حزب الحرية الذي يقوده خيرت فيلدرز حزب فاشي. هذا ما خلص إليه أستاذ الفلسفة الهولندي روب ريمن في مقال أرسل إلى كل أعضاء البرلمان
ويقول ريمن إنه لا يفهم لماذا يخشى الناس من أن يسموا الأشياء بأسمائها. حتى عقد التسعينات، اعتبرت الكارثة التي تسببت فيها الفاشية والنازية خلال الحرب العالمية الثانية، المعيار الأخلاقي في السياسة الهولندية. ومع ذلك، منذ أن بدأ النقاش حول الهجرة، وصعود خيرت فيلدرز، أصبح من المحرمات ذكر ذلك، وأي مقارنة بين حزب فيلدرز المناهض للإسلام وبين الفاشية اعتبر اصطياد في الماء العكر.
هذا هراء، يقول روب ريمن، فيلدرز فاشي بكل بساطة "لا أقصد من ذلك للإساءة إليه، إنه حكم موضوعي وتاريخي. يوجد تشابه كبير بين الفاشية وما يحدث الآن. وجد التاريخ لنتعلم منه، وإذا لم نفعل ذلك سنرتكب نفس الأخطاء".
أزمة
روب ريمن هو مؤسس معهد نيكسوس المرموق، الذي ينظم مؤتمرات كل سنة، لمفكرين بارزين مثل يورغن هبرماس، وفرانسيس فوكوياما لمناقشة وتحليل القضايا الرئيسية لعصرنا. مقالة ريمن حملت عنوان "التكرار الابدي للفاشية".
وفقا لريمن الفاشية ليست أيديولوجية حقيقية لها رؤية لكيفية تنظيم المجتمع. إنها تكتيك سياسي، وطريقة للتعامل مع أعراض معينة للأزمة التي يمر بها المجتمع. وما يميزها هو توجيه الاتهامات، وإثارة مشاعر الحنق، المخاوف، الاشمئزاز والكراهية. إنها دائما تحدد أكباش الفداء- اليهود، السود- المسلمين- باعتبارهم من يتحمل اللوم على كل شيء. دائما ما يتميز قائد مثل هذه الحركات بالكثير من الكاريزما، كما أن الحركة معادية للديمقراطية وللنخبة.
خيرت فيلدر، كما يقول ريمن تنطبق عليه كل هذه المعايير "ما يمكنك أن ترى بوضوح مع فيلدرز هو زراعة مشاعر القلق والخوف في المجتمع. ويلقى اللوم بسبب القلق في المجتمع على كبش الفداء وهم المسلمون. كما أنه قائد مستبد، وكاريزمي لديه قليل من الوقت للديمقراطية. بالضبط مثل الفاشيين الذين ظهروا في ثلاثينات القرن الماضي، حزب الحرية هو حركة أكثر منه حزب سياسي، وفيلدرز يتحاشى أي نقاش مع خصومه خارج البرلمان".
قيم روحية
العديد من الناس يربطون بين الفاشية والعنصرية، وتمجيد العنف، والدكتاتورية السياسية للنازية. ويضيف ريمن قائلا عليك أن لا تقارن بين فيلدرز وبين الشكل النهائي الذي ظهرت به الفاشية "قارن بينه وبين الفاشية في بدايتها، في العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي، عندها يمكنك أن ترى التشابه بينهما".
الفاشية هي نوع من الميكروب يندس تحت سطح الكتلة الديمقراطية، ويرفع رأسه في زمن الأزمات. والأزمة التي نحن نمر بها الآن هي أزمة اقتصادية، بالضبط كما حدث في ثلاثينات القرن الماضي، ولكنها أيضا أزمة حضارية. يعتقد روب ريمن أن الإنسان الحديث لا يهتم إلا بالكسب المادي.
"فقدنا التواصل مع القيم الروحية والرؤية المتعلقة بما يجب أن يكون عليه مجتمعنا. والأزمة الحضارية تقود إلى مشاعر الخوف، القلق، التي تضخمها الفاشية التي تعد بوعود فارغة لإقناع الناس بأنها تستطيع مساعدتهم".
السم
يرفض الفيلسوف الاتهامات بأنه لم يأخذ حزب الحرية الذي أيده مليون ونصف إنسان مآخذ الجد، كما أنه لا يلوم الناس الذين صوتوا لخيرت فيلدرز. صعود خيرت فيلدرز كما يقول ريمن، هو عيب في النخبة الأوروبية التي فشلت في القيام بواجبها في أجل تقديم قيم روحية للناس. وهذا ما خلق فراغا روحيا يمكن للفاشية أن تملأه مرة أخرى.
يقول روب ريمن إنه ليس لديه فكرة عن الحصيلة التي ستخرج بها الفاشية هذه المرة، ولكنه ليس متفائلا،ويضيف قائلا:
"الكراهية سم، كما رأينا في البلقان. هنا في هولندا شوهت المساجد، وفي الأسبوع الماضي طلي الصليب النازي المعكوف على بيت أحد نواب البرلمان عن حزب الحرية، هذا ما نحن ذاهبون باتجاهه. إهانات حزب الحرية تثير العدوانية، التي بدورها تقود إلى مزيد من العدوانية، وهنا نحن لا نزال نخشى من استخدام كلمة فاشية".
أضف الموضوع أو ابحث بواسطة:
المصدر: إذاعة هولندة الدولية