استعرض السفير المندوب الدائم للمغرب لدى المنظمات الدولية في فيينا السيد عمر زنيبر، أمام الدورة الخامسة لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية المنعقدة اليوم الإثنين في العاصمة النمساوية، الجهود الدؤوبة التي يقوم بها المغرب في مجال محاربة الجريمة بكل أشكالها، سواء تعلق الأمر بالاتجار في الأشخاص وشبكات الهجرة السرية أو بالجريمة السيبرانية.
وأكد أن المغرب، الذي حقق مكاسب قانونية ومؤسساتية تندرج في مجموع الإصلاحات العميقة التي أطلقتها المملكة منذ سنوات عديدة تحت القيادة النيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، يعمل بشكل دؤوب ونشيط لمحاربة الجريمة بكل أشكالها.
واشار الدبلوماسي المغربي إلى أنه بالنظر إلى موقع المغرب الاستراتيجي الذي يشكل ملتقى بين إفريقيا وأوروبا، ومن منطلق وعيه التام بمسؤولياته إزاء شركائه، فقد اعتمد سلسلة من التدابير لمكافحة شبكات الجريمة، من ذلك القوانين المتعلقة بدخول وإقامة الأجانب، وتعزيز الإمكانيات البشرية والوسائل المادية للحيلولة دون استعمال المغرب كبلد للعبور أو كقاعدة لتهريب المهاجرين.
وذكر بأن المغرب اعتمد سنة 2007 استراتيجية وطنية لمحاربة الاتجار في الأشخاص، تهدف إلى ملاءمة مجموع الترسانة القانونية في اتجاه مزيد من النجاعة، من خلال تفعيل مسلسل المصادقة، خاصة على البرتوكول الملحق المتعلق بمنع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، وبروتوكول مكافحة تهريب المهاجرين عن طريق البر والبحر والجو، وكذا من خلال توسيع الحقل التشريعي والقانوني.
وأكد أن المغرب، في إطار محاربته للاتجار في الأشخاص، يأخذ في الاعتبار البعد الإنساني للمشكل بتقديم الإسعافات الأولية للضحايا ومساعدتهم على القيام بإجراءات العودة الطوعية لبلدانهم الأصلية في احترام تام للقانون الدولي الإنساني.
وبخصوص محاربة الجريمة السيبرانية، يضيف السفير الممثل الدائم، اتخذت الحكومة المغربية الإجراءات الضرورية لكي تكون المصالح المختصة في مستوى تطور أساليب الجريمة المنظمة التي تمضي بالوتيرة ذاتها التي يمضي بها التطور العلمي والتكنولوجي، وذلك بهدف اعتماد مقاربات جديدة للبحث والتقصي حول هويات المجرمين وتحديد أماكنهم، مشددا على الدور الذي يضطلع به التكوين في هذا المجال لتأهيل الموارد البشرية القادرة على التعاطي مع الميادين العلمية والمستحدثات التكنولوجية.
وذكر في هذا الإطار بالمخطط الخماسي الذي اعتمدته الحكومة من أجل تعزيز الموارد البشرية والوسائل المادية لمصالح الأمن من أجل تمكينها من التكيف مع التغيير الجذري الذي شهدته ميادين أنشطتها، موضحا أن هذا المخطط يروم وضع منهجيات للشرطة التقنية والعلمية تتيح لمصالح الأمن ضبط الأساليب التقنية التي تستعملها هذه الشبكات الإجرامية والمنظمات الإرهابية.
أما على الصعيد الدولي، يضيف السيد زنيبر، فقد صادق المغرب على العديد من اتفاقيات التعاون التقني مع دول الاتحاد الأوروبي التي تمثل الوجهة الرئيسية للمهاجرين غير الشرعيين، وكذا مع المنظمة الدولية للهجرة، أثمرت جميعها نتائج هامة ساهمت في تفكيك عدد كبير من الشبكات المختصة في الاتجار في الأشخاص، وبالتالي في انخفاض تدفق الهجرات غير الشرعية بشكل كبير.
وذكر بأن المغرب يساند مخطط العمل الشامل للأمم المتحدة لمكافحة الاتجار في الأشخاص الذي اعتمدته الجمعية العامة في يوليوز 2010، مضيفا أن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة "مدعو إلى وضع صندوق أممي تطوعي لضحايا الاتجار في الأشخاص خاصة النساء والأطفال".
وأوضح أن المغرب يرى أن هذه الآلية ستغطي المساعدة التقنية، فيما سيمثل مؤتمر الأطراف القاعدة الملائمة لتنسيق تطبيق مخطط العمل الشامل للأمم المتحدة لمكافحة الاتجار في الأشخاص.
وأضاف أنه من المهم الإشارة إلى أن المغرب احتضن العديد من المؤتمرات و الاجتماعات الدولية والإقليمية في هذا الإطار، خاصة المؤتمر الوزاري الأورو- إفريقي حول الهجرة والتنمية الذي يمكن اعتباره تحولا نوعيا هاما رسم توجها جديدا في التعاطي مع الهجرة، حيث تقدم المغرب بطلب إلى البلدان الأوروبية للمساعدة على اقتراح مشاريع تنموية للبلدان المصدرة للهجرة، ونقل التكنولوجيا إليها لتمكين المرشحين للهجرة من البقاء في بلدانهم الأصلية، والقيام بتفكيك شبكات الهجرة السرية التي لها صلات مع منظمات إجرامية ومع مهربي المخدرات والأسلحة.
وقال السيد زنيبر إن المغرب يعتبر أنه "بات من الضروري التفكير في تطور الجريمة المنظمة كظاهرة عالمية تستعمل فيها الشبكات الإجرامية كل الإمكانيات التي تتيحها التكنولوجيا الحديثة، وبذلك فإنه يتعين اتخاذ إجراءات فعالة ومتشاور بشأنها إذا ما أردنا مسايرة وتيرة تطور هذه الظاهرة وحل صلب المشكل والتقليل من مخاطره".
وخلص إلى أنه ينبغي، أخذا بالاعتبار البعد عبر الوطني لهذه الظاهرة، أن يصبح التعاون الدولي "اختيارا استراتيجيا لا محيد عنه من أجل المحافظة على سلامة وأمن مواطنينا ومجتمعاتنا وممتلكاتنا، وضمان حمايتها، إن هذا الاختيار يعني في المقام الأول أن تبادل المعلومات يشكل مسألة هامة بل ورئيسية في محاربة الجريمة المنظمة"، مشيرا إلى أنه بالنظر إلى تكاثر شبكات الجريمة المنظمة في العديد من البلدان عبر العالم فإن المغرب مقتنع بأن منظمة الشرطة الجنائية الدولية ( أنتربول)، تظل الإطار الأمثل للتعاون والتبادل السريع والفعال للمعلومات.
المصدر: وكالة المغرب العربي