لقاء الصحافيين المغاربة في المهجر، المنظم في مدينة الجديدة خلال أيام 4 و 5 و 6 من هذا الشهر، من طرف مجلس الجالية المغربية بالخارج للصحافيين المغاربة بالخارج، وهيأة الحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع، سمح بطرح مجموعة من الأسئلة حول صحافة المهجر، و دور الصحافيين المغاربة في الخارج، و رهاناتهم، و تحدياتهم المستقبلية، وصورة الهجرة و المغرب، في مرآة الغرب الأوروبي و الأمريكي .
تجمع صحافة المهجر بين سؤال المهنة الإشكالي، وواقع الهجرة، الحابل بتفاعلات الاغتراب، و صراع الصحافي اليومي، في مواجهة الصورة السلبية التي يرسمها الغير الأوروبي أو الأمريكي عن المغربي و العربي. فالصحافي المغربي المهاجر غادر وطنه، و منشأه الأول، بحثا إما عن أفق جديد، أو شروط مهنية أفضل، أو دخل مالي مناسب. هذا أمر نفهمه جميعا، عندما نحلل الوضع الصحفي، و الإعلامي المغربي، و الذي أشارت دراسة الباحث "سعيد السولامي"، والمقدمة ضمن فعاليات هذه اللقاء، إلى أنه" لا يستجيب لانتظارات الصحافيين المغاربة في الخارج ".
الصحافي المغربي لابد أن يساءل وضع مهنة الصحافة، وتحدياتها، و رهاناتها الجديدة، في ظل الثورة التكنولوجية والتقنية، التي تعيد النظر لا محالة في سؤال ماهية الصحافة ذاتها، و علاقتها بمجالات أخرى تتفاعل معها، بل و تؤثر على عملها في العديد من الأحيان، كالعلاقات العامة، وتقنيات الدعاية ، والتواصل العمومي .. ترى كيف يمكن للصحافة أن تحافظ على طبيعتها، و خصائصها في ظل ما يسمى "بصحافة المواطن" و اتساع شبكة الأنترنيت؟ هل ما زال للصحافي دور يمكن أن يلعبه في عالم اليوم ؟
الصحافي المغربي في المهجر، يواجه سؤال الصورة النمطية الأوروبية،و الأمريكية، عن المغربي، الذي أضحى كصورة العربي عموما، مرادفا للإرهابي، و المتطرف، و العنيف ضد المرأة، و الممارس لجرائم الشرف.. الصحافيون المغاربة في المهجر، لا يمكنهم مواجهة هذه الصورة المتداولة بشكل ضيق و سطحي، إلا بتفكيك المشهد الإعلامي في بلدان الهجرة، و معرفة حجم، و طبيعة عملهم الإعلامي، لان الصورة كيفما كانت طبيعتها، هي صناعة، و تجارة ، تخترق التمثلات، و الأحكام، و الشعور، و اللاشعور الإنساني، و تشارك فيها أطراف، لا ترتبط بالضرورة بمجال الإعلام، كأجندة الحكومات، و سياستها، و اللوبيات السياسية الضاغطة، و سوق الكتاب و النشر، و البحوث العلمية، و السينما و غيرها .
صحافة المهجر تستحضر بالضرورة واقع الإعلام المغربي، و خاصة مجال السمعي البصري، الذي لا يزال غير مقنعا بالنسبة للعديد من أهل الاختصاص، بل يسجل تراجعا ملحوظا في نوعية نتاجاته، (مع بعض الاستثناءات) ، بالرغم من بعض الجهود المبذولة، بل لا يستجيب للتحديات العالمية الحالية . أما الإعلام المغربي المكتوب، فقد أبرزت دراسة للباحث "ادريس عيساوي"، خلال لقاء الجديدة، "أنه يقوم بمعالجة موسمية تستعمل فيها صيغ مبالغة في التعامل مع ظاهرة الهجرة، أما خطه التحريري فيتسم بالتماثل والتشابه، دون أدنى تميز أو اجتهاد فعلي".
سؤال صحافة المهجر سؤال مؤرق وصعب، و يحتاج إلى لقاءات ووقفات متتالية، و إستراتيجية واضحة، سندها إرادة حقيقية لتطوير الإعلام المغربي ، تشارك فيها أطراف رسمية، و غير رسمية، من أهل الاختصاص، وفي سياقها يتم إشراك الكفاءات الصحفية المهاجرة، و الاستفادة من مخزونها المعرفي و العلمي و المهني، وفق مشاريع صحفية و إعلامية، يلتقي فيها الفردي والجماعي .
محمد نبيل • صحافي مغربي مقيم في برلين
المصدر: الحوار المتمدن