"من هذا المكان انطلقتُ وإليه عدتُ". جملة معدودة الكلمات لكنها تعبر عن مسيرة رياضية حافلة. لعب إلى جانب الكبار أمثال يوهان كرايف، ماركو فان باستن، رايكارت وغيرهم من أيقونات كرة القدم الهولندية. ثم أصبح مدربا في إمارة خليجية، والآن يدرب فريقا للهواة ولكن بهمة المحترفين. إنه عزيز ذو الفقار أول لاعب من أصل مغربي يحترف كرة القدم في البطولة الهولندية. "كل ذلك فات، والحمد لله كسبت الصحة".
الأول
عشاق كرة القدم يستذكرونه كأول لاعب من أصل مغربي يزامل الكبار في البطولة الهولندية. بدأ كلاعب مغمور في إحدى فرق الهواة بمدينة ليليستاد (شمال)، ثم مارس مع عمالقة الكرة الهولندية أمثال يوهان كرايف وماركو فان باستن ورايكارت وكيفت وأسماء كروية وازنة تعد الآن علامات بارزة في تاريخ كرة القدم الهولندية. وها هو يعود الآن من حيث انطلق في بداية السبعينات من القرن الماضي ليدرب فريق الهواة إيس. في. ليليستاد 67، رغم تراكم خبرته الدولية وحصوله على شهادات الكفاءة في التدريب. ليس المال هو الهدف، وإنما قميص الفريق وراحة الضمير، والأهم من كل هذا مساعدة الشباب، يؤكد عزيز لإذاعة هولندا العالمية.
"أولا لا يهمني المال، وثانيا أنا هنا أساعد اللاعبين الهواة لشق طريقهم نحو المستقبل، كونهم لا يتوفرون على الحظ الذي توفر لدي حينما بدأت أنا مسيرتي. ولذلك أقوم أنا وأخي الذي يدير أعمالي بتوجيه الشباب نحو الاحتراف".
سند
وجد عزيز في بداية مشواره الكروي عائلته الصغيرة بجانبه. كان هو وأخوه الوحيدين من أصل مغربي يواظبان على التدريب واللعب وسط لاعبين هولنديين. ومع أنه لم يلق أدنى نفور من زملائه الهولنديين، إلا أن الخطوات نحو الاحتراف والقمة تطلبت بالتأكيد العزيمة والثبات، والكثير من التضحية.
"حينما بدأت مع فريق أياكس (أمستردام) في عام 1978 كلاعب محترف، كنت اللاعب المغربي الأول في الفريق. كانوا يحبونني كثيرا، ولكن ذلك لم يكن كافيا. كان علي أن أكد وأعمل لأحافظ على مكاني كمحترف".
وصل عزيز ذو الفقار (46 سنة) إلى هولندا سنة 1974 قادما من الدار البيضاء المغربية مع والديه وهو في سن العاشرة. انظم مباشرة للفريق المحلي للصغار هو وأخوه. ولكن بدايته الحقيقية كانت في شوارع الدار البيضاء. "لا يمكن أن تصبح لاعبا حقيقيا إذا لم تمارس في الشوارع"، يقول عزيز وعيناه لا تفارقان فريقه الحالي المكون من أعراق مختلفة. "فيهم المغاربة والأتراك والسوريناميين والإندونيسيين والهولنديين. وكلهم إخوة".
مربي
بعد الممارسة في هولندا، قضى عزيز حوالي عشرين سنة كلاعب محترف في البطولة البرتغالية. وفي البرتغال حصل على شواهده كمدرب محترف ثم انتقل إلى إحدى إمارات الخليج (دبي) لمزاولة مهنة التدريب لفترة قبل أن يعود إلى البرتغال. وقبل سبع سنوات قرر العودة إلى هولندا كلاعب أولا ثم مدربا. "ابني هو الذي أعادني إلى هولندا. كان ابني لا يتحدث إلا البرتغالية (أمه برتغالية) فقررت أن أعود إلى هولندا لكي يتعلم ابني اللغة ويتواصل مع أفراد الأسرة والعائلة".
إلى جانب عمله كمدرب يعمل عزيز ذو الفقار حاليا كمساعد اجتماعي ومرب في بلدية درونته (شمال)، وذلك في إطار برنامج يرمي لجمع الشباب وتأهيلهم وإدماجهم في المجتمع. وتشكل الرياضة بكل أنواعها العمود الفقري لهذا البرنامج.
عزيز النفس
كانت لعزيز تجربة قصيرة مع الكرة المغربية، فلقد نودي عليه في العام 1983 أثناء إعداد المنتخب المغربي لبطولة كأس العالم في المكسيك (1984)، إلا أن المدرب كو أدريانسه الذي كان يدرب آنذاك فريق زفوله (PEC Zwolle) حيث كان عزيز لاعبا رئيسا في صفوفه، منعه من الالتحاق بالمغرب بسبب "المباراة المهمة ضد فريق آدو دينهاخ (ADO Den Haag) التي فزنا فيها وصعدنا للقسم الممتاز (مايو 1984)". وبعد ذلك انظم ذو الفقار للفريق المغربي الأولمبي وشارك في كأس "دورة فلسطين". "كانت أياما جميلة، والتقطت لنا صور مع الملك. لكن كل ذلك فات".
على الرغم من خبرته الكروية على المستوى الأوربي واحتكاكه بعمالقة كرة القدم الأوربية وحصوله على كفاءة التدريب على المستوى العالي، ظل عزيز ذو الفقار بعيدا عن عين الجامعة الملكية لكرة القدم، ولم تتصل به حتى على سبيل الاستئناس بالرأي.
"لم يتصل بي أحد، ولكن هذا لا يهمني بتاتا. أنا أقول دائما: الحاجة الوحيدة التي أملكها هي نفسي".
المصدر: إذاعة هولندا العالمية