الأجواء السياسية في هولندا تغيرت كثيرا بسبب الخوف من الأسلمة، لدرجة أدت إلى وجود شكل جديد من الصوابية السياسية. وبدل معانقي التعدد الثقافي، لدينا الآن من يعانق هينك وانغريد.
هينك وانغريد يمثلان المليون ونصف مليون شخص الذين صوتوا على خيرت فيلدرز في الانتخابات الماضية. خيرت فيلدرز قال أثناء حملته الانتخابية انه هنا لأجل هينك وانغريد، بدلاً من حزب العمل الذي يعمل لأجل أحمد وفاطمة، كما يرى فيلدرز.
شيطنة
هينك وانغريد يجدان نفسهما في حالة استياء وإحباط شديدة، بسبب أنهما تعرضل للإهمال والتجاهل لعقود طويلة من طرف الأحزاب الكبيرة، لدرجة أنهما لم يعودا يتحملان أي رأي معارض. من يشير مثلا إلى ان الإجراءات المقترحة من طرف حزب خيرت فيلدرز، حزب الحرية، تذكر بإجراءات الأبارتهايد في جنوب أفريقيا، يُتهم في الحين بأنه يساهم في شيطنة الحزب وبالتالي في ازدياد عدد مقاعده بالبرلمان.
تصور ان حزب خيرت فيلدرز وأتباعه استطاعوا نوعا ما ان يظهروا في الوقت نفسه كخاسر وكقوة يجب ان تضع لها حسابا، في الوقت نفسه. تناقض كبير في الأدوار.
دكتاتورية
خوف الأحزاب القائمة من حزب خيرت فيلدرز كبير لدرجة أنها تقوم بفعل أي شيء من اجل إرضاء هذا الحزب وأتباعه. لنذكر هنا مثلا نية إعادة طالبي اللجوء العراقيين إلى بلادهم الأصلية. حزبا الائتلاف الحكومي، الحزب المسيحي والحزب الليبرالي اتفقا، تحت صراخ وسعادة نواب حزب فيلدرز في البرلمان، في حين ان الوزير المعني يعلم علم اليقين أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان جعلت طرد اللاجئين مستحيلا. مع ذلك تفعل الأحزاب الحاكمة أي شيء لإرضاء حزب فيلدرز. ديكتاتورية هينك وانغريد.
يشكو هينك وانغريد من منع قول أي شيء عن المسلمين، ان هؤلاء الأجانب استولوا على البلاد مثلا وان حرية التعبير في خطر. لكن وفي نفس الوقت، لا يقبل هينك وانغريد باي انتقاد أو معارضة.. ودون أن يروا التماقض في هذه الحالة.
معالجات متعصبة
جزء ممن يعتبر نفسه من النخبة المثقفة ومن أصحاب الرأي والصحفيين، يتعامل بشكل أعمى مع الأمر، لدرجة انه أصبح هناك تابو جديد يدعى: نقد حزب فيلدرز وأتباعه. علينا ان نأخذهم على محمل الجد وان نحترم رغباتهم.
لكن من يحترم مشاعر ذوي التفكير السليم في هذه الأمة، الذين يشعرون بالإهانة بسبب المقترحات العنصرية لحزب هينك وانغريد وزرعه للكراهية؟ هذا القسم من الشعب، من الجادين وذوي العقول السليمة يتابعون بفزع النقاش الذي يسيطر عليه في هولندا أكثر الناس تعصبا وتهديدا للحرية. هذا القسم الواعي هو أكبر بكثير من عدد الصارخين اليمينيين، لكن صوته لا يسمح له بالسماع بسبب صراخ هينك وانغريد.
هذا القسم المفكر لن يصمت. دع النقاش يحتد، وتحتد معه الألسنة.
المصدر: إذاعة هولندة الدولية