أكد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، أمس، عزمه وضع سقف لقبول المهاجرين القادمين من دول غير تابعة للاتحاد الأوروبي، وربط من ناحية أخرى بين الهجرة الرافضة للاندماج و«إزعاج» القاطنين في بعض المناطق.
لكن هذا الموقف الذي أبداه كاميرون، زعيم حزب المحافظين، جاء وسط تحفظ من شريكه الأصغر في الائتلاف الحكومي، حزب الليبراليين الديمقراطيين. واعتبر وزير التجارة فينس كابل، التابع لليبراليين الديمقراطيين، أن رئيس الوزراء لم ينتق كلماته «بشكل حكيم»، وأن الهدف الذي أعلن عنه يعبر عن سياسة حزب المحافظين وليس الائتلاف الحكومي. إلا أن كاميرون عاد معلقا على هذا التصريح وقال إن كلماته كانت «موزونة».
وكان البرنامج الانتخابي لحزب المحافظين لانتخابات عام 2010 قد دعا، في ملف تسقيف عدد المهاجرين الذين تقبلهم المملكة المتحدة، إلى «العودة لمستويات التسعينات، أي عشرات الآلاف سنويا وليس مئات الآلاف». بيد أن اتفاق شريكي الائتلاف تعهد فقط بوضع «حد سنوي» للناس الذين يفدون إلى بريطانيا من خارج دول الاتحاد الأوروبي لأسباب اقتصادية دون التقيد بأرقام محددة.
إلا أن كاميرون قال في محاضرته التي ألقاها بمدينة ساوثهامبتون الساحلية الجنوبية، أمس، إن سقف الحكومة بشأن أعداد المهاجرين «يعني أن عدد المهاجرين القادمين إلى هذا البلد سيكون في حدود عشرات الآلاف سنويا، وليس مئات الآلاف مثلما شهدنا في العشرية السابقة».
وفي أول خطاب شامل له حول موضوع الهجرة، اعتبر كاميرون أن بعض المهاجرين الذين يفدون إلى بريطانيا دون أن يكونوا قادرين على تعلم اللغة الإنجليزية أو راغبين في الاندماج، قد تسببوا في «نوع من الانزعاج في بعض الأحياء». وأضاف «كانت تلك تجربة كثيرين في هذا البلد، وأعتقد أنه ليس من الصدق وليس من العدالة عدم التحدث عن ذلك». وأشاد كاميرون بإسهام المهاجرين في المجتمع البريطاني لكنه قال إن إخفاق بعضهم في تعلم اللغة الإنجليزية قد قسم المجتمع.
وفي دفاعه عن سياسة وضع سقف لأعداد المهاجرين، قال كاميرون إن «الهجرة الشاملة» قد خلقت «ضغوطات جدية في مجالي الإسكان والخدمات». كما انتقد بشدة اعتماد كثيرين على الرعاية الاجتماعية بدل البحث عن فرص عمل. وقال إن إنهاء ثقافة المساعدات الاجتماعية وخفض الهجرة يعدان «وجهين لعملة واحدة». واعتبر أن الحكومة لن تتمكن من الحد من الهجرة ما لم تواجه مشكلة سياسة الرعاية الاجتماعية.
وأسهب كاميرون في الحديث عن مساعي الحد من الهجرة غير الشرعية، والتخلص من حالات طلب اللجوء العالقة، فقال إن الجهود في هذا المجال «تشتغل» بطريقة جيدة. وتعهد خصوصا بمحاربة «الكليات الوهمية التي تمنح شهادات وهمية كغطاء للحصول على تأشيرات وهمية». وشدد أيضا على «قطع العلاقة» بين منح الناس تأشيرات عمل مؤقتة والسماح لهم بالإقامة بشكل دائم في البلد.
وهاجم كاميرون بشدة سياسات حزب العمال في تعاطيه مع ملف الهجرة، قائلا إن الحزب الحاكم سابقا أشرف على أكبر عملية تدفق للمهاجرين في التاريخ البريطاني. واعتبر أن عدد المهاجرين القادمين إلى بريطانيا بين عامي 1997 و2009، قد ارتفع بمليونين و200 ألف شخص. ولمح محللون سياسيون إلى أن خطاب كاميرون بشأن الهجرة كان شعبويا، مشيرا إلى أنه جاء قبل أسبوع من الانتخابات المحلية. وانتقدت أحزاب المعارضة بدورها سياسة كاميرون بشأن ملف الهجرة. فقد اتهم حزب العمال، الذي يمثل المعارضة الرئيسية في البلاد، كاميرون بأنه «ليس واضحا مع الناس» في موضوع الهجرة، مشيرا إلى أن السقف الذي أعلن عنه يطال فقط 20% من المهاجرين القادمين من دول غير أعضاء في الاتحاد الأوروبي، بينها تقوم الحكومة بتسريح 500 موظف في وكالة الحدود. وقالت ايفيت كوبر، وزيرة الداخلية في حكومة الظل «في حين يقوم بخفض نوع من تأشيرات الطلاب فإنه يوسع أخرى، وهي تأشيرات الطلاب السياح، والتي لا يجري عدها ضمن أرقام الهجرة». وأضافت «لقد قدم تعهدات كبرى بشأن مستوى الهجرة، لكنه لم يقدم أي سياسات عملية وشفافة حول كيفية تحقيق ذلك».
كذلك قال نايغل فاراغ، زعيم حزب الاستقلال (يوكيب)، الذي يعارض بشدة وجود بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، إن سياسات الحكومة لن تسفر سوى عن القليل في موضوع الهجرة بسبب «الحدود المفتوحة» مع الاتحاد الأوروبي. لكن الوزير العمالي السابق، فرانك فيلد، والذي يرأس مجموعة متعددة الأحزاب بشأن الهجرة، قال إن كاميرون ينتهج «سياسة صحيحة» بشأن الهجرة، تتطلب من أولئك الذين يرغبون في الإقامة في بريطانيا تحدث أساسيات اللغة الانجليزية، وتجعل من الصعب على الذي يأتون للعمل، الحصول على الجنسية.
15-04-2011
المصدر/ جريدة الشرق الأوسط