم من أبناء الهجرة عن سيرورة التشبيب والتأنيث التي ما فتئت الجاليات المهاجرة تعرفها، وعلى الرغم من قلة عددهن، فإن حضور فنانات شابات يظل معبرا لكونه يحمل إشارة لما أضحت عليه هذه الهجرة اليوم، وهي إشارة تزداد وضوحا يوما بعد يوم بشكل يستحيل تجاهله، وباستقرارها في مناطق عدة من العالم، تربط أعمال هؤلاء الفنانين، الذين لم يهاجرو من أي مكان، علاقة حيوية ومتشبثة وخصبة مع الأصل تتجدد باستمرار.
وأضاف اليزمي أن هذه التظاهرة، تؤكد إذا كان الأمر في حاجة إلى تأكيد، الغليان الذي تعرفه الساحة الفنية المغربية والتي تعيش منذ عقد تطورا هاما مع بروز العديد من المبدعين الجدد، وتزايد شغف الجمهور، والانخراط المستمر والحيوي، للمؤسسات العمومية والخاصة، وافتتاح الأروقة، وتزايد الأعمال والمنشورات.
وبالنسبة لفنانين ولدوا بالوطن، فإن انفتاحهم على الإبداع العالمي بديهي كما تبرز ذلك مساراتهم وأعمالهم، فباندراجهم في حركية التنقل العالمي التي بدونها يستحيل أي إبداع أصيل أو حامل لخصوصية معينة، وانفتاحهم على البعد العالمي بتطوراته، ورغبتهم في معرفة العالم بأزماته العديدة وثرائه الثقافي، فهم خائضون في مواجهة الغير، إن المختارات المعروضة التي تجمع أعمالا متنوعة لوحات فنية، وصورا، ومبتكرات، وأشرطة فيديو، منحوتات لفنانين عرفت أعمالهم في ربوع العالم، تلخص دينامية ومسالك هؤلاء المبدعين، فما هي نقط التقائهم؟
ومن جهة أخرى عبر إبراهيم العلوي المدير الفني للمعرض عن انطلاق النسخة الأولى لمعرض مراكش الفني بقوله أن المدينة ونواحيها ستعرف مسيرة فنية مكونة من سلسلة معارض ولقاءات تدخل في صدى المعرض، وتحتفل بها المدينة الحمراء من خلال الإبداعات الفنية، في هذا الإطار يأتي معرض «أصداء» الفنانون المعاصرون من مغاربة العالم، هذه المبادرة الجديدة ستمكن المغرب من تقديم عدد كبير من الفنانين المنتمين إلى جاليته بالخارج، وتهدف من خلال جمع خمسة عشر فنانا إلى إبراز الروابط الجغرافية والثقافية وكذا العاطفية التي تغذي إبداعاتهم، هؤلاء الفنانون الذين يعيش معظمهم في أوروبا والقارة الأمريكية، يخوضون في مجالات إبداعية متنوعة رسم، وتركيب، وفيديو، وتصوير فوتوغرافي، لابتكار أعمال تربط بين الثقافتين، وتبرز صدى التداخل الإبداعي بين المغرب والعالم.
مؤكدا على أن الروابط والتبادلات التاريخية والإنسانية بين المغرب وأوروبا قد تضاعفت خلال القرن العشرين، بسبب الحملات الاستعمارية وحركات الهجرة، وشكلت امتدادا تاريخيا لهذا التقاطع بين ضفتي المتوسط، وقد شكل المغرب دوما أرضا للتلاقي والتفاعلات المتعددة، ومحل إقامة العديد من الفنانين المرموقين، مثل هنري ماتيس، الذي بحث عن نظرة جديدة ومتنفس آخر، والرعيل الأول من الفنانين المغاربة المعاصرين انتقلوا نحو أوروبا في الخمسينات بحثا عن معارف جديدة ومن أجل اكتشاف معالم الحداثة قبل أن ينقلوا تجاربهم إلى بلدهم الأم، وقد مكنت عودة هؤلاء الفنانين في سنوات الستينات من المساهمة في تطوير حياة ثقافية أصيلة ومثمرة، معتمدين في خدمة الإبداع على التآزر المبني على الابتكار والتميز، وكذا التكامل والتباين في الذهاب والإياب بين ضفتي المتوسط، وإذا كان فنانو الأمس قد انطلقوا مدفوعين بالرغبة في الاكتشاف والحوار وأيضا الحرية، فإن فناني اليوم أمكنهم الفرار بسهولة أكبر بفضل العولمة التي سهلت عملية التنقل، ولعل حركية الثقافات في هذا السياق قد غدت مجالا مشتركا، ولكنها مع ذلك تحتفظ بطابع التحدي في عالم تسوده العولمة كما هو مشكل اليوم».
طيور مهاجرة تخيم على فضاء مراكش، ليست مجرد طيور تتوق إلى معانقة صدر الأم الدفيء الأصلي والأولي، ليست بالطيور العادية مطلقا، طيور زاهية الألوان ستصبغ ألوانها على فضاء المدينة الحمراء، شهرين هي مدة رحلة ستأخذ عيون المراكشيين وضيوف المدينة إلى فضاءات الجمال ورحابه الزاهية بالتعبيرات الفنية المشعة بالاضواء، الظلال والألوان، فهنيئا لمراكش لأنها تضيف الى سجلاتها كأرض للقاءات الكبرى هذا اللقاء الفني والثقافي الرائع، لأن الإبداع و الجمال لا يليقان بأهلهما».
المصدر: بيان اليوم